أنجامينا تستفيق وتبدأ حصر قتلاها في الشوارع.. والحكومة ترفض دعوة المعارضة وقف النار

الحكومة التشادية تتهم السودان بالسعي لصوملة تشاد .. والخرطوم ترفض اتهامات أميركية بدعم المتمردين

مركبة مدمرة في أحد شوارع أنجامينا (أ.ف.ب)
TT

رفع معارضو الرئيس التشادي إدريس ديبي أمس الراية البيضاء مطالبين بوقف للنار بدأوه يوم الجمعة الماضي عندما هاجموا الرئيس في العاصمة وحاصروه داخل قصره، قبل ان تنهار قواتهم وتغادر العاصمة. لكن الحكومة التشادية رفضت وقف النار معتبرة انهم «سحقوا». وحصدت المعارك التي دارت لعدة ايام عشرات القتلى ونحو الف جريح حسب منظمات تابعة للامم المتحدة، فيما فر ما بين 15 الى 20 الف تشادي الى الكاميرون وحدها.

ودعا الحزب الحاكم في تشاد، في اول بث لاذاعة انجامينا التي دمرت خلال الاحداث الاخيرة، أعضاءه لاجتماع عاجل، وبدأت عمليات حصر الخسائر المادية والبشرية.

وابلغت مصادر تشادية مطلعة «الشرق الاوسط» ان الاوضاع في انجامينا تسير الى الافضل، وان الحكومة تجري عمليات حصر للقتلى الملقاة جثثهم في شوراع المدينة، وقالت إن اعداد القتلى كبيرة من المتمردين الذين خلفوا وراءهم جرحى تم نقلهم الى المستشفيات. واضافت «ليس هناك رقم محدد للقتلى والجرحى لأن عمليات الحصر ما زالت جارية ويمكن ان تأخذ بعضاً من الوقت وستصدر الحكومة بياناً حال فراغها»، لكن اللجنة الدولية للصليب الاحمر اعلنت ان المعارك اوقعت الف جريح على الاقل.

وقال المصادر التشادية إن الحكومة تقوم حاليا باستجواب للأسرى، وان عمليات مطاردة جيوب المتمردين اصبحت خارج العاصمة. وقالت المصادر ان الحكومة استعادت خدمات الكهرباء في كافة انحاء إنجمينا الى جانب اعادة جزء من خدمة الهاتف ـ في اشارة لعودة الحياة الى طبيعتها جزئياً ـ واضافت أن مرافق ومؤسسات حكومية الى جانب الاسواق الكبيرة تم تدميرها تماماً عن قصد وبشكل ممنهج.

من جهته قال سفير تشاد في واشنطن الدكتور محمود ادم بشير لـ«الشرق الاوسط» إن الاوضاع الانسانية مأسوية للغاية نتيجة لعدوان المتمردين على العاصمة. واضاف «ليس نقص الغذاء وعمليات النهب وحدهما اللتين تشكلان المأساة فقط بل الرعب والعامل النفسي للمواطنين والاجانب هو الاكبر»، مشيراً الى ان استعادة الامن بالكامل في انجامينا اصبحت واضحة، وقال ان الرئيس التشادي ادريس ديبي سيلقي خطابه للشعب وللعالم في الساعات القليلة المقبلة ليعلن للشعب والعالم بأسره عودة الحياة الى طبيعتها في كل البلاد.

وجدد آدم بشير اتهاماته للحكومة السودانية قائلا ان «الخرطوم ارسلت 4 رؤساء لتشاد من قادة التمرد، حتى وان سقط النظام يتقاتل هؤلاء مع بعضهم وتصبح صوملة جديدة في افريقيا»، وتابع «الهدف عرقلة نشر قوات الاتحاد الاوروبي في شرق تشاد والقوات الدولية في دارفور ولتعم الفوضى في تشاد». وقال «ان ما تقوم به الحكومة السودانية تحد سافر لقرارات مجلس الامن الدولي وللرأي العام العالمي وفيه عنجهية واستعلاء» واضاف «دولتنا تحتضن لاجئين من السودان وما فعلته الحكومة السودانية يعد مثل جزاء سنمار».

وعلمت «الشرق الاوسط» أن وفداً من الاتحاد الافريقي يتوجه الى انجامينا بغية الوصول الى حل سلمي للأزمة القائمة في اعقاب الهجوم الذي نفذته قوات المعارضة، فيما قالت المعارضة إن بعض قواتها لا تزال داخل العاصمة إنجمينا وانها انسحبت من امام القصر الرئاسي بطلب من الوسطاء.

وكشف الناطق الرسمي باسم المعارضة التشادية عبد الرحمن غلام الله عن تقدم كل من ليبيا وبوركينا فاسو بمطالبة لإجراء مفاوضات بين الاطراف التشادية بعد موافقة المعارضة على وقف اطلاق النار منذ يومين. واضاف «نحن التزمنا بوقف اطلاق النار ولكن الحكومة قصفتنا صباح أمس بالطائرات ورفضت المفاوضات». وأردف «نحن الآن في وضع حرب وما زلنا نحاصر العاصمة وسنقوم بهجوم في اي لحظة اذا فشلت الوساطة».

من جهتها أعلنت الحكومة التشادية رفضها لأي صلح مع المعارضة من خلال حديث لرئيس الوزراء نور الدين كثير بثته الاذاعة التشادية التي عاودت بثها ظهر أمس وتوعد نور الدين في حديثه مطاردة المعارضة. وأفادت مصادر من داخل انجامينا بان المواطنين ما زالوا ينزحون الى دولة الكاميرون المجاورة وان التيار الكهربائي عاد الى بعض المناطق فيما لا تزال شبكة الاتصال مقطوعة والقصر ما زال محاصرا بالقوات الحكومية، وان الشعب لا يعلم عن الرئيس ادريس ديبي سوى وجوده داخل القصر. وأعلنت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة ان هناك بين 15 وعشرين الف تشادي لجأوا الى الكاميرون في الايام الاخيرة هربا من المعارك.

من جهتها رفضت الحكومة السودانية اتهامات اميركية بتقديم الدعم للمعارضين التشاديين. وكانت واشنطن قد قالت «يتعين على الخرطوم التوقف الفوري عن دعم المتمردين في تشاد»، مشيرة الى انها اجرت اتصالات على اعلى مستوى بالمسؤولين السودانيين لمناشدتهم بالكف الفوري عن اي دعم تقدمه الخرطوم لمتمردي تشاد. وقال المستشار الصحافي للرئيس عمر البشير، محجوب فصل بدري، إن حكومته لم تتلق اية اتصالات من الادارة الاميركية بشأن الاوضاع في تشاد.

وفي أول رد من الحركة الشعبية لتحرير السودان، الشريك مع المؤتمر الوطني في الحكومة التي تتهمها انجامينا بغزوها، اكدت الحركة حرصها على ضرورة الحفاظ على سيادة الآخرين واستقرار بلادهم، وقال نائب الأمين المتحدث الرسمي بإسم الحركة الشعبية ياسر عرمان في رده على سؤال حول موقف الحركة الشعبية من الأحداث الجارية في تشاد إن الموقف الذي تلتزمه الحركة الشعبية، كما في السابق، سيكون دوماً ضرورة العمل على تطبيع العلاقات مع كافة دول الجوار ومن ضمنها تشاد، كما حدث من قبل مع إريتريا لمصلحة استقرار جميع البلدان، وقال «في حالة تشاد على وجه الخصوص نحن مع كل ما من شأنه أن يؤدي الى استقرار تشاد ويعجل بحلول منصفة وعادلة لقضية دارفور»، وأضاف «استقرار السودان من استقرار تشاد، واستقرار تشاد من استقرار السودان»، مبيناً أن ما يحدث في تشاد ستكون له آثار عميقة على دارفور حاضراً ومستقبلاً، وبالتالي على السودان.