مسؤول أميركي: الوقت غير مناسب سياسيا للمساس بالحصة التموينية في العراق

قال لـ «الشرق الأوسط» إن الفساد «سرقة مباشرة» للأموال العامة و«لا يمكن قياسه»

TT

يعتبر نهوض الاقتصاد العراقي من ابرز الأولويات لدى الحكومتين العراقية والاميركية لأسباب عدة، اهمها ترسيخ حالة نسبية من الاستقرار الامني وانتقال العراق من حال الاضطراب ما بعد حرب 2003 الى مرحلة انتقالية تضمن مستقبله على المدى البعيد. وشرح مسؤول أميركي مطلع على حيثيات الاقتصاد العراقي التحديات التي تواجه الاقتصاد العراقي، بما فيها 110 مليارات دولار من الديون ونسبة البطالة التي تقدر بـ 18 في المائة بينما نسبة الذين يعملون دون مستواهم تصل الى 50 في المائة. وصرح السفير تشارلز ريس، الوزير المفوض للشؤون الاقتصادية منسق الانتقال الاقتصادي في السفارة الاميركية لدى بغداد، بأن «هناك الكثير من الفساد في العراق وهناك مشاكل كثيرة متعلقة بذلك مثل تمويل التمرد ونظرة الشعب للحكومة، ويجب معالجته». وأضاف في حوار مع «الشرق الاوسط» خلال زيارة الى لندن، أن في اصدار العقود الحكومية هناك «توازنا بين الفعالية والشفافية؛ فإذا تصرف الاموال بسرعة يصبح من السهل سرقتها». وتابع: «المشاكل اقل ارتباطاً بمنح العقود بل في السرقة المكشوفة للاموال العامة وسرقة النفط من الشوارع وعمليات الخطف». ولفت الى ان من مشاكل مواجهة الفساد «صعوبة قياسه، فلا توجد آلية يمكن الاعتماد عليها لقياس الفساد ولكنه موجود من دون شك». وبالاضافة الى الفساد، تعتبر ديون العراق من الاعباء الكبرى على اقتصاد البلاد. ورداً على سؤال حول الدور الذي يمكن ان تلعبه الولايات المتحدة في حث الدول التي لم تطفئ الديون العراقية بعد، قال ريس: «اننا ندعم جهود الحكومة العراقية»، من دون ان يعطي تفاصيل عن دور الولايات المتحدة المباشر. ويذكر انه بنهاية عام 2007، قدر الدين العراقي بـ101 مليار دولار، بينما يتوقع ان يصل الى 110 مليارات دولار بنهاية العام الحالي. وشرح ريس: «من الدول الكبرى في نادي باريس التي لم تطفئ الديون العراقية حتى الآن هي روسيا، ولكن هناك اتفاقية مبدئية مع وزارة المالية العراقية لحل هذه القضية». وبالنسبة الى دول جوار العراق وخاصة الكويت والسعودية، حيث يقدر الدين العراقي للكويت بـ27 مليار دولا وللسعودية بـ15 مليار دولار، قال ريس ان اطفاء هذه الديون يعتمد على الكويت والرياض. ولفت الى ان «هناك جانبين فيما يتعلق بالتزامات العراق المالية تجاه الكويت، من بينها التعويضات للكويت بسبب غزو العراق وهي 5 في المائة من ايرادات العراق النفطية، والجانب الآخر الديون التي يجب ان تخفض». وأضاف: «نشجع العراق والسعودية والكويت ان يتحدثوا عن هذه المسائل». وعن الدعم الذي يمكن للمجتمع الدولي ان يقدمه للعراق من الجانب الاقتصادي، قال ريس انه بموجب العقد الدولي مع العراق برعاية الامم المتحدة، يعتمد ذلك على «الاصلاحات التي تقوم بها الحكومة العراقية». وأضاف: «نأمل ان تدعم الاطراف المانحة مثل الاتحاد الاوروبي العراق من خلال النشاطات المباشرة في العراق». وأوضح ان التحسن الامني النسبي جعل «الاهتمام الدولي في العراق يزداد»، ولكنه أقر بأن ذلك الاهتمام مرتبط بتواصل التحسن الامني ووضع الآليات المناسبة للنشاط المالي في البلاد. وقال ريس إنه من الممكن ان يحقق العراق نمواً بنسبة 7 في المائة هذا العام مثلما توقع البنك الدولي بناءً على نمو في مجالات اقتصادية عدة، منها «مشاريع الاعمار الحكومية بناءً على ارتفاع اسعار النفط والخدمات الحكومية». واضاف: «على الرغم من ان الميزانية لم تقر بعد، خصصت مسودة الميزانية 400 مليون دولار لوزارة الصناعة من اجل اعمار صناعات محلية وحوالى 17 منشأة عراقية». وتابع ريس ان مشاريع خصخصة هذه الصناعات مؤجلة في الوقت الراهن لأسباب سياسية. ورداً على سؤال حول مصير الحصة التموينية التي تعتمد عليها شريحة كبيرة من الشعب العراقي، قال ريس: «الحكومة العراقية لا تنوي اجراء تغييرات للحصة التموينية بسبب التداعيات السياسية الحساسة لذلك، فعلى الحكومة ان تكون اكثر فعالية في شراء المواد الغذائية في الاسواق العالمية وتوفير الاموال». ولكنه اضاف ان هناك صعوبات متعلقة بتمويل الحصة التموينية؛ إذ خصصت مسودة الميزانية العراقية لعام 2008 التي مازالت تنتظر موافقة البرلمان 3 مليارات دولار لتمويلها. موضحاً ان «هذه نفس الميزانية التي خصصت للحصة التموينية لعام 2007، ولكن المشكلة ان الاسعار ارتفعت كثيراً الآن». وكان ريس قد ألقى محاضرة مساء اول من امس في كلية «مدرسة لندن للاقتصاد»، حيث عدد الانجازات في مجال الاقتصاد بما فيها رفع الانتاج النفطي الى معدل 2.4 مليون برميل يومياً خلال الربع الاخير من عام 2007 ومضاعفة نسبة صرف الميزانية لعام 2007 بعدما كانت 22 في المائة فقط عام 2006. ووجهت الى ريس تساؤلات عدة حول الدور الاميركي في العراق بما في ذلك التقارير حول شراء الولايات المتحدة برميل النفط العراقي بـ26 دولارا فقط، الامر الذي اعتبره ريس «هراء»، موضحاً ان «الولايات المتحدة كدولة لا تشتري النفط الخام من العراق والشركات الاميركية تشتريه بأسعار السوق».