فرنسا مستعدة للتدخل عسكريا لمساعدة ديبي.. واختلاف حول التعامل مع المعارضين

وزير الخارجية التشادي يهاجم السودان وموسكو تحذر من امتداد النزاع ومجلس الأمن الأفريقي قلق

TT

خرجت باريس من موقف الترقب الذي التزمت به بداية النزاع التشادي باتخاذ موقف أكثر وضوحا بوقوفها الصريح الى جانب نظام الرئيس إدريس ديبي والإعلان عن استعدادها لتوفير دعم أقوى بما في ذلك الدعم العسكري في حال تطور الموقف الميداني.

وبدت بوادر اختلاف في المواقف بين باريس ونجامينا إزاء التعامل مع حركة المتمردين. وتحث باريس على العمل الى وقف لإطلاق النار والذهاب الى وساطة بين الحكومة والمتمردين بينما يرفض الجانب التشادي الوساطة ووقف النار، مؤكدا أن حركة التمرد قد انتهت.

وتبدو الصورة من باريس أن فرنسا وجدت في البيان الذي صدر عن رئاسة مجلس الأمن والذي حث المجموعة الدولية على توفير الدعم للحكومة التشادية القاعدة القانونية والمشروعة التي يمكن أن تبرر وقوفها عسكريا، الى جانب نظام ديبي. واغتنم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي فرصة زيارة قام بها صباح أمس الى منطقة شارنت ماريتيم (جنوب غربي فرنسا) ليعلن أنه «إذا تعين على فرنسا أن تقوم بواجبها (إزاء تشاد)، فإنها ستفعل» مشيرا الى أن قرار مجلس الأمن «اصبح موجودا ويتعين ترك تشاد (يعيش) بسلام». وبحسب الرئيس الفرنسي، فإنه إذا تعرضت تشاد «لإعتداء» فإن لفرنسا «الوسائل للتصدي لهذا العمل المخالف لقواعد القانون الدولي».

وأمس، استقبل وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير نظيره التشادي أحمد علامي الذي قدم الى باريس من أديس أبابا حيث شارك في اجتماعات القمة الأفريقية. وحرصت باريس على الرد على ما أعلنته الحركات التي تقاتل نظام الرئيس ديبي التي أكدت أن الطائرات الفرنسية شاركت في المعارك التي حصلت الإثنين في العاصمة نجامينا ومحيطها. وقال وزير الدفاع هيرفيه موران أمس في تصريحات صحافية إن القوات الفرنسية «لم تتدخل عسكريا وبأي شكل من الأشكال» في المعارك وهو ما سبقه اليه الرئيس الفرنسي الذي أعلن أن الجيش الفرنسي «ليس موجودا هناك للتصدي بالسلاح لأي كان». وأعلن كوشنير في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التشادي أن «لا نية لفرنسا في التدخل عسكريا».

وقالت مصادر فرنسية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الدعم الفرنسي للحكومة التشادية حتى الآن الذي يندرج في إطار اتفاقيات التعاون العسكري «التقني» بين باريس ونجامينا تناول ثلاثة مجالات: توفير الوقود الضروري للقوات الحكومية ومدها بالمعلومات الإستخبارية التي تجمعها القوات الفرنسية الموجودة في محيط مطار العاصمة والتي تشغل طائرات حربية من طراز «ميراج أف1» وطوافات وأخيرا تقديم المساعدة اللوجستية لمعالجة المرضى ونقل المصابين.

وكانت فرنسا قد ركزت في الأيام الأولى من النزاع على أن مهمة قواتها هي حماية الرعايا الفرنسيين وإجلاء من يرغب منهم الى خارج تشاد. وأعلن كوشنير أن ما يزيد على ألف فرنسي وأجنبي أجلتهم القوات الفرنسية الى الغابون وبعضهم الى فرنسا. وترتبط باريس ونجامينا باتفاق تعاون دفاعي يعود للعام 1986 ولفرنسا قوات تصل الى 1450 رجلا مع وسائل قتالية وقوة نيران ضخمة. وسبق لفرنسا أن أنقذت نظام ديبي في أبريل (نيسان) من عام 2005 في ظروف شبيهة بالظروف الراهنة.

وفي المؤتمر الصحافي المشترك مع كوشنير، هاجم وزير خارجية تشاد أحمد علامي السودان الذي اتهمه بالوقوف وراء المتمردين. ووصف علامي المتمردين التشاديين بأنهم «ادوات العدوان السوداني» مضيفا أن الخرطوم تحركهم لمنع إرسال قوة «يوفور» الأوروبية. وكان يفترض بهذه القوة التي سيبلغ عديدها 3770 رجلا أن تبدأ انتشارها على الحدود مع دارفور من جهة تشاد وعلى أراضي جمهورية أفريقيا الوسطى في الأيام القريبة المقبلة. ولم يتبن كوشنير بهذا الشكل المباشر اتهامات نظيره التشادي للسودان واكتفى بالقول إنه «لا يعرف مدى الدعم السوداني» مضيفا أن «المتمردين الذين هاجموا تشاد جاءوا من السودان وكل الأسرة الدولية تعرف ذلك». وبدا الاختلاف بين الوزيرين في موضوعين إضافيين: التعامل مع الدعوة الى وقف إطلاق النار من جهة وموضوع الوساطة الأفريقية من جهة أخرى. فبالنسبة للموضوع الأول، أعرب كوشنير عن دعم بلاده للمساعي الأفريقية الهادفة لوقف إطلاق النار مرسلا بذلك إشارة الى المتمردين التشاديين الذين أعلنوا أنهم يقبلون «مبدأ وقف النار فورا». وقال كوشنير إن فرنسا تدعم التوصل الى وقف لإطلاق النار مخالفا بذلك ما كان أعلنه رئيس الحكومة التشادية نور الدين دلوه كاسيره الذي تساءل، في حديث للقناة الإخبارية الفرنسية «فرانس24» عن جدوى هذا الإجراء إذ أن «المتمردين لم يعودوا موجودين». وبرز تمايز بين باريس ونجامينا في موضوع متصل هو الوساطة الأفريقية التي تدعمها باريس وتبدو نجامينا متحفظة بشأنها إذ قال علامي «بين من ومن ستجري هذه الوساطة: هل بين تشاد والسودان أم مع المتمردين؟». وأعرب عن رفض حكومته التفاوض مع المتمردين الذين دعاهم الى التقيد بمضمون الإتفاقية المبرمة في 13 أغسطس (آب) الماضي في سيرت بين الحكومة وهذه الحركات. من جهته أعرب مجلس السلم والامن الأفريقي التابع للاتحاد الأفريقي عن قلقه البالغ إزاء الأوضاع السياسية الراهنة في تشاد وكينيا. وحذرت روسيا من «مخاطر امتداد» الاضطرابات التي تهز تشاد الى الدول المجاورة. واعلنت الوزارة ان «روسيا ترى انه لا بد من استقرار الوضع في اقرب وقت ممكن». وأدانت جمهورية افريقيا الوسطى امس «محاولة اطاحة» الرئيس التشادي ادريس ديبي، واكدت «دعمها المتجدد لنظامه المنتخب بصورة ديمقراطية». وفي برازافيل اعلن وزير الخارجية الكونغولي باسيل ايكوبي ان الكونغو سيرسل موفدين الى نجامينا سعيا وراء «حل سلمي» للازمة التشادية.