أوزبكستان وموسكو تؤكدان الشراكة الاستراتيجية لدعم نفوذهما في آسيا الوسطى

التعاون في مجال الطاقة من أبرز عناوينها

TT

مع اقتراب موعد الاستحقاق الرئاسي في روسيا يتواصل توافد رؤساء الكثير من بلدان الكومنولث في محاولة لتكريس ما سبق ان تحقق من انجازات متبادلة في العلاقات الثنائية واستيضاح آفاق مواصلة التعاون المتبادل مع الرئيس الجديد. وها هو إسلام كريموف رئيس اوزبكستان، بعد رئيسي مولدوفا وبيلاروسيا، وقبلهما رئيس اوكرانيا فيكتور يوشينكو، يصل الى موسكو في زيارة رسمية هي الاولى منذ انتخابه لفترة ولاية ثالثة يلتقي خلالها مع ديميتري ميدفيديف المرشح الاوفر حظا في سباق الانتخابات الرئاسية وسيرغي ايفانوف النائب الاول لرئيس الحكومة الروسية الذي يرأس اللجنة الحكومية الروسية الاوزبكية المشتركة الى جانب الرئيس فلاديمير بوتين بطبييعة الحال. وتأتي هذه الزيارة تاكيدا جديدا للنهج الذي اضطر كريموف الى اعلانه بعد احداث انديجان التي شهدت المواجهة الدموية بين المعارضة والقوات الحكومية في عام 2005 وكانت سببا في تحوله الى خطب ود موسكو ثانية لدعم مواقعه في مواجهة انتقادات الاوساط الغربية التي اتهمته بانتهاك حقوق الانسان وطالبته بالسماح لمراقبيها بمراجعة حقائق ما جرى في انديجان وحضور محاكمات المتهمين. ويذكر الكثيرون ان كريموف بادر آنذاك بالرد على ذلك باتخاذ قرار مطالبة واشنطن بسحب قواتها وإجلاء قاعدتها الجوية جنوبي البلاد التي سبق ان سمح بوجودها في اعقاب احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 ظنا منه انها قد تكون دعما يعوضه الحاجة الى موسكو بعد خروجه من معاهدة الامن الجماعي الموقعة مع عدد من بلدان الكومنولث في منتصف تسعينيات القرن الماضي. غير ان كريموف وبعد ان دانت له الاوضاع في بلاده بدعم مباشر من جانب روسيا والصين اللتين عاد لينضم الى تجمعهما المسمى بمنظمة «بلدان شنغهاي» مع عدد من بلدان آسيا الوسطى والى معاهدة الامن والجماعي لبلدان الكومنولث التي سبق وانسحب منها في عام 1999، ثم اتخذ قراره بالانسحاب من منظمة «غوام» التي تضم عددا من البلدان التي تتخذ موقفا مناوئا من موسكو ومنها جورجيا واوكرانيا ومولدوفيا واذربيجان. ومضى كريموف الى ما هو ابعد حين اعلن نهج الشراكة الاستراتيجية مع موسكو وتوسيع اطر العلاقات الاقتصادية والتعاون العسكري ما يتفق في حقيقة الامر مع رغبة وتوجهات الكرملين. وقد اعلن بوتين امس لدى استقباله كريموف انه يعرب عن ارتياحه لان تكون موسكو اولى محطات زيارات الرئيس الاوزبكي الخارجية، مؤكدا ان حجم التبادل التجاري بين البلدين زاد خلال العام الماضي بمقدار 37% ليبلغ ما يزيد عن ثلاثة مليارات دولار وهو الذي سبق ان قال إن موسكو تعتز بصداقتها وتحالفها الاستراتيجي مع اوزبكستان. وتقول المصادر ان الجانبين توقفا في مباحثاتهما طويلا عند التعاون في مجال الطاقة واتفقا حول اسعار عبور الغاز التي تشتريه روسيا من تركمانستان، عبر اراضي اوزبكستان في النصف الاول من عام 2008 بما يقدر بمائة وثلاثين دولارا لكل الف متر مكعب تزيد في النصف الثاني من العام الى 160 دولارا.

ومن الواضح ايضا ان موسكو تبدو اكثر اهتماما باستمالة اوزبكستان الى دعم مشروعها حول مد انابيب نقل الغاز عبر الاراضي الروسية بعيدا عن المشروع الذي يرعاه الاتحاد الاوروبي لنقل الغاز من اسيا الوسطى الى القارة الاوروبية بعيدا عن الاراضي الروسية والذي انضمت اليه اذربيجان وتركمانستان. وتقول المصادر الروسية ان روسيا تحاول الانفراد بشراء اكبر كميات من غاز بلدان اسيا الوسطى بما يكفل الحيلولة دون امتلاك بلدان الاتحاد الاوروبي الغاز الذي يمكن نقله عبر الخط الذي تريد تشييده بعيدا عن الاراضي الروسية.

ولعل هذه القضية تحديدا تبدو السبب المباشر الذي يدفع بلدان اوروبا ومعها الولايات المتحدة الاميركية الى التراجع عن موقفها السابق في مجال الدفاع عن حقوق الانسان في اوزبكستان والتحول نحو محاولة خطب ود طشقند انطلاقا مما قاله الرئيس الاوزبكي أخيرا حول ان بلاده تظل عند رغبتها في التعاون المتكافئ والاحترام المتبادل مع كل البلدان القريبة والبعيدة على حد سواء !. ويقول المراقبون ان البلدان الغربية بدأت تدرك عقم محاولات الضغط على اوزبكستان في ظل تزايد الوجود الروسي في اسيا الوسطى وهو ما تمثل أخيرا في قبول الامر الواقع حول انتخاب كريموف لفترة ولاية ثالثة لمدة سبع سنوات تضاف الى سنوات حكمه منذ تولى رئاسة اوزبكستان في عام 1989 اي قبل انهيار الاتحاد السوفياتي بعامين.