باريس: لا نملك خطة بديلة عن الخطة العربية وندرس مع «شركائنا» كل السيناريوهات المحتملة

TT

تتابع باريس عن كثب مهمة أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى في العاصمة اللبنانية «من غير أوهام أو توقعات خاصة»، وفق ما تقوله مصادر فرنسية رسمية حرصت على تأكيد دعم فرنسا التام لجهود الجامعة العربية ولوساطة موسى.

وترى المصادر الفرنسية أن موسى يستأنف مهمته في بيروت في «ظروف مختلفة» ولكنها أوضح «قياسا عما كان عليه الوضع في المرة السابقة حيث أن الموقف السوري من ترشيح العماد ميشال سليمان «خرج الى العلن» لجهة «تشكيك دمشق به ودعوتها عبر الوسطاء الى اختيار بديل له».

وقالت المصادر الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن باريس «تدرس مع شركائها والأطراف اللبنانية والعربية والدولية المهتمة بالملف اللبناني مختلف السيناريوهات» لما بعد الحادي عشر من الشهر الحالي، موعد جلسة مجلس النواب المقررة لمحاولة انتخاب سليمان.

غير ان باريس «حذرة» وتعتبر أنه بالنظر الى «المناخ» الحالي والصعوبات القديمة ـ الجديدة الموضوعة على طريق المبادرة العربية فإن حظوظ معرفة اسم الرئيس اللبناني الجديد الاثنين المقبل «ضعيفة للغاية إن لم تكن مستحيلة».

وتكثف باريس اتصالاتها الدبلوماسية بخصوص الموضوع اللبناني الذي تشاورت بشأنه مع الأمير سعود الفيصل لدى اجتماعه بالرئيس ساركوزي الثلاثاء الماضي.

وإذا كانت عين باريس على تاريخ الحادي عشر من الشهر الحالي، فإن المصادر الفرنسية تؤكد أنه «لا تتوافر لفرنسا خطة بديلة وجاهزة وخطتها الوحيدة هي الخطة العربية ببنودها الثلاثة التي أولها انتخاب سليمان رئيسا توافقيا». وتتساءل المصادر الفرنسية: «هل يمكن أن نقول إن الأطراف اللبنانية والخارجية تريد الوصول الى مخرج؟ وإذا كان ذلك مقبولا نظريا، فكيف يمكن أن نفسر تكاثر الصعوبات والعراقيل كلما تم تحقيق تقدم ما؟».

غير أن ذلك لا يعني أن باريس تفتقر للأفكار. وهذه تصب كلها في باب «البحث عن بناء توافق عربي ـ دولي ضاغط» على سورية من جهة ـ وتعتبر باريس أنها «تملك الكثير من الأوراق وقادرة على تسهيل الحل إذا أرادت» ـ وعلى الأطراف اللبنانية من جهة أخرى، لإقناعها بالحل وتسهيل حصوله.

وفي هذا السياق، تحلل الدبلوماسية الفرنسية بـ«برودة أعصاب» ما يمكن أن تسفر عنه الضغوط العربية على سورية بدءا بالدعوة الى قمة عربية طارئة كبديل للقمة المقررة في دمشق الشهر المقبل أو بخفض مستوى الحضور الرسمي». ويبدو أن باريس تميل الى اعتبار أن دمشق، رغم اهتمامها بالقمة، إنما «تختار لبنان» وتحالفاتها ونفوذها فيه على انعقاد القمة التي تعتبر أنها «ستنعقد بأي حال».

ولا تريد باريس أن تتدخل في الشؤون العربية أكان ذلك القمة أو غير القمة وتدعو العرب الى «تحمل مسؤولياتهم بما في ذلك المساهمة في توفير كلفة المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري والمسؤولين عن الجرائم اللاحقة. وترى باريس أنه يمكن الاعتماد على ضغوط 7 أو 8 بلدان عربية قد تتوسل القمة لممارسة ضغوط على سورية لحملها على التعاون في لبنان. وما زالت فرنسا تحمل اللبنانيين جانبا كبيرا من مسؤولية التأخير وتتهمهم بـ«اللعب بالنار والسعي الى تحقيق مكاسب ظرفية من خلال المخاطرة بأمن لبنان واستقراره».

وبسبب ذلك كله، تسعى باريس بالتعاون مع العديد من الأطراف الى دعم الحكومة اللبنانية سياسيا واقتصاديا وعسكريا وحشد «تفاهم دولي» حول لبنان إن أوروبيا أو عبر مجلس الأمن الدولي. لكن الأوساط الفرنسية نفسها ترى أن التوصل الى نتائج «يحتاج الى جهود كبيرة». ولكنها في أي حال ورغم الصعوبات «لن تتخلى عن لبنان» وهي «مستمرة في العمل على مساعدته».

وكان المشهد الدبلوماسي الفرنسي قد تشوش في الفترة الأخيرة بعد الجدل حول دور الأليزيه ومستشاريه من جهة، ووزارة الخارجية من جهة أخرى. وهذا التشويش برز في موضوع التعاطي مع سورية.