رومني يعلن انسحابه من دون أن يقدم دعمه لأحد

إرباك بين الديمقراطيين حول احتساب عدد المندوبين.. ونكسة مالية في حملة كلينتون تجبرها على التبرع لنفسها بـ5 ملايين دولار

رومني يلقي التحية الأخيرة على مناصريه بعد إعلانه الانسحاب (أ ب)
TT

أعلن المرشح الجمهوري ميت رومني انسحابه من السباق الرئاسي الاميركي أمس، بعد أن حقق نتائج سيئة يوم «الثلاثاء الكبير»، من دون أن يقدم دعمه لمنافسيه جون ماكين، الذي يتجه نحو الحصول على ترشيح حزبه، أو مايك هاكبي المحافظ. وقال: «أنا لا أتوافق مع ماكين على الكثير من القضايا كما تعرفون». وقال رومني في كلمة ألقاها في واشنطن أمس امام تجمع للمنظمات المحافظة: «لو كان الامر يتعلق بي فقط لكنت بقيت في السباق. هذا ليس قرارا سهلا بالنسبة لي فأنا أكره الخسارة». وأضاف وهو يعلن انسحابه ومناصروه يصرخون «لا»: «اذا استمررت في السباق حتى النهاية أكون أزيد الانقسامات داخل حزبي وأعبّد الطريق أمام المرشحين الديمقراطيين هيلاري كلينتون او باراك أوباما للفوز علينا». إلى ذلك, دخل فريقا الحملة الانتخابية لكل من المرشحين الديمقراطيين هيلاري كيلنتون وباراك اوباما عملية حسابية معقدة بعد ان أفرزت انتخابات «الثلاثاء الكبير» نتائج متقاربة وبدأ تضاربٌ في الاعلان عمن حصل على العدد الاكبر من المندوبين، في وقت بدا فيه أن هيلاري بدأت تواجه أزمة في تمويل حملتها، اذ أعلنت أنها تبرعت بخمسة ملايين دولار من أموالها وأموال زوجها الخاصة، بينما يبدو أوباما مرتاحا جدا حول الاموال التي يجمعها، اذ جمع مبلغاً تاريخياً في شهر يناير (كانون الثاني) بلغ 32 مليون دولار.

وفازت هيلاري في ثماني ولايات، في حين فاز أوباما في 13 ولاية لكن هيلاري فازت في ولايات كاليفورنيا ونيويورك ونيوجرسي. وبرزت المشكلة في عدد المندوبين، اذ تم الاعلان في البدء ان هيلاري فازت بعدد مندوبين أكبر، قبل أن يعلن أوباما أنه هو الفائز في اكبر عدد من الولايات والمندوبين. وما زال مسؤولو الحزب الديمقراطي يقومون بالحسابات المعقدة لترجمة الأصوات المدلى بها يوم «الثلاثاء الكبير» إلى عدد المندوبين لمساندة أحد المرشحين خلال المؤتمر العام للحزب.

وكانت أكثر الولايات التي عرفت تعقيدات بالنسبة للديمقراطيين هي ولاية نيو مكسيكو التي تأخر اعلان النتائج فيها اكثر من المعتاد، والتي يمثلها 38 مندوباً في المؤتمر العام للحزب. وجرت امس (الخميس) عملية فرز جديدة للاصوات بحضور مندوبين يمثلون اوباما وهيلاري على حد سواء، لكن دون حضور الصحافيين. وافادت التقارير ان من بين الاسباب التي أدت الى تأخير اعلان النتائج في نيو مكسيكو ان بعض المراكز الانتخابية نفدت منها اوراق الاقتراع، مما أدى الى ان يصطف الناخبون في بعض الحالات ثلاث ساعات أمام المراكز. وعبر حاكم الولاية، بيل ريتشاردسون، عن انزعاجه لما حدث في بعض المراكز الانتخابية. وكان ريتشاردسون بدوره مرشحاً لنيل ترشيح الحزب الديمقراطي لكنه انسحب بعد انتخابات ولاية نيوهامبشير بعد ان تيقن من حظوظه المنعدمة للتقدم في السباق. وقال ريتشاردسون: «بما ان هذه انتخابات وفيها منافسة شديدة، فإن اي صوت له أهميته، لذلك لا بد من احتساب كل صوت، وأي شيء غير ذلك غير مقبول، والتأخير في اعلان النتائج مخيب للآمال للغاية». وسيخوض اوباما وهيلاري تنافساً شرساً في ولايات لويزيانا وميريلاند وفرجينيا والعاصمة واشنطن. كما ستكون هناك مجالس انتخابية في ولايات نبراسكا وواشنطن (غرب الولايات المتحدة) وماين وجزر فرجينيا. وهذه الولايات التي ستجري فيها الانتخابات، الاسبوع المقبل، ستنتخب 353 مندوباً. وكفة اوباما راجحة في جميع هذه الولايات. ويعتقد منظمو حملة اوباما ان جميع النتائج لن تحسم الصراع، الا في حالة احتساب مندوبي ولايتي فلوريدا وميشغان اللتين رفضت اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي اجراء انتخابات فيهما بسبب مخالفتهما لوائح الحزب. ويعتقد منظمو حملة اوباما ان مرشحهم قد يحصل على 1806 مندوبين في نهاية السباق مقابل 1789 مندوب لصالح هيلاري. واذا حدث ذلك فإن الحسم سيكون في ايدي «المندوبين الكبار»، وهم من النواب وابرز السياسيين داخل الحزب، وسيكون ذلك في مؤتمر الحزب في الصيف. وانتقلت هيلاري امس الى فرجينيا حيث ستقوم بحملتها الاسبوع الجاري في ميريلاند وواشنطن. كما سيقوم اوباما بحملة انتخابية في لويزيانا التي يقطنها عدد كبير من الافارقة الاميركيين. وعلى الرغم من الإعياء والإنهاك اللذين بدوا واضحين على هيلاري وأوباما، فإنهما سيجوبان ما تبقى من الولايات، ويعملان على اختزال كلماتهما الانتخابية.

وفي الجانب الجمهوري، اصبحت العقبة الوحيدة التي تواجه الفائز الكبير جون ماكين الذي حصل على نسبة 60 في المائة من المندوبين المطلوبين لفوزه بترشيح الحزب الجمهوري، هي نقص الاموال. وكان ماكين الفائز الأبرز في يوم «الثلاثاء الكبير» قد حصل على 707 مندوبين وحصل ميت رومني على 294 مندوبا ومايك هاكوبي على 195 مندوباً وحصل ورون بول الذي يتوقع ان يخرج من السباق في اي وقت، على 14 مندوباً. وكان ماكين قد اقترب من حسم السباق لنيل ترشيح الحزب الجمهوري بعد «الثلاثاء الكبير»، حيث سجل تقدما واضحا على منافسه رومني. اما المرشح الثالث للجمهوريين هاكبي فقد فاقت نتيجته التوقعات التي كانت قد أعلنتها استطلاعات الرأي. وعلى الرغم من ان ماكين يحتل المقدمة مع ضمانه تأييد 604 مندوبين، مقابل 244 لمنافسه ميت رومني و187 لمايك هاكبي في السباق للفوز بترشيح الحزب الجمهوري الى الانتخابات الرئاسية، إلا انه يحظى بعد باصوات المندوبين الـ1191 اللازمة لضمان فوزه النهائي. وسيواجه السبت الانتخابات في لويزيانا وكنساس وواشنطن. ويوم الثلاثاء سيأتي دور ولايتي ميريلاند وفرجينيا.

وعلى الرغم من تأكيد قدرته على توحيد الحزب والحصول على مفاتيح البيت الابيض، فان أمام ماكين معركة طويلة للوصول الى مأربه. فحاكم اركنسو السابق والقس المعمداني سباقا هاكبي فاز في خمس ولايات محافظة بجنوب البلاد، وهي ولايات اساسية للاستراتيجية الانتخابية الجمهورية. وكرر ماكين بأنه سيدافع عن مبادئه المحافظة في خطاب يستغرق ثلاث ساعات وعد بالقائه اثناء مؤتمر لأعضاء الحزب. وقال: «رسالتي ستكون هي التالية: اننا نتشاطر المبادئ المحافظة المشتركة نفسها، وعلينا ان نتوحد حول هذه المبادئ التي نتوافق عليها». ولطالما كان ماكين، 71 عاما، منبوذا من الجناح اليميني للحزب. وعام 2000، اثار حملة ضده قبيل الانتخابات التمهيدية بسبب انتقاده شخصيتين نافذتين في اليمين المتشدد دينيا ووصفهما بـ«عميلي التعصب». وبعد ذلك، عرف كيف يتصالح مع اليمين المتشدد دينيا، لكن خياراته في التصويت داخل الكونغرس ما زالت بعيدة عن ارضاء العديد من المحافظين. واذا كان كثيرون في الحزب يبدون الآن مستعدين للقبول بماكين ليكون مرشحهم لإحاق الهزيمة بالديمقراطيين، فان آخرين يرفضون الصفح عنه لتصويته ضد التخفيضات الضريبية ورفضه منع زواج مثليي الجنس ودعم إصلاحات انظمة الهجرة.