تركيا: تساؤلات حول أسباب تسرع حزب العدالة في تمرير قانون الحجاب

معارضون: التعديل الدستوري بروفة عامة للتغييرات الأصولية

المستشارة الألمانية انجيلا ميركل ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان خلال المؤتمر الصحافي المشترك في برلين امس (ا . ف . ب)
TT

أعرب محللون أتراك عن اعتقادهم بأنه سيترتب على الحكومة التركية، ذات الجذور الاسلامية، ان تثبت تمسكها بالديمقراطية باعتماد إصلاحات دستورية جديدة اذا ما ارادت إسكات الانتقادات التي اثارتها موافقة البرلمان أول من أمس على السماح بالحجاب في الجامعات في قراءة اولى، من المقرر ان تختتم اليوم بتصويت ثان نهائي. وأثار قرار البرلمان اول من امس، والذي تم التصويت عليه في ساعة متأخرة من ليل الاربعاء في ختام جلسة صاخبة استمرت 13 ساعة، غضب واحتجاج أنصار التطبيق الصارم لمبدأ علمانية الدولة المطبق في تركيا التي يدين 99% من سكانها بالإسلام.

وعنونت صحيفة «جمهوريات» المؤيدة للعلمانية امس «ضربة للسلم الاجتماعي» منددة في مقال افتتاحي لرئيس تحريرها مصطفى بلباي بـ«بروفة عامة للتغييرات الاصولية التي يريد حزب العدالة والتنمية تنفيذها». ويشتبه العلمانيون في مؤسسات الجيش والقضاء والادارة الجامعية في ان الحكومة تسعى خفية الى الحد من المبادئ العلمانية لتحويل البلاد الى دولة اسلامية.

وما زاد من شكوك الاوساط الليبرالية مسارعة الحكومة الى التصويت بدعم من حزب الحركة القومية على فتح ابواب الجامعات امام المحجبات وإرجاء الاصلاحات الديمقراطية المنتظرة الى موعد غير محدد. وتساءل المثقف اليساري احمد انسال في مقتطفات نقلتها وكالة الانباء الفرنسية امس «لماذا سعى حزب العدالة والتنمية، الذي يعلن منذ سبعة اشهر عن مشروع لوضع دستور جديد، الى عزل التعديل المتعلق بالحجاب». واضاف هذا الاقتصادي في جامعة غالاتا سراي في اسطنبول في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية «اما ان يكون حزب العدالة والتنمية لا يملك القوة لتغيير الدستور او انه لا يرغب في ذلك وفي هذه الحالة يبدو من الواضع ان الحزب ليس ديمقراطيا الا في ما يتعلق به وبمصالحه». وتطالب الاوساط الليبرالية بتعديل الدستور الحالي الموروث من انقلاب 1980 والذي تعتبر العديد من بنوده استبدادية الطابع، خاصة فيما يتعلق بحقوق الاقليات العرقية، والمعارضين السياسيين وحريات الرأى والتعبير كما تطالب هذه الاوساط شأنها شأن الاتحاد الاوروبي بتعديل المادة 301 من قانون العقوبات التي تعاقب على «اهانة الهوية التركية» والتي استند اليها في العديد من القضايا ضد مثقفين معروفين وهو اصلاح موعود منذ زمن طويل لكن حزب العدالة والتنمية تركه معلقا.

وكان الخبير السياسي جنكيز أقدار في جامعة بهجة شاهير اكثر تشاؤما حيث رأى في التصويت اشارة الى «عودة للسلطة الاستبدادية بصبغة اسلامية». وقال «يمكننا اعتبار ان الدستور الجديد اصبح في سلة المهملات وان الحريات فيما عدا حرية ارتداء الحجاب لا تعني حزب العدالة والتنمية وحليفه الفاشي الجديد حزب الحركة القومية».

ويرى فوفانغو بيكولي المحلل في مركز «يوراسيا غروب» الاستشاري المتخصص في المخاطر السياسية ان «الحكومة استعجلت كثيرا في تمرير هذا الاصلاح ولم تراع مدى حساسية هذا الموضوع في تركيا». واضاف «لو كانت الحكومة قد حققت تقدما في مجال الاصلاحات المتعلقة بعملية الانضمام الى الاتحاد الاوروبي لكان العلمانيون نظروا بمنظور اخر الى رفع حظر الحجاب». واعتبر انه ما زال في امكان حزب العدالة والتنمية والحكومة استدراك الامر بالسعي الى اطلاق الاصلاحات «لتأكيد التزامهما بالانضمام الى الاتحاد الاوروبي واقناع الشعب بانهما لا يعتمدان نظام الكيل بمكيالين في ما يتعلق بحرية التعبير».

ولا يتوقع ان يواجه اقرار تعديل الحجاب في قراءة ثانية اليوم اي صعوبات حيث يملك حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية اغلبية الثلثين المطلوبة في البرلمان.