موسى يحقق «اهتزازا» في الوضع اللبناني ولا يحقق اختراقات جدية

بري يقنعه بالبقاء في بيروت في محاولة لتمرير «المثالثة الوزارية»

الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى خلال لقائه أمس مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب ميشال عون في مجلس النواب اللبناني في بيروت (أ.ف.ب)
TT

لم يتوصل الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى اختراقات جدية في ما خص الازمة السياسية اللبنانية رغم تحقيقه «اهتزازا» في موضوع حكومة الوحدة الوطنية بعدما وافقت الاكثرية البرلمانية على «المثالثة» داخل الحكومة، اي بتوزيع الوزراء بمعدل 10 وزراء لكل من رئيس الجمهورية والمعارضة والاكثرية. وهو ما اعطى انطباعات ايجابية سرعان ما تبخرت بعد صدور معلومات متباينة عن نتائج اللقاء الرباعي الذي عقد برعاية موسى في مبنى البرلمان وضم موسى وممثلين للمعارضة والموالاة.

وعلمت «الشرق الاوسط» ان موسى قطع الاجتماع ليتصل هاتفيا برئيس مجلس النواب نبيه بري ليزف اليه خبر التفاهم على «المثالثة» الوزارية. لكن الامور سرعان ما تعقدت بعدما اتهمت مصادر رفيعة في الاكثرية المعارضة بالتراجع عن تعهداتها مرة جديدة. وقالت المصادر لـ«الشرق الاوسط» ان عون أبلغ موسى اصرار المعارضة على «الثلث زائدا واحدا» من اعضاء الحكومة، قائلا ان بعض اطراف المعارضة غير موافق على تشكيلة «المثالثة». واشارت المصادر الى ان المعارضة طالبت ايضا بـ«التوافق» على اسم رئيس الحكومة وتوزيع الحقائب الوزارية قبل النزول الى البرلمان لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان.

وكان موسى يستعد لمغادرة بيروت بعد نتائج الاتصالات التي اجراها، غير ان الرئيس بري، الذي يدعم صيغة المثالثة الوزارية، اقنعه بالبقاء لبعض الوقت من اجل محاولة حلحلة بعض النقاط العالقة، على امل التوصل الى اتفاق نهائي اليوم أو على الاقل «اختراق كبير».

وأشارت مصادر اطلعت على المباحثات الى ان موسى حمل معه أكثر من صيغة حكومية تقع نسب التمثيل فيها تحت «طائلة» البند الثاني من بنود المبادرة العربية لجهة عدم إعطاء النصف زائدا واحدا للغالبية او الثلث زائدا واحدا للمعارضة على ان يكون الصوت الوازن لرئيس الجمهورية. كما انه طرح إقامة تفاهم سياسي شامل في شأن الملفات الاساسية بحيث يكون هذا التفاهم منسحبا على الحكومة وبحيث يغني ذلك عن الضمانات التي تطالب بها المعارضة والغالبية ايضا، وذلك من خلال استئناف طاولة الحوار لمواكبة عمل الحكومة. وقد حذر موسى من ان استمرار الفراغ على مستوى رئاسة الجمهورية يبقي الساحة الداخلية المكشوفة سياسيا مكشوفة امنيا كذلك، وان ما حصل من احداث منذ اسبوعين مرشح لان يتكرر في حال لم يتم وضع مبادرة الجامعة العربية موضع التنفيذ.

وكان الاجتماع الرباعي قد انعقد في مجلس النواب وضم عن المعارضة رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب العماد ميشال عون، وعن الاكثرية الرئيس الاعلى لحزب «الكتائب اللبنانية» الرئيس امين الجميل ورئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، برعاية موسى. وسبق ذلك اجتماع بين موسى وعون، بدأ موسعا فحضره النائب نبيل نقولا والمسؤول عن العلاقات السياسية في «التيار الوطني الحر» جبران باسيل ومساعد الامين العام هشام يوسف وطلال الامين وعبد الرحمن الصلح والمستشار الاعلامي للنائب الحريري هاني حمود. ثم تحول الاجتماع الى خلوة بين العماد عون وموسى استغرقت نصف ساعة، قبل أن ينضم اليهما سائر الاقطاب. وبعد خلوة بين الاقطاب، عاد المساعدون فانضموا الى المجتمعين. وانتهى الاجتماع الذي تخلله غداء عند الثالثة من بعد الظهر، وقال موسى بعده: «كان اجتماع اليوم (امس) الذي دام أكثر من أربع ساعات فيه الكثير من الكلام الجاد والمقترحات والمواقف التي نوقشت. هناك مجالات اتفاق. وهناك مجالات لاتزال تحتاج الى مزيد من النقاش الودي ورغبة مشتركة في التوصل الى حلول، بل والى حل. ولذلك اتفقنا على اننا نحتاج الى اجتماع آخر... لأن الامور المطروحة كلها دقيقة وستعرض النقاط الحساسة. ومن المفضل ان يتم النقاش حولها كما حصل اليوم (امس) لأنها توضح الكثير من الامور. وسنصل الى توافق في بعضها كما حصل اليوم (امس). إنما أحب أن أقول لكم إن هناك نقاطا لاتزال تحتاج الى اجتماعات أخرى».

وأكد موسى ان «ليس هناك تفسير جديد أو قديم للمبادرة، بل هو تفسير واحد. وبناء عليه تحدثنا كثيرا عن حجم الطروحات التي تتعلق بالتفاصيل والتي لا أريد أن أدخل فيها ولا أريد ان اطلق شائعات وتقديرات وتقويمات أنتم بارعون فيها، والنتيجة تبقى سلبية على الارض».

وأعلن عن اتفاق على توزيع النسب بين فريقي الموالاة والمعارضة، لكنه رفض الدخول في التفاصيل، مشددا على ان «التوافق الاساسي الذي تم، هو على أن العماد ميشال سليمان هو المرشح التوافقي لرئاسة الجمهورية. والكل متفق على هذا». وقال ردا على سؤال ان المعارضة كانت «صريحة وواضحة. والنقاش جرى في جو ودي كبير في إطار المبادرة العربية». ونفى ان يكون قد بحث مع مساعد وزيرة الخارجية الاميركية ديفيد ولش الذي التقاه في القاهرة انه اذا لم تحل الازمة قريبا فهناك خيارات كثيرة، اي اللجوء الى مجلس الامن، مؤكدا ان موضوع التدويل لم يرد في مناقشاته مع ولش. وأعلن موسى انه سيزور سورية قبل القمة العربية المرتقبة الشهر المقبل. وأمل في ان «لا تبقى الامور تراوح مكانها حتى القمة المقبلة لان لها تأثيرها الكبير على القمة، فالقمة حدث ضخم جدا في العالم العربي ويعالج المشاكل العربية الكثيرة. ولذلك القمة المرتقبة مهمة ويجب الاعداد لها إعدادا جيدا. ومن ضمن هذا الاعداد نحرك المسألة اللبنانية». وزار موسى لاحقا الرئيس بري. وجرى عرض لنتائج الاجتماع الرباعي الذي عقد قبل الظهر في المجلس النيابي. واستمر اللقاء نحو ساعة وتخللته خلوة. ووزعت دوائر اعلام الرئيس بري معلومات مفادها انه في ضوء هذا اللقاء قرر موسى ارجاء سفره الذي كان مقررا مساء امس لاستكمال مساعيه وجهوده.