إيران تعلن بدء بناء محطة ثانية للطاقة الذرية في خوزستان قرب العراق

واشنطن تحذر طهران من مغبة الخطوة * ضغوط من الإصلاحيين على خامنئي

فتيات إيرانيات خلال مظاهرة في طهران تدعو الإيرانيات إلى الالتزام بالزي المحتشم أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلنت إيران انها بدأت في بناء محطة نووية ثانية، بعد محطة بوشهر المتوقع الانتهاء منها هذا العام، موضحة ان المحطة الثانية موقعها منطقة دارخوين في اقليم خوزستان بجنوب غرب ايران. وهي منطقة قريبة من الحدود العراقية وغنية بالنفط. وترغب ايران في بناء محطات أخرى للطاقة بحلول عام 2020، في اطار شبكة محطات نووية تخطط لها بطاقة تبلغ 20 ألف ميغاوات، لتلبية الطلب المحلي المتزايد على الكهرباء. وأثار الاعلان الإيراني رد فعل اميركي فوري، اذ قال نيكولاس بيرنز مساعد وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، ان إيران لا تحتاج الى بناء مفاعل نووي ثان، محذرا اياها من مغبة هذه الخطوة. وفيما بدأ العد التنازلي لاعلان الاسماء النهائية للمرشحين لانتخابات البرلمان الإيراني، وجه حسن الخميني حفيد مؤسس الجمهورية الايرانية آية الله الخميني أمس انتقادا الى الهيئات الرسمية لرفضها قبول ترشيحات ما لا يقل عن 50% من الاصلاحيين، واصفا الخطوة بـ«مقصلة قطع رؤوس». ويأتي ذلك فيما خرجت المئات من فتيات المدارس الإيرانية في طهران في مظاهرة تأييد للالتزام بالزي المحتشم، في خطوة تعكس بدء تحركات المحافظين في إيران لاستمالة «قواعدهم الانتخابية الاساسية» من المحافظين اجتماعيا وغير القادرين اقتصاديا، التي أوصلت الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للرئاسة عام 2005. ونقلت وكالة ايتار تاس الروسية للانباء عن السفير الايراني في العاصمة الروسية موسكو غلام رضا انصاري قوله امس، ان ايران بدأت في بناء محطة ثانية للطاقة الذرية قرب الحدود مع العراق. وقال انصاري ان عملية البناء بدأت بمنطقة دارخوين في اقليم خوزستان بجنوب غرب ايران. وكانت ايران قد قالت انها ستبني محطة تصل طاقتها الى 360 ميغاوات في هذا الموقع من اجل تعزيز مصادرها لتوليد الطاقة. ونقلت تاس عن انصاري قوله «الان علينا ان نفكر في الوقود الذي تحتاجه المحطة». وتبني ايران محطتها الاولى للطاقة الذرية قرب مدينة بوشهر جنوب طهران، وتقول إيران ان العمليات التجريبية قد تبدأ في وقت لاحق من العام الجاري بعد ان وصلت الى المحطة الشهر الماضي الشحنات النهائية من الوقود النووي الروسي.

وأوردت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومقرها فيينا اسم مشروع دارخوين في تقارير سابقة بشأن ايران. غير أن ايران قيدت وصول مفتشي الوكالة الدولية الى مواقع نووية مزمعة العام الماضي، كما توقفت عن تزويد الوكالة بالبيانات الخاصة بتصميمات تلك المواقع ردا على فرض الامم المتحدة عقوبات عليها. وامتنع مصدر كبير بالوكالة الدولية عن قول ما اذا كانت تلك القيود لا تزال قائمة فيما يخص دارخوين أو مواقع أخرى. ومن المقرر ان يصدر عن وكالة الطاقة الذرية تقرير في 20 فبراير (شباط) يتناول المواقع التي لم تفصح عنها إيران. من ناحية ثانية، قال السفير الايراني لدى موسكو ان بلاده تحاول تهدئة المخاوف الروسية بشأن برنامجها الفضائي بعد اختبارها اطلاق صاروخ هذا الشهر. وقال الكسندر لوسيوكوف نائب وزير الخارجية الروسي هذا الاسبوع ان اطلاق الصاروخ أثار شكوكا بشأن الطبيعة الحقيقية للبرنامج النووي الايراني. ونقلت ايتار تاس عن أنصاري قوله «اننا نوضح لاصدقائنا أننا لا نسعى لأي أهداف عسكرية فيما يخص أبحاثنا الخاصة بالفضاء». ويأتي ذلك فيما حذر السفير الاميركي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية غريغوري شولت ايران من تشغيل جيل جديد من اجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم. وقال شولت في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية «اي اختبار تجريه ايران لطاردات مركزية اكثر حداثة سيشكل تصعيدا في عدم احترام هذا البلد واجباته القاضية بتجميد اي نشاطات مرتبطة بالتخصيب». لكنه رفض تأكيد معلومات صحافية افادت بأن طهران باشرت مثل هذه التجارب، موضحا انه ينتظر التقرير الذي سيقدمه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي هذا الشهر بهذا الصدد. وقال «ليس لدينا معلومات حول الطبيعة الفنية لاي طاردات مركزية ايرانية جديدة، لكننا نعتبر ان الهدف من اي اختبار سيكون زيادة قدرة ايران على التخصيب». وبحسب هذه المعلومات، فان ايران باشرت في موقع نطنز اختبار اجهزة طرد من نوع بي-2 هي اكثر فاعلية بمرتين الى ثلاث مرات من الطاردات بي-1 التي كانت شغلت منها ثلاثة الاف في نوفمبر (تشرين الثاني). واعتبر شولت ان تشغيل اجهزة طرد مركزي جديدة سيشكل «دافعا اضافيا للتخوف من البرنامج النووي الايراني ومن نوايا قادة إيران ودافعا اضافيا لمجلس الأمن من اجل ان يتصرف».

وفيما رفضت وكالة الطاقة الذرية التعليق على الموضوع وكذلك سفير ايران لدى الوكالة علي اصغر سلطانية، يبدأ رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت غدا زيارة لبرلين حيث ينوي المطالبة بضغوط اضافية على ايران لتعليق برنامجها النووي. وخلال الزيارة التي تستمر يومين لالمانيا وهي الثانية له في غضون 14 شهرا، سيتطرق اولمرت الى مشكلة البرنامج النووي الايراني الخطرة جدا، على ما قاله مسؤول اسرائيلي كبير لوكالة الصحافة الفرنسية طالبا عدم كشف اسمه. واضاف «في رأينا انه ينبغي بذل جهد اضافي على صعيد الضغوط الاقتصادية والسياسية على ايران لتتخلى عن مشاريعها النووي، وألمانيا تضطلع في هذا الاطار بدور رئيسي». ويلتقي اولمرت في المانيا ميركل والرئيس هورست كولر وبرلمانيين وممثلين للجالية اليهودية. واكد مارك ريغيف الناطق باسم اولمرت ان «علاقاتنا مع المانيا ترتدي طابعا ايجابيا وتقوم ميركل بزيارة لاسرائيل في مارس.

ومع بدء العد التنازلي لاعلان الاسماء النهائية للمرشحين لانتخابات البرلمان الإيراني، وجه حسن الخميني حفيد مؤسس الجمهورية الايرانية آية الله الخميني أمس انتقادا الى الهيئات الرسمية الايرانية التي رفضت قبول عدد كبير من ترشيحات الاصلاحيين لانتخابات البرلمان الايراني. وقال حسن الخميني في تصريح ادلى به امام زعماء جبهة المشاركة، احد ابرز الاحزاب الاصلاحية في ايران، خلال زيارتهم لضريح الامام الخميني في جنوب طهران أمس، «ان هذه المقصلة لم تقطع رؤوسكم فقط، بل رؤوس العديد من شرائح المجتمع، وهو امر مؤسف». وقال مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»، ان الاصلاحيين يواصلون مساعيهم لدى المرشد الاعلى آية الله على خامنئي من اجل التدخل في قرارات لجان وزارة الداخلية برفض المرشحين الاصلاحيين. وأوضح المسؤول، الذي لا يستطيع الكشف عن هويته، ان توجهات خامنئي حيال رفض ترشيحات الاصلاحيين ستظهر خلال الاسبوع المقبل، موضحا ان هناك ضغوطا متزايدة من رموز الاصلاحيين من اجل عدم اقصائهم من المنافسة الانتخابية، مشيرا الى ان الاصلاحيين الذين قابلوا خامنئي خلال الايام الماضية أعربوا له من مخاوفهم من تأثيرات اقصاء الاصلاحيين من الانتخابات على الحياة السياسية بإيران.

ويعتبر حسن الخميني احدى الشخصيات البارزة في إيران، على الرغم من أنه لم يتسلم اي مسؤولية رسمية. فهو مسؤول فقط عن ضريح الامام الخميني حيث تجري الاحتفالات السنوية بذكرى تأسيس الجمهورية الايرانية. وتم رفض ترشيح حفيد آخر للخميني هو علي اشراقي المقرب من الاصلاحيين ولن يكون بذلك قادرا على المشاركة في الانتخابات. وقال حسن الخميني «لا احد يستطيع منع الناس من تقرير مستقبلها». وخلال الشهر الماضي رفضت الهيئات المكلفة قبول الترشيحات قبول ترشيح نحو الفي شخص، بينهم عدد كبير من الاصلاحيين. الا ان المرشحين الذين لم تقبل ترشيحاتهم لا تزال لديهم فرصة الاستئناف امام مجلس صيانة الدستور الذي سيعطي الكلمة الاخيرة مطلع مارس. ووصف الرئيس الايراني السابق احمد خاتمي بـ«الكارثة» رفض ترشيحات آلاف الاشخاص خصوصا من الاصلاحيين.