موسى يغادر بيروت مع «بعض الأمل».. وجلسة انتخاب الرئيس تؤجل

مصدر في الأكثرية لـ «الشرق الأوسط»: وصلنا إلى الحائط المسدود

TT

لم يفلح التأجيل القصير الذي اجراه الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى لبرنامج زيارته اللبنانية في حلحلة العقد المتزايدة، فغادر بيروت صباح امس متحدثا عن «بعض الأمل» على وقع تأجيل جديد لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية اصدره رئيس البرلمان نبيه بري خلال توجه موسى الى المطار.

وفشل موسى في تحقيق ما كان يصبو اليه من خلال تأجيل مغادرته بسبب عودة الخلاف الى اشد ما كان عليه قبل وصوله، بين الموالاة والمعارضة، فتبادل الطرفان الاتهامات بتعطيل المبادرة العربية والتراجع عن التعهدات. ونفى مصدر في الاكثرية امس ان يكون النائب سعد الحريري قد وافق على «المثالثة» داخل الحكومة بين رئيس الجمهورية و«14 آذار» والمعارضة. وقال المصدر لـ«الشرق الاوسط» ان الحريري تحدث عن فكرة المثالثة في اطار افتراضي ليؤكد ان المعارضة لن تقبل بأي حل حتى لو وافقت الاكثرية على المثالثة، وهو ما حصل بالفعل اذ تراجع النائب ميشال عون خلال المفاوضات مع النائب الحريري والرئيس السابق للجمهورية امين الجميل عن موافقته على الفكرة بعد الاتصالات التي اجراها مع حلفائه. وأشارت المصادر الى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري وعد موسى بتسويق فكرة «المثالثة لدى المعارضة اذا وافقت الاكثرية» حتى لو اضطر للنزول وكتلته فقط دون بقية اطراف المعارضة الى البرلمان لانتخاب الرئيس. لكن الفكرة لم تتحقق نتيجة تراجع الطرفين عن «المثالثة»، فالمعارضة لم تقبل بها بمعزل عن الاتفاق على «التفاصيل» الاخرى المتعلقة برئيس الحكومة والوزارت الاساسية، والاكثرية سحبت الفكرة من التداول، مما اجبر موسى على المغادرة.

واعتبر قيادي في الاكثرية البرلمانية ان الامور وصلت الى «الحائط المسدود» وقال لـ«الشرق الاوسط» ان الدول العربية لن تتخلى عن لبنان وستبقى تحاول إحداث خروقات في جدار الازمة، وانها ستستمر في مساعيها لعدم انتقال الازمة الى الشارع.

وقبل مغادرته لبنان تحدث موسى في المطار فقال: «انا اغادر وعندي بعض الامل». والقى موسى باللوم في التناقضات التي وردت في وسائل الاعلام اليوم عن الاجتماع الرباعي على الصحافيين «الذين يأتون بمعلوماتهم مع بعض الشائعات والتشنجات والمبالغات والتخيلات». وقال: «لا يمكن ان يكون كل ما نشر صحيحا لان كل ما نشر متناقض، انما بعضه صحيح». وأشار موسى الى انه «لا يدري اذا كان الاميركيون متحفظين ولا لماذا اذا كانوا كذلك»، لكنه قال: «انما في نفس الوقت هذه مبادرة عربية وليس لها ابعاد غير عربية في مجملها وتفاصيلها، وهذا ما ننطلق منه. وانا لا اريد ان ابالغ ولا ان اعطي أملا زيادة عن اللزوم انما وكما ذكرت آنفا ان هناك بعض الامل». وحض موسى المسؤولين على خفض السقف في التخاطب السياسي. وقال «في الحقيقة، ان السقف في التخاطب السياسي اللبناني هو عال، ومرة اخرى انتهز الفرصة لكي يهدأوا بعض الشيء، خصوصا ان النبرة العالية وايضا بعض السباب وبعض الخروج عن اللياقة اصبح طابعا في بعض التصريحات اللبنانية، وهذه تنعكس بالسلبية على قائلها وعلى مجمل الوضع في لبنان. فالوضع في لبنان يحتاج الى الهدوء، وتهدئة الاوضاع». واضاف: «وارجو ان لا يستخدم الشارع، وارجو ان نتعامل مع هذه القضية الحساسة في لبنان بكثير من الرصانة المطلوبة». ولم يشأ موسى الاجابة عن سؤال حول مدى صحة المعلومات عن الطرح القائل بفكرة المثالثة خلال الاجتماع الرباعي امس، ونفى ان تكون «المبادرة العربية مستمرة، وهناك كما قلت بعض الامل الذي يجب ان نتمسك به ونستثمره». وفيما كان موسى في المطار، صدر عن الامانة العامة لمجلس النواب بيان اعلن ان رئيس مجلس النواب نبيه بري «قرر تأجيل الجلسة التي كانت مقررة في 11 فبراير (شباط) الجاري لانتخاب رئيس للجمهورية الى يوم الثلاثاء 26 منه».

الى ذلك، رأى وزير الشباب والرياضة أحمد فتفت أن المبادرة العربية هي الوحيدة الموجودة حاليا والقادرة على إيجاد حل للأزمة اللبنانية شرط توافر النوايا الحسنة للحل لدى المعارضة. وأكد الوزير فتفت أن الأكثرية لم تتخل عن خيار النصف زائدا واحدا، «بل قلنا إننا لن نمارسه حاليا بالرغم من أنه حق دستوري لنا، لأننا لا نريد أن نزيد الأزمة تعقيدا، ولكن هذا لا يعني أننا في وارد التنازل الأبدي عن هذا الحق»، موضحا أن المقصود بالحفاظ على روحية البيان الوزاري الحالي، الذي ورد في الخطة العربية، اعتباره منطلقا، لا التقيد في حرفيته باعتبار أنه لا يمكن إعطاء نفس الحقوق دون الأخذ في الاعتبار ما حصل على الأرض اللبنانية من صدور القرار 1701 وانتشار قوات اليونيفل إلى سائر القرارات الدولية التي أعلن حزب الله، في هذه الحكومة بالذات، التزامه بها.

واكد وزير الثقافة طارق متري «ان المسعى العربي سيتواصل»، مشددا على «ان اخفاق الاجتماع الرباعي الأخير لا يعني ان الاجتماعات المقبلة محكومة بالفشل»، مشيرا الى «ان الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى لن يستسلم لتعثر هذا الاجتماع». وقال: «ان موسى يواجه بمشكلة اختزال القضايا السياسية بمسألة المشاركة في السلطة وكل الخيارات الوطنية التي تبحث تتحول الى آلة جمع وطرح للأرقام». وأبدى أسفه للتناغم الحاصل بين الداخل والخارج لأن الأزمة تتعمق حين يتضافر الانقسام اللبناني مع الخلافات الخارجية على لبنان وفي لبنان. وأكد: «ان ما يمنع الحرب في لبنان هو الخوف من الاسوأ والرغبة في درء الفتنة وهذا ما يساهم في وضع الضوابط»، مشددا على «ان قوة لبنان على الاستمرار تنبع من أن نكون أوفياء لذاتنا». وعن الدعوة لحضور قمة دمشق قال الوزير متري: «ان الحكومة بموجب الدستور تضطلع بمهام رئيس الجمهورية وهي برئاسة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، وهي الجهة التي تمثل لبنان رسميا». وأكد «ان الكلام عن التدويل مبالغ فيه»، موضحا «ان لبنان لم يطلب ذلك من أحد، وما من مبادرة لتحضير قرار في مجلس الامن بموجب الفصل السابع لوضع لبنان تحت وصاية دولية أو بإرسال قوات متعددة الجنسية الى لبنان». وشدد على ان الأمر ليس مطروحا على الإطلاق.

ورأى النائب وائل ابو فاعور بعد زيارته البطريرك الماروني نصرالله صفير موفدا من النائب وليد جنبلاط ان «إفشال المبادرة العربية كما يحصل وإدخالها في كل مرة في متاهة تبدأ ولا تنتهي يقود الى خيارات جذرية، وهذه الخيارات الجذرية ستكون محل نقاش مستقبلي»، وقال: «حتى اللحظة ما نقوله اننا نتمسك بالمبادرة العربية ونسهلها ونعطيها كل الإمكانات اللازمة لكي تنجح لاننا نعتبرها مبادرة عادلة ومتوازنة يجب ان ترضي جميع الاطراف في لبنان، اذا ما استعصى الحل واستمرت عمليات إفشال المبادرات بهذا الشكل الذي تحصل فيه، فاعتقد ان هناك خيارات جذرية ستضطر لها الاكثرية النيابية في لبنان وايضا الشرعية العربية والدولية تحت سقف ترشيح العماد سليمان لرئاسة الجمهورية».