يوميات قيادي في «القاعدة»: شكوى من الغدر والحصار.. وغضب على «الصحوة»

«أبو طارق» كتب في دفتر ضبط شمال بغداد: كان معي 600 مقاتل لم يبق منهم سوى 20

جندي أميركي خلال دورية غرب بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

خلال غارة قام بها جنود أميركيون لبيت آمن لمجموعة من رجال «القاعدة» في منطقة قريبة من مدينة بلد الواقعة الى الشمال من بغداد، لم يتم العثور على أي مقاتل لكن في داخل البيت تم العثور على شيء ثمين جدا: دفتر يوميات يحتوي على نص مكتوب بخط عربي أنيق.

تبدأ اليوميات: «أنا أبو طارق أمير قطاع العين والمشاهدة». وعبر 16 صفحة قدم هذا القيادي في تنظيم القاعدة في العراق تفاصيل عن موت منظمته في قطاعه. كان لديه في فترة سابقة 600 رجل لكنه انخفضوا إلى مجرد 20 أو أقل حسبما كتب. وفقدوا أسلحة وحلفاء. وركز أبو طارق غضبه على المقاتلين السنة وشيوخ العشائر الذين انقلبوا ضد «القاعدة» في العراق وانضموا الى قوات «الصحوة» التي تساندها الولايات المتحدة. وكتب أبو طارق ضمن هذا السياق: «نحن أسيئت معاملتنا وخدعنا وغدر بنا على يد واحد من إخواننا. علينا ألا نرحم هؤلاء الخونة حتى يعودوا إلى الجانب المحق أو تتم تصفيتهم كليا من أجل تحقيق النصر النهائي».

وجاء دفتر اليوميات كآخر سلاح بيد الجيش الأميركي لتقويض «القاعدة» في العراق وضمن جهودها لتكتيكات إعادة التجميع والتحويل. فما زال هذا التنظيم قويا في المناطق الشمالية والكثير من القادة العسكريين الأميركيين يعتبرونها أكثر المناطق تهديدا للأمن حاليا. وفي الأيام الأخيرة عرض المسؤولون الأميركيون تسجيلات فيديو تم الحصول عليها في الغارات، حيث يتضح فيها قيام مجموعة سنية متمردة بتدريب أطفال كي يقوموا بأعمال الخطف والقتل إضافة إلى نشر رسالة من 49 صفحة يزعم أنها كتبت على يد قائد من «القاعدة» ويصف فيها المنظمة باعتبارها ضعيفة ومحاصرة. وقال مسؤول عسكري أميركي تحدث شرط عدم الكشف عن هويته: «إنه من المهم نشر هذه القصص. أنا مؤمن بقوة بأن هذا الجزء من المعلومات المتأتي من هذا النزاع مهم جدا كسلاح ونحن لا نريد أن نفقد هذا العنصر لصالح القاعدة». وقدمت نسخة من اليوميات لصحيفة «واشنطن بوست» اول من امس. وتقدم محتوياته لمسة نادرة للأفكار التي تدور في رؤوس قيادي من «القاعدةض في العراق يعاني من الحصار. ومنذ أكتوبر(تشرين الثاني) الماضي والهجمات التي تقوم بها «القاعدة» في العراق ضد مقاتلي الصحوة قد تضاعفت حسبما قال الميجور وينفيلد دانيلسون المتحدث الرسمي باسم الجيش الأميركي. وتعكس اليوميات التي قال مسؤولون عسكريون أميركيون إنها حقيقية، عن نبرة الغضب والمرارة مع التحسن المتحقق في مجال الأمن داخل مدينة بلد حسبما قال هؤلاء المسؤولون. ويقدر عدد مقاتلي الصحوة في المنطقى بـ 450 وهم يوفرون الأمن في المنطقة. ولم تتمكن صحيفة «واشنطن بوست» من التحقق من صحة دفتر اليوميات بشكل مستقل.

لم يعرف الكثير عن أبو طارق حسبما قال مسؤولون عسكريون أميركيون، ولا يوجد في الاعتقال شخص بهذا الاسم حسب قولهم، ولعل هذا هو اسمه المستعار. ووصف منصور عبد سالم أحد شيوخ العشائر الذي يقود أخوه قوات الصحوة في بعض المناطق الواقعة شمال بغداد أبو طارق باعتباره «أميرا شرعيا» للمنطقة الممتدة من التاجي وحتى جنوب بلد. وتصادمت قوات الصحوة مع مقاتلي «القاعدة» في العراق في تلك المنطقة قبل فترة قصيرة حسبما قال عبد سالم، وأضاف أن قوات الصحوة عثرت على 20 فتوى موقعة من قبل أبو طارق يصدر أحكاما بالموت على أسرى تمكن رجاله من اختطافهم بمن فيهم رجال شرطة وجنود. وقال عبد سالم إن أبو طارق هرب قبل فترة قصيرة إلى الموصل التي تعتبر معقلا قويا لـ«القاعدة» حيث تتهيأ القوات الأميركية والعراقية لشن هجوم عليها هناك. وعبر اليوميات يبدو أبو طارق وهو يتحدث ويعطي توجيهات الى أتباعه. كما أنه يحتفظ بسجل عن الأحداث كما لو انه يتوقع موته. ويوفر تفاصيل عما يبدو واحدة من الطرق التي تمول بها مجموعته نشاطاتها عبر شراء وبيع الشاحنات والسيارات. وقد سجل عمليات شراء وبيع غير كاملة وبينها تفاصيل عن مبالغ مالية لمجموعته. ووصف ايضا أنواع الأسلحة التي تمتلكها المجموعة في ترسانتها، وبينها مدفع عيار 7.62 ملم، وآر بي جي 9 وصواريخ سي 5 التي تستخدم لاستهداف طائرات الهليكوبتر والطائرات التي تطير على ارتفاع منخفض.

ودون أبو طارق قائمة بأفراد المجموعة الذين يحملون الأسلحة. وفي موضع معين ذكر رفيقا له كانت لديه صواريخ سي 5 وآر بي جي 9 ولكنه رفض تسليمها. وكتب ابو طارق يقول «نحن لا نعلم نيته في هذا الصدد».

وفي مكان آخر سجل ابو طارق أسماء بعض رجال العشائر ممن ظلوا موالين لـ«القاعدة» في العراق، مشيرا الى أن «هناك عددا قليلا جدا من افراد العشائر ممن يقفون الى جانبنا». وتباهى بأن 16 من مقاتليه كانوا قد أغاروا على بيوت لمقاتلي الصحوة «وقتلوا وجرحوا كثيرا منهم» وأحرقوا بعض سياراتهم «مما أثر على معنوياتهم ومواردهم الى حد كبير».

وكرس ابو طارق الكثير من اليوميات لتسجيل أسماء من بقوا من افراد «القاعدة» في قطاعه وأولئك الذين خانوا الجماعة مسميا أفرادا وعوائل وعشائر. وكتب في يوم 28 أكتوبر (تشرين الأول) مخاطبا اتباعه «طلبي منكم ألا تكونوا متهاونين مع الفارين والخونة». وأشار الى ان المجموعة سعت الى تجنيد موظفين حكوميين «للحصول على مصادر ومؤيدين بينهم من أجل جمع معلومات» حول تكتيكات وتحركات قوات الأمن العراقية والجيش الأميركي الذين وصفهم باعتبارهم «كفارا». وقال ان على أتباعه ألا تكون لديهم «رحمة» تجاه حلفائه السابقين. كما قدم معلومات تفصيلية عن خمس كتائب من المقاتلين جرى إضعافها بسبب ترك أفراد لها او تفكيكها. وبشأن عمليات الدفاع الجوي كتب يقول ان هناك شخصا واحدا كان «مستعدا للعمل معنا حتى النهاية» ويمتلك «ثلاث بطاريات عاملة وواحدة غير عاملة اضافة الى أجهزة اطلاق سي 5 ومدفع من عيار 23 ملم». وتنتهي يوميات ابو طارق بقائمة ضمت الأشخاص الذين كانوا ما يزالون يعملون معه. وكان عددهم 38 شخصا على الرغم من انه كان قد كتب قبل اسبوعين إن عدد المقاتلين الذين بقوا معه هو «20 أو اقل». وكانت هناك ملاحظات مقابل بعض من في القائمة مثل «لم نره لفترة زادت على 20 يوما» أو «غادر قبل ثلاثة ايام». وكتب ابو طارق يقول «وذلك هو عدد المقاتلين المتبقين في قطاعي».

* ساهم مهند سيف الدين في تكريت بإعداد هذا التقرير

* خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)