المصريون عاشوا ليلة من ألف ليلة ابتهاجا بفريقهم الفائز ببطولة أفريقيا

الحكومة اعتبرت الكأس إنجازا والمعارضة رأت في احتفالات الجماهير رغبة في التغلب على الضغوط

رجل أمن مصري يقف أمام مشجعين مصريين في انتظار وصول الفريق القومي المصري بعد فوزه ببطولة الأمم الافريقية الاخيرة أمس (أ. ف. ب)
TT

عاش المصريون ليلة أول من أمس ليلة من ليالي ألف ليلة من الفرح .. وتحولت شوارع القاهرة والمحافظات المصرية بعد الساعة التاسعة مساءً إلى مهرجان كبير شارك فيه ملايين المصريين، غنوا ورقصوا ولوحوا بأعلامهم على أنغام عزفها منتخب بلادهم لكرة القدم في أكرا عاصمة غانا، ليفوز ببطولة كأس الأمم الأفريقية، للمرة السادسة، محطما الرقم القياسي السابق له أيضاً.

مصر كانت مع صافرة حكم المباراة في البداية والنهاية، فقبل بدء المباراة بعدة ساعات جلس المصريون أمام أجهزة التلفزيون، وبعدها بدقائق، انطلقوا إلى الشوارع في موجات فرح عارمة.

وكما انشغل الشعب بمتابعة المباراة، فعلت الحكومة والمعارضة نفس الشيء، لكنهما اختلفا في التعليق على فرحة الناس في مصر بفوز بلادهم بالبطولة الأفريقية السادسة في تاريخهم، فبينما اعتبرت المعارضة أن الشعب المصري كان تواقاً للفرح وسط تزايد أعباء المعيشة على نحو لم تفلح جهود الحكومة في الحد منه، واعتبروا أن الفرحة الطاغية للمصريين تعكس احساسهم بالأزمة وحاجتهم إلى الانجاز، رأى مسؤولون حكوميون «أن الفرحة كانت طبيعية، ومعبرة عن حب الناس للانجاز الذي تحقق، بفضل سياسات الحكومة، ورعاية الرئيس مبارك للرياضة والرياضيين».

وكالعادة كانت جماعة الإخوان المسلمين في قلب الحدث إذ هنأت الشعب بالفوز الغالي، لكنها لم تفت الفرصة، ولكزت الشرطة من تحت الحزام قائلة على لسان الدكتور عصام العريان القيادي بالجماعة «إن المظاهرات التي عمت شوارع القاهرة عقب المباراة، تؤكد أن الشعب المصري، شعب واع، وقادر على التعبير على مشاعره ورأيه بشكل متحضر، وما حدث أمس يؤكد أن من يخلق الأزمة في المظاهرات السياسية هو الشرطة التي تتعامل بتحفز شديد واستفزاز مع النشطاء». الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار قال لـ«الشرق الأوسط» إنه تأخر في المكتب ولم يستطع العودة للمنزل، فشاهد المباراة مع أصدقائه في أحد المقاهي، وكذلك عدد كبير من الفنانين لم يجدوا أمامهم سوى المقاهي لمتابعة وقائع المباراة.

في المقابل كانت أجهزة الأمن ترصد انعكاس المباراة على الشارع المصري، وقال مصدر أمني مسؤول لـ«الشرق الأوسط» أن أقسام الشرطة لم تسجل أي بلاغات خلال المباراة وبعدها، وأن المصريين كانوا نجوماً في سلوكياتهم كما كان أبناؤهم نجوما في الملعب، والشرطة حرصت على تأمين الاحتفالات في الشوارع طوال الليل وحتى الصباح.وكما كان كل المصريين مع أبنائهم اللاعبين في أكرا، كان الرئيس مبارك على الخط، فاتصل بهم بعد المباراة مهنئاً لهم بالفوز، وفي الصباح استقبلهم في المطار، وقال الرئيس حسنى مبارك «إنه تابع مع الملايين من أبناء مصر والدول العربية المباراة النهائية بين منتخبي مصر والكاميرون وإنه تابعها بأعصاب مشدودة مثل كل المواطنين وحين تمكن اللاعب محمد زيدان من اقتناص الكرة بقوة وبسالة من مدافعي الكاميرون ومررها إلى اللاعب أبو تريكة ليسجل منها هدف الفوز لمصر شعر بسعادة غامرة وان مجهود أفراد المنتخب والبعثة المصرية بالكامل لم تذهب سدى وأن النصر كان حليفهم على الرغم من قوة الفريق المنافس.

وأعرب الرئيس مبارك عن تقديره للكابتن حسن شحاتة وقيادته الناجحة للفريق خلال هذه البطولة حتى تحقق لهم النصر وفازوا بالكأس الأفريقية للمرة السادسة مما يعتبر انجازا رائعا للكرة المصرية. وأضاف: «ان لاعبي الفريق كانوا مجموعة متجانسة وأدوا أداءً جيداً ومتميزاً في البطولة الأفريقية يؤهلهم للوصول إلى بطولة كأس العالم». وفي تصريحات صحافية له لدى وصوله إلى القاهرة، قال الكابتن حسن شحاتة المدير الفني للمنتخب المصري «كنا في غانا على علم أولا بأول بكل ما يحدث في مصر بعد كل مباراة، وما يشعر به كل المصريين، وهو الأمر الذي جعلنا نبذل قصارى جهدنا لإدخال الفرحة على أبناء هذا الشعب العظيم.. ونحمد الله على إننا كنا سببا في إسعاد الشعب المصري». من جانبه، اعتبر الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم، التي يرأسها جمال مبارك نجل الرئيس المصري، أن الفرحة التي عمت الشوارع المصرية عقب المباراة جاءت مناسبة للغاية مع الأداء المشرف للفريق المصري خلال البطولة فاللاعبون أدوا بروح عالية، الجهاز الفني أدار اللقاء بحرفية عالية جعلت كل الصحف الرياضية اليوم تتحدث عن أهمية المدرب الوطني».

وقال «نحن شعب محب لكرة القدم، والانتصار هذه المرة جاء في إطار مسابقة قارية مهمة، وبعد أداء مشرف، وفوز مستحق على عدد من الفرق القوية على مدار مشوارنا في البطولة .. الشعب المصري يقدر الفرحة».

وعلق محيي الدين على خروج الجماهير لتحتفل حتى الصباح في الشوارع بهذا الانتصار الكروي قائلا «ليس خافيا على أحد انه من وقت لآخر تظهر بعض الأمور التي يختلف حولها المصريون، وبعضها يكون مفتعلا، إلا أنه هذه المرة اتحد الجميع حول علم واحد وفرحة واحدة».

وأشار وزير الاستثمار المصري إلى أنه حرص على مشاهدة المباراة في أحد المقاهي مع مجموعة من أصدقائه، «لأن مشاهدة المباريات مع الأصدقاء متعة، أصبحت أفتقدها بسبب العمل، لذلك أحرص على متابعة المباريات المهمة معهم كلما حانت الفرصة لذلك، موضحا أنه رغم ازدحام شوارع القاهرة كل يوم، «إلا أن الزحام أمس كان له طعم آخر .. طعم الفرحة».

في المقابل قال جورج اسحاق المنسق العام المساعد لحركة «كفاية» «الشعب المصري كان في حالة شبق للفرحة، بسبب الأحزان الدائمة التي يعيش فيها بسبب الظروف الصعبة التي يعيش فيها من الغلاء المتزايد في الأسعار والبطالة وغيرها».

وأضاف إسحاق لـ«الشرق الأوسط» أجمل ما في هذا الإنجاز أنه لم ينسب لشخص بعينه، بل هو انجاز للشعب المصري بأسره، والجماهير طوال يوم أمس واليوم لم تكن تهتف باسم شخص، بل كانت تهتف باسم مصر رافعة العلم المصري».