الصين وألمانيا تتخطيان أزمة العلاقات بينهما.. على حساب طالب ألماني قتل في بكين

TT

أعلنت وزارة الخارجية الألمانية قبل أيام عن نهاية «عصر الجليد» في العلاقات بين الصين وألمانيا. وجاء الإعلان بعد زيارة أداها وزير الخارجية الصيني يانغ ييشي لبرلين وتناولت سبل تطوير العلاقات بين البلدين.

وكان الفتور قد بدأ في العلاقة بين البلدين بعد استقبال المستشارة الألمانية انجيلا ميركل للدالاي لاما، وبعد انتقادات خروقات حقوق الإنسان في الصين التي أطلقها رئيس الجمهورية هورست كولر. ويبدو أن «الحرارة الجديدة» في العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين جاءت هذه المرة على حساب «حقوق الإنسان» لأن ألمانيا أغلقت إلى الأبد ملف الطالب بيرنهارد فيلدن (24 سنة) الذي لقي مصرعه بشكل غامض في بكين في عام 2006. ورفضت محكمة كولون الدعوى التي أقامها والدا الطالب ضد الحكومة الصينية. ويبدو أن يأس الوالدين من الأمر هو الذي دفعهم للخروج عن صمت دام أكثر من عام.

وكان فيلدن يدرس اللغة الصينية والاقتصاد في جامعة بكين قبل أن يتسلم والداه (من مدينة كولون) رماد جثته. ويقول الأب جيرهارد فيلدن إن الشرطة الألمانية أبلغته بخبر «انتحار» الابن قبل يوم من أعياد الميلاد في عام 2006. وجاء في تقرير السفارة الألمانية في بكين أن بيرنهارد فيلدن مات بسبب نزف داخلي شديد بعد سقوطه من مبنى عال في المنطقة الجامعية «هيديان».

ونال الأب تأشيرة دخول للصين مدتها ثلاثة أيام بعد يومين من وصول خبر الوفاة، ويقول الأب إنهم لم يسمحوا له برؤية الجثة، ورفضوا تسليمه تقرير التشريح الشرعي، كما رفضوا الحديث بتفاصيل القضية ومنعوه من رؤية موقع الحادث. وقال إنهم أجبروه على الموافقة على حرق جثة ابنه، وأجبروه على دفع 20 ألف دولار كلفة حرق الجثمان والحفظ في بيت الموتى. وفرضت الشرطة حظرا على اللقاء بأصدقاء ابنه وزملائه في الكلية وسمحوا له فقط برؤية غرفته.

وتقول الأم ريجينا فيلدن إن ابنها طلب منها يوم 21/12/ 2006 إخراجه بسرعة من الصين لأنه يشعر أنه «مهدد» بسبب قضية «سياسية». ورفض الحديث بالتفاصيل لأنه كان يعرف بأن خطوط الهاتف مراقبة في الصين. ثم كان أكثر وضوحا من خلال رسالة إلكترونية أرسلها في اليوم التالي وجاء فيها أن الشرطة السرية الصينية تلاحقه منذ أشهر. وترفض الأم نظرية الانتحار التي يتحدث بها الصينيون لأن ابنها «كاثوليكي مؤمن» ولا يؤمن بقتل النفس. والمعتقد أن المشكلة كلها تتعلق بكاثوليكية وتدين الابن بيرنهارد.

وقد بحث الرئيس الألماني هورست كولر موضوع بيرنهارد فيلدن مع رئيس الوزراء الصيني وين جياباو خلال زيارته لبكين في 23 مايو (ايار) الماضي. وبعدها فقط منح الأب تأشيرة دخول جديدة وسمح له بلقاء أصدقاء ابنه. كما تلقى الأب، قبل سفرته الثانية للصين، رسالة من السفير الصيني في ألمانيا ما كانرونغ جاء فيها أن الابن «انتحر من سلم حريق في مبنى معين»، وتحدثت الرسالة عن كاميرا فيديو صورت حادثة الانتحار.

ويقول الأب إنه عثر في غرفة ابنه في الصين على كتب دينية مسيحية باللغة الصينية، وأخبره الطلاب أن ابنه كان على علاقة بكنيسة مسيحية سرية تعارض سياسة تحديد النسل التي تنتهجها حكومة بكين. ويعتقد جيرهارد وريجينا فيلدن أن ابنهما راح ضحية التصفيات التي يقوم بها مكتب 610 المتخصص بمطاردة الكنائس السرية.

وتسلم الأب ملابس ابنه التي كان يرتديها أثناء انتحاره المزعوم ولم تكن عليها أية آثار دماء. وتفحص الكاميرا التي تراقب المكان فاكتشف أنها منصوبة في زاوية لا تشمل سلم الحريق. وكان سلم الحرق مقفلا بقفل خاص ولا يمكن لأحد دخوله بدون مفتاح. ويرى الوالدان أن ابنهما راح ضحية رغبة الدبلوماسية بتحسين العلاقة بين الصين وألمانيا. ولا يرغب أحد، وخصوصا قبل الألعاب الأولمبية ببكين، في إثارة قضايا حقوق الإنسان وملاحقة المسيحيين في الصين.