الأبورجينيز.. والجيل المسروق

TT

يعتقد ان سكان استراليا الأصليين «الأبورجينيز» نزحوا اليها من جنوب شرقي آسيا بين الألفية الثامنة والأربعين والثانية الأربعين قبل الميلاد. وبحلول الألفية العشرين قبل الميلاد كانوا قد انتشروا في عموم البلاد.

وظل هؤلاء السكان الأصليون يتمتعون بخيرات أراضيهم حتى عام 1788 حين وصل الى سيدني البريطاني الكابتن آرثر فيليب وقرر ان يتخذ من المكان مستعمرة للمجرمين وأبناء السفاح في بلاده، وكان يحمل منهم 800 محملين في اسطول من 11 مركبا. وكان عدد الأبورجينيز قد بلغ في ذلك الوقت مئات الآلاف.

عام 1829 أسس الكابتن البريطاني جيمس ستيرلينغ مستعمرة غرب استراليا، وبعد سبع سنوات أقيمت مستعمرة جنوب استراليا. على أن هجرة البيض الحقيقية بدأت في خمسينات القرن التاسع عشر بعد اكتشاف الذهب في أراضي البلاد الى حد ان عددهم فاق المليون مهاجر خلال عشر سنوات فقط. وصاحب هذا تدهور مريع في أحوال السكان الأصليين الذين وجدوا أسوأ معاملة من هؤلاء المهاجرين وراحت أعدادهم تتناقص سريعا بسبب ذلك. وفي الأول من يناير (كانون الثاني) 1901 أعلن قيام استراليا الموحدة، وتبعه بعد وقت قصير تشريع يقضي بالحد من هجرة البيض الى البلاد. وفي 1911 أسست كانبيرا وأعلنت عاصمة للدولة الجديدة.

«الجيل المسروق» مصطلح يستخدم للإشارة الى الأطفال الخلاسيين من سكان استراليا الأصليين (الأبورجينيز) الذين انتزعتهم الحكومة الاسترالية والبعثات التبشيرية البيضاء من أهاليهم باعتبارهم «أطفال الدولة». وكانت هذه سياسة امتدت لفترة مائة عام بدأت في 1869 وانتهت (رسميا) في 1969. وكان المبرر لسياسة انتزاع الخلاسيين هو انهم «منبوذون من قبل أهاليهم الأبورجينيز بسبب دمائهم المخلوطة وبالتالي فهم معرضون لخطر كبير». وقد آوت الحكومات المتعاقبة اولئك المختطفين في عدد من الأماكن خصصت لهم، مثل دور الأيتام، ولكن في معسكرات اعتقال ايضا في بعض الحالات.

وظل ملف «الجيل المسروق» هذا شبه منسي وسط الاستراليين حتى العام 1997 عندما نشر تقرير عنوانه «العودة بهم الى الديار» الذي سلط الضوء على قضيتهم للمرة الأولى. ويظل مصطلح «الجيل المسروق» نفسه مثيرا للجدل في استراليا في ما يتعلق بمعناه وبدقته، وذلك بسبب النقاش المثار حول جدوى ولا جدوى، وقانونية ولا قانونية، وأخلاقية ولا أخلاقية، الدافع وراء انتزاع الخلاسيين من أهاليهم.

على أية حال تبقى حقيقة أن التأثيرات الاجتماعية التي أحدثتها سياسة انتزاع الخلاسيين «من أجل منحهم حياة أفضل» ليست يسيرة على أي من المستويات. فقد أشارت دراسة صدرت في ميلبورن الى أن الحياة التي يعيشها الخلاسيون وأبناؤهم «ليست أفضل حالا بالمقارنة مع تلك التي يعيشها الأبورجينيز وأبناؤهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتعليم الثانوي والعالي والحصول على وظائف جيدة».

* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»