مئات الآلاف يشاركون اليوم في إحياء ذكرى اغتيال الحريري وسط إجراءات أمنية استثنائية

مفتي الجمهورية: اللبنانيون ينتظرون عدالة المحكمة الدولية و«عقوبة تاريخية»

TT

يحيي لبنان اليوم الذكرى السنوية الثالثة لاغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري بتفجير موكبه في 14 فبراير (شباط) 2005. ويتوقع أن يتدفق الى ساحة الشهداء، حيث ضريحه وأضرحة رفاقه الذين سقطوا معه، مئات الآلاف من المواطنين يتقدمهم قادة «تيار المستقبل» وقوى «14 آذار». وقد تقررت للمناسبة إجراءات أمنية استثنائية لتوفير سلامة الحشود ومنع أي احتكاك بين أنصار قوى «14 آذار» وأنصار «8 آذار» (المعارضة) الذين يعتصمون منذ ديسمبر (كانون الأول) 2006 في ساحة رياض الصلح وقسم من ساحة الشهداء.

وزار مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، على رأس وفد من المفتين وقضاة الشرع والعلماء، ضريح الرئيس الحريري. وبعد تلاوة الفاتحة عن روحه وأرواح رفاقه، قال المفتي: «إذا كان الحزن عند الناس على قدر محبة الفقيد ومكانته، فإن للرئيس الشهيد رفيق الحريري، رحمه الله تعالى، محبة كبيرة ومكانة عظيمة نادرة عرف قدرها اللبنانيون وكل العالم. ولذلك فإن اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو جريمة كبرى في حق لبنان والعالم. وان اللبنانيين ينظرون إلى عدالة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لتكون عقوبة المجرمين الذين اغتالوا الرئيس الشهيد رفيق الحريري عقوبة تاريخية».

وعمم وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ على جميع سفارات لبنان بوجوب مشاركة أبناء الجاليات اللبنانية في إحياء ذكرى الرئيس الحريري. وجاء في بيان تلقته السفارات: «إن هذه المناسبة الوطنية الأليمة تمر على اللبنانيين وهم ليسوا في حالة الوئام والتوافق واجتماع الرأي التي أرادها وعمل لأجلها الرئيس الشهيد. وإن خير ما نحيي به هذه المناسبة هو التمسك بقيم ونهج هذا الرجل الكبير الذي كان لبنانيا بالصميم وعربيا بالانتماء ومنفتحا على رحابة هذا العالم. وكان، رحمه الله، عامل طمأنينة وسكون وثقة للمجتمع اللبناني من خلال قدراته وعلاقاته ودوره وتواضعه وإيمانه».

وتابع البيان: «لمناسبة حلول الذكرى الثالثة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط، يمكنكم مشاركة أبناء الجاليات هذه المناسبة الوطنية الأليمة والتركيز على المعاني والقيم الجامعة التي مثلها الرئيس الشهيد من خلال مسيرته السياسية الحافلة، وعلى تشديده الدائم على الوحدة الوطنية اللبنانية التي وضعها في مقدم أولوياته، وكذلك على إنجازاته الاقتصادية والإعمارية والتي يشهد بها الجميع. كما يمكن التركيز على أن ذكرى استشهاد الرئيس الشهيد هي مناسبة لتوحيد اللبنانيين والإقلاع عن التنابذ والعمل على إيجاد الحلول التوافقية للأزمة السياسية الراهنة، وفاء لذكراه ومبادئه».

وقال رئيس الرابطة المارونية، الدكتور جوزيف طربيه، عقب زيارته متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة على رأس وفد من الرابطة: «نحن في أسبوع حزن وقلق. حزن في ذكرى شهيد لبنان الرئيس رفيق الحريري وقافلة الشهداء الأبرار التي لحقته. وقلق نتيجة التوترات السياسية البادية في الخطاب السياسي والتي بدأت تترجم على الأرض، ويا للأسف، بتوترات أمنية متنقلة. ونعتقد انه يقتضي تسريع الحل والعودة الى المؤسسات وانتخاب رئيس للجمهورية مع وجود مرشح توافقي يستطيع ان يدير الأزمة الحالية والقيام بتأليف حكومة وحدة وطنية تتولى الشأن بسرعة لأن ما نراه على الأرض هو بالفعل بداية اهتراء للوضع». وأضاف أن قائد الجيش العماد ميشال سليمان «هو مرشح توافقي والمرشح التوافقي الوحيد على الساحة حاليا... وبقدر ما نسرِّع الانتخابات نتجنب التداعيات التي بدأنا نشهدها على الأرض».

وفي إطار الدعوات للمشاركة بكثافة في احياء ذكرى استشهاد الحريري اليوم، عقد «اللقاء اللبناني الموحد» في الشمال اجتماعا في مقر «تيار المستقبل» بحضور منسقه العام في الشمال عبد الغني كبارة وممثلين للتكتل النيابي الطرابلسي والنائب مصباح الأحدب و«الجماعة الاسلامية» و«اللقاء الاسلامي المستقل». وصدر عن الاجتماع بيان أبدى فيه المجتمعون ارتياحهم الى الأوضاع الأمنية والخطوات المتخذة لحفظ سلامة المواطنين المشاركين في الذكرى. وأكد اللقاء «ان المشاركة الفعالة والكثيفة في هذه المناسبة هذا العام هي الإصرار على التمسك بالوحدة الوطنية والعيش المشترك والحفاظ على المؤسسات الدستورية في لبنان وتثبيت مبادئ السيادة والحرية والاستقلال».

ودعت مفوضية البقاع في حزب «الوطنيين الاحرار»: «جميع المناصرين والمحازبين والوطنيين» الى التجمع في ساحة الحرية (ساحة الشهداء) اليوم «وفاء للرئيس الشهيد رفيق الحريري ودعما لمسيرة ثورة الأرز».

من جهة أخرى، استقبل أمس رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» الرئيس السابق أمين الجميل، سفير روسيا في بيروت سيرغي بوكين وتناول البحث معه «الوضع وموقف روسيا التي تتواصل مع كل الأفرقاء في الداخل والخارج لدعم لبنان وحل أزمته في أسرع وقت ممكن. وهي داعمة بالمطلق لسيادة لبنان واستقلاله، وداعمة للمبادرة العربية. وتعتبر إنتخاب الرئيس من الأولويات على الساحة اللبنانية. ولذلك يقتضي الانتخاب من دون تأخير». وتم التشديد خلال اللقاء على «دعم المحكمة الدولية من أجل كشف المجرمين وإحالتهم للمحاكمة ومعاقبتهم». وقال السفير الروسي ان بلاده «على اتصال بالمراجع المعنية في الأمم المتحدة من أجل الإسراع في تشكيل المحكمة والبدء بأعمالها. والبحث يتم في موسكو حول المساهمة في التمويل إذا دعت الحاجة. وهذا دليل على اهتمام موسكو بهذا الموضوع».