«التيار الصدر» يؤكد إطلاق مترجم عراقي مختطف.. و لندن تلتزم الصمت

غموض حول مصير الصحافي البريطاني المختطف في البصرة

جندي عراقي يحمل بندقية أميركية في نقطة حراسة ببغداد امس (ا ب)
TT

اعلن قيادي في التيار الصدري في محافظة البصرة امس عن اطلاق سراح مترجم عراقي، كان برفقة صحافي بريطاني من قناة سي بي اس نيوز، وقال ان التيار يتفاوض بشان الصحافي البريطاني. الا ان السلطات البريطانية لم تؤكد الخبر قائلة انها «تتحرى عن المعلومات الواردة». وشهدت البصرة لليوم الثالث على التوالي إجراءات أمنية مشددة للبحث عن الصحافي البريطاني المختطف ريتشارد باتلر ومترجمه العراقي عقيل عباس العاملين لدى قناة سي بي اس الاخبارية، في وقت اعلن فيه «مكتب الشهيد الصدر» التابع لرجل الدين مقتدى الصدر في البصرة أمس انه انهى المفاوضات مع خاطفي الصحافيين. واوضح مكتب الصدر، في بيان صباح أمس ان «مكتب الصدر أنهى المفاوضات مع الخاطفين في قضية الصحافي البريطاني»، مضيفاً: «سيسلم الصحافي من قبل الخاطفين الى مكتب الشهيد الصدر خلال الساعات القليلة القادمة». ولكن عاد مكتب التيار الصدر وأكد اطلاق الصحافيين مساء أمس، اذ قال قيادي التيار لـ«الشرق الاوسط» مساء أمس، انه تم اطلاق المختطفين اثر وساطة بين مكتب الشهيد الصدر والخاطفين. وأضاف: «المترجم الصحافي عقيل عباس تم تسليمه ايضا الى غرفة عمليات محافظة البصرة، بعد ان تم اطلاق سراحه قبل وقت قصير». وكان مصدر مسؤول في مكتب الشهيد الصدر في البصرة قد ابلغ الصحافيين ان وساطة بين مكتب الشهيد الصدر والخاطفين أسفرت عن اقناع الخاطفين باطلاق سراح الصحافيين. ووصف حارث العذاري مسؤول مكتب التيار الصدري بالمحافظة اختطاف الصحافيين على إنها «من أجندة المخابرات الدولية التي تسعى إلى إذكاء الفتنه بين القوى الفاعلة بالمدينة». ورد العذاري على التقارير التي شككت بتورط التيار الصدري في عملية الخطف قائلاً: «التيار بريء من القيام بمثل هذا الفعل»، مؤكدا ان المكتب قدم تسهيلات للصحافيين اللذين اجريا عدة لقاءات مع قيادات في التيار قبل يوم من عملية اختطافهما.

وقالت مصادر امنية انها لا تستطيع التأكيد او النفي ما اذا تم دفع فدية مقابل اطلاق سراح الصحافي البريطاني ومترجمه، اللذين اختطفا في حي الجزائر التجاري بعد مغادرتهما فندق قصر السلطان السبت الماضي.

والتزمت السلطات البريطانية الصمت في ما يخص العملية الجارية لاطلاق سراح الصحافيين. وصرح الناطق باسم القوات البريطانية في البصرة الميجور توم هولاوي بأن هناك «تحركا مهما في الآونة الاخيرة، ولكن العمل على هذه القضية تقودها القوات العراقية». وامتنع عن الخوض في المزيد من التفاصيل، اذ تفضل السلطات البريطانية عادة عدم التحدث عن حالات الخطف قبل التأكد من سلامة المختطفين. ومن جهة اخرى، قال مصدر في وزارة الخارجية البريطانية ان الخارجية لم تحصل على معلومات مؤكدة بعد حول اطلاق الصحافيين، موضحاً: «نحن على علم بالتقارير التي صدرت ونتحقق من دقتها». واضاف المصدر الذي طلب من «الشرق الاوسط» عدم ذكر هويته: «لا نعلم بوجود اية صفقة وما نعرفه حالياً محصور بالتقارير الاخبارية التي وردت». وتحدثت «الشرق الاوسط» إلى نائب مدير تحرير مكتب لندن في شبكة سي بي اس، آندي كلارك، الذي أوضح من جهته بعدم وجود تعليق جديد حول الموضوع سوى ما سبق وذكرته الشبكة، وهو أن «الجهود ماضية لايجاد الصحافيين والحصول على معلومات اضافية، وتطلب شبكة سي بي أس احترام خصوصية عائلات المعنيين».

وكانت قوات الأمن العراقية تقوم منذ الاثنين بعمليات بحث مكثفة عن الصحافي البريطاني ومترجمه العراقي اللذين خطفهما مسلحون من فندق قصر السلطان في البصرة. واعلنت شبكة سي بي اس نيوز يوم الاثنين الماضي ان صحافيين يعملان لحسابها في البصرة اعتبرا مفقودين من دون ان تكشف هويتيهما ولا جنسيتيهما. وعلم لاحقاً ان المخطوفين غادرا بغداد جواً ووصلاً الى البصرة السبت من دون حماية امنية، كما هو دارج بين الصحافيين الاجانب الذين يتحركون في العراق بحماية حراس عراقيين او اجانب.

وقد استنكرت أوساط في المحافظة عملية الاختطاف ووصفتها بالعمل الإجرامي. واعتبر لؤي البطاط عضو مجلس المحافظة «عملية الاختطاف وليدة ضعف الأجهزة الأمنية التي لا زالت تعاني من الاختراق». وأعرب حيدر المنصوري رئيس نقابة الصحافيين بالمحافظة عن إدانة الأسرة الصحافية والإعلامية لعملية اختطاف الصحافيين. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «عمليات استهداف الصحافيين هي عمليات اجرامية ليس لها علاقة بالتجاذبات السياسية والطائفية»، معتبراً ان «القوى الظلامية تسعى للنيل من الصحافيين بغية توجيه الرأي العام إلى عدم استقرار الأوضاع الامنيه بالمدينة التي تشهد تحسنا مطرداً».

ومن جهته، اعتبر جان بابتيست ديمستروي، مسؤول منظمة «مراسلون بلا حدود» في المملكة المتحدة، لـ«الشرق الأوسط»، أن الوضع يزداد سوءا في العراق، مضيفا «مع كون الذكرى الخامسة لبدء الحرب على بعد شهر واحد، فإن عدد الصحافيين الذين استهدفوا في العراق لم يقل حتى وإن بدا أن الشهرين الأخيرين بديا أقل عنفا». وأضاف: «علينا ألا ننسى انه لا يوجد بلد أكثر دموية بالنسبة للصحافيين من العراق، فقد قتل 207 صحافيين منذ مارس (اذار) 2003 عندما بدأ الغزو الأميركي». وتابع: «على السلطات العراقية والأميركية اتخاذ خطوات جادة لوقف هذه الهجمات، علما بأن هذه السلطات هي نفسها متهمة بعنف جاد تجاه الصحافيين».