طلاب غزة يشرعون في فصلهم الدراسي الجديد بكتب ممزقة

خبراء نفسيون يحذرون من مغبة أن يؤثر ذلك على أوضاع الصغار النفسية

TT

على غير عادته، عاد محمد،11 عاما، للبيت مكفهر الوجه، رافضاً تناول طعام الغداء الذي قدمته له أمه. فهذا الطفل الذي يدرس في الصف السادس بالمدرسة الابتدائية في مخيم المغازي وسط قطاع غزة، غضب كثيراً لأن مربي صفه وزع عليه وعلى زملائه كتباً مدرسية قديمة استخدمها طلاب في السنة الماضية وأغلبها ممزق. وعندما حاولت أمه تهدئة روعه، أخرج كتاب القراءة من حقيبته وعدد أمامها الصفحات التي وجدها قد قصت من الكتاب.

وقال ماجد والد محمد لـ«الشرق الأوسط»: «كيف بإمكانه الاطلاع على الدروس التي لم تعد موجودة في الكتاب». وأضاف أنه قرر كتابة الصفحات التي أزيلت من كتاب محمد حتى يكون بإمكانه مذاكرتها. والأمر هذا ينطبق أيضا على أبنائه الأربعة الآخرين الذين يتعلمون في مدارس المخيم.

وقال علي خليفة، مدير عام الكتب والمطبوعات التربوية بوزارة التربية والتعليم الفلسطينية في الحكومة المقالة، لـ«الشرق الأوسط» إن 450 ألف طالب وطالبة يدرسون في المدارس الحكومية داخل القطاع لم يتمكنوا من الحصول على كتب دراسية جديدة في الفصل الجديد بسبب النقص الحاد في ورق الطباعة والكتب. وأشار الى أن وزارته بفعل النقص الحاد في الورق لم تتمكن إلا من طباعة 6 كتب من أصل 64 كتابا دراسيا، الأمر الذي اضطرها لتوزيع كتب قديمة وممزقة على الطلاب. وأضاف أن الوزارة نجحت في جمع 50% من الكتب القديمة، الأمر الذي تطلب أن يشارك طالبان أو أكثر في كتاب قديم واحد. الباحث في الشؤون التربية علي أبو نصار قال لـ«الشرق الأوسط» إن نقص الكتب واضطرار الطلاب للاكتفاء بكتب قديمة سيؤدي الى المس بمستواهم التعليمي وقدرتهم على التحصيل المدرسي، حيث أن الكتب القديمة تحتوي على حلول التمارين المدرسية التي من المفترض ان تشكل اختباراً لقدرة الطلاب على التحصيل، وهذا سيدفع الكثير من الطلاب الى عدم بذل وقت في الدراسة والاعتماد على النماذج المحلولة سابقاً. واشترى بعض أولياء الأمور الذين يملكون مصدر دخل جيد، كتبا تجارية لأبنائهم. وقال عبد الرحمن عودة الذي يعمل في مجال التجارة لـ«الشرق الأوسط» إنه اضطر لشراء كتب تجارية بأسعار مرتفعة لأولاده السبعة الذين يتعلمون في المدارس. وأضاف «دفعت 500 شيكل (140 دولارا)، ثمنا لهذه الكتب». لكن في قطاع غزة الذي تبلغ نسبة الفقر فيه أكثر من 80 في المائة، فإن الأغلبية الساحقة من الطلاب سيكتفون بالكتب القديمة الممزقة، والتعايش مع الأضرار الناجمة عن اقتنائها. ولم يقتصر تأثير النقص الكبير في الورق على الطلاب، بل أدى الى إغلاق معظم دور الطباعة والنشر التي تعمل في القطاع. صحيح انه تم ادخال كمية كبيرة من ورق الطباعة لدى انهيار الحدود بين مصر والقطاع، لكن وإلى جانب أنها لا تسد بحال من الأحوال النقص الهائل في الورق، فإن التجار أخفوها عن اعين اصحاب المكتبات لكي يتسنى لهم بيعها بسعر كبير. وفي الوقت الذي كان فيه سعر ربطة ورق الطباعة قبل الحصار يبلغ 14 شيكلا (3.8 دولار)، فإن سعرها الآن يصل الى 45 شيكل (12.5 دولار). وما ينطبق على الورق ينطبق على بقية أنواع القرطاسية، التي ارتفعت أسعارها بشكل جنوني، علما بأن مدارس وكالة غوث اللاجئين والمدارس الحكومية لا توفر القرطاسية للطلاب. وقال احد المدرسين الذين يعملون في مدارس المنطقة الوسطى من القطاع لـ«الشرق الأوسط» إنه وجد بعض طلابه يخصصون دفترا لأكثر من مادة دراسية، واضطر للتغاضي عن ذلك لتفهمه الأوضاع البائسة التي تحياها عائلات معظم الطلاب. وحذر الخبراء النفسيون في غزة من مغبة ان يؤثر اضطرار الطلاب الى استخدام الكتب القديمة الممزقة على أوضاعهم النفسية.