طير دبا تتشح بالسواد وفتيانها يتوعدون إسرائيل بالرد قريبا

«الشرق الاوسط» زارت مسقط رأس عماد مغنية

عامل يطبع صوراً لعماد مغنية أمس ضمن الاستعدادات لتشييعه في لبنان اليوم (أ.ب)
TT

هناك في بلدة طيردبا في جنوب لبنان التي تبعد 90 كلم عن العاصمة بيروت، يعود خالي الوفاض من يعتقد ان باستطاعته ان يمني النفس بكشف بعض المستور عن «العقل الامني والعسكري» في «حزب الله»، عماد مغنية، الذي اغتيل في انفجار بدمشق مساء اول من امس، ليس فقط لكون الرجل غادر منذ أمد بعيد مسقط رأسه، انما لافتقار الكثيرين من ابناء البلدة الى اي معلومات دقيقة عن دور عماد وموقعه رغم افتخارهم الشديد بانتمائه الى بلدتهم. «بيّض وجهنا، صانع المقاومة، ومدخل الخوف لدى الاميركيين والإسرائيليين» تقول واحدة من صبايا البلدة منتسبة الى حزب علماني. ومن حاول ان يتقفى اثرا ولو بسيطا لـ«بنك المعلومات» لدى «حزب الله» عاد خائبا. وبدا ان مغنية المحاط بالسرية والغموض في حياته، هو ذاته في مماته. ابناء بلدته لا يعرفون تفاصيل عنه سوى تلك التي كانوا يسمعونها عبر وسائل الاعلام عن دوره كمخطط ومنفذ لعمليات استهدفت الاميركيين والإسرائيليين. فقط حالة يتيمة يمكن اعتبارها تجاوزا للحلقة الامنية المحيطة بعماد مغنية تكمن في سقوط حظر الاستفسار عن موقع المنزل الذي ولد فيه. وهو امر كان ـ حتى الامس القريب ـ يمكن ان يعرض السائل لمساءلات. وبعدما كان الناس يرفضون التجاوب، ليس خوفا انما لمعرفتهم بحساسية موقع ابن قريتهم، تطوع شاب يافع لإرشاد عدد من الاعلاميين الى المنزل. «الغالي راح، الله يرحمه» يقول الشاب.

المنزل المؤلف من طبقتين والمطلي بالأبيض بدا مهجورا. اشخاص قالوا ان والد عماد يقيم منذ امد بعيد في بيروت. بينما قال آخرون انه توجه للقاء امين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله. تخرج سيدة من منزل مجاور لتقول: «لا فائدة من الانتظار عمة عماد غادرت بدورها».

بسرعة البرق اكتسحت طير دبا «المراسم والطقوس» التي يقيمها «حزب الله»: رايات سود ولافتات تؤكد ان «من بيننا سيخرج مئات من عماد» و«سوف نثأر». اعلام لبنانية وأخرى للحزب علقت الى جانب عشرات الصور لمقاتليه بينها صورتان لشقيقي عماد، جهاد وفؤاد، اللذين كانا قتلا في تفجيرين منفصلين في الضاحية الجنوبية لبيروت. ولوحظ غياب صور حديثة لعماد، وما يفسر ذلك قد يكون ما يقال عن تغيير ملامحه اكثر من مرة عبر عمليات جراحية.

وفيما الوفود تتقاطر الى ساحة البلدة ووسط الجموع المحتشدة، تشق تمام مغنية، وهي زوجة عم عماد لأبيه، الطريق وهي تلوّح بمنديلها وتصرخ: «يا ضيعانك يا عماد، يا بطل التحرير، ما تخاف، المقاومة اللي انت واحد من اللي صنعوها ستبقى».

تتطوع اثنتان من نساء «حزب الله» المتشحات بالشادور وتسحبان الحاجة تمام الى مكان آخر. لكن رمزية نعنوع خرجت وسط الناس مخاطبة الاعلاميين: «لمَ نبكي؟ سندرب اولادنا واطفالنا ونساءنا على القتال. قولوا لهم سوف نقاتلكم. وستندم اسرائيل على فعلتها باغتيال عماد. لا بأس انتظرونا قليلا وسترون كيف سيرد حزب الله. لقد شرّعت اسرائيل ابواب جهنم. وستعرف من هو عماد مغنية».