البرلمان العراقي ينزع فتيل أزمة سياسية.. ويقر 3 قوانين بينها الميزانية والعفو

محمود عثمان لـ«الشرق الأوسط»: البرلمان لا يمثل الشعب وإنما الكتل السياسية

معتقلون عراقيون أطلقت القوات الاميركية سراحهم امس من احدى القواعد الاميركية شمال بغداد (ا ب)
TT

حقق اعضاء البرلمان العراقي أمس انفراجة كبيرة، بعد مصادقتهم على ثلاثة قوانين بينها الموازنة لسنة 2008، الذي ارجأ لخمس مرات، وكاد تعثر المناقشات حولها ان يفجر ازمة سياسية، حيث دعا عدد من النواب الى حل البرلمان.

وأقر النواب بجانب ميزانية عام 2008، التي تبلغ 48 مليار دولار، قانون العفو العام، الذي يمكن أن يؤدي للافراج عن آلاف السجناء، وقانون مجالس المحافظات، في اجراء سيحدد العلاقة بين بغداد وسلطات المحافظات. وقال مسؤولون عراقيون ان هناك حاجة الى مثل هذا القانون للسماح باجراء انتخابات المجالس المحلية، ربما في اواخر عام 2008.

وقال النائب الاول لرئيس البرلمان الشيخ خالد العطية، ان التصويت تم بالاجماع، مشيرا الى ان اقليم كردستان حصل على نسبة 17%، على ان تتم اعادة النظر فيها في موازنة 2009، وان تقوم الحكومة باجراء احصاء سكاني لا يتعدى 31 ديسمبر (كانون الاول) 2008. وكان البرلمان العراقي قد فشل مساء الثلاثاء في المصادقة على قانون الموازنة، على الرغم من مناقشته اكثر من خمس مرات منذ طرحه في بداية العام الجاري بسبب الجدل القائم حول نسبة اقليم كردستان.

ووصلت حدة الامور في البرلمان الى عنق زجاجة الخلافات السياسية، بسبب عدم التصويت على القوانين، ما دفع بعض الكتل الى التهديد بالمطالبة بحل البرلمان ما لم تتم المصادقة على القوانين المذكورة، لا سيما ان عطلة مجلس النواب (البرلمان) العراقي تبدأ اليوم، بعد يوم من المصادقة.

وكان عدد من اعضاء مجلس النواب قد دعا أمس، قبيل التصويت على القوانين، الى حل البرلمان العراقي الذي لم يتمكن من المصادقة على مشاريع القوانين الثلاثة حتى وقت متأخر من يوم امس. وقال رئيس البرلمان محمود المشهداني خلال الجلسة المسائية الاستثنائية اول من أمس، «عندي مذكرة رفعتها بعض الكتل النيابية، تطالب بحل البرلمان اذا لم يتم التصويت على القوانين».

واعلن النائب نصار الربيعي رئيس الكتلة الصدرية في البرلمان «هناك حديث غير رسمي جرى (اول من امس) يشير الى ان الحل الامثل هو حل البرلمان، بسبب الخلافات حول تمرير القوانين». واعتبر الدكتور محمود عثمان، من الكتلة الكردية في البرلمان، ان حل مجلس النواب سوف يعقد الامور، مشيرا الى ان ذلك «يتطلب ما بين الستة اشهر الى السنة لاجراء انتخابات ثانية، وسوف تسفر هذه الانتخابات عن عودة نفس الوجوه الحالية الى البرلمان وذلك بسبب المحاصصة».

واضاف عثمان قائلا لـ«الشرق الاوسط» في لندن، حيث يمضي اجازته، «المشكلة تكمن في الكتل البرلمانية، فهي من يتحكم بالبرلمان ومجلس الرئاسة ورئاسة الوزراء»، مشيرا الى ان «اعضاء البرلمان لا يمثلون الشعب العراقي وانما يمثلون كتلهم».

من جانبه قال النائب المستقل ضمن لائحة الائتلاف العراقي الموحد جابر حبيب جابر لوكالة الصحافة الفرنسية، «هناك أزمة ثقة كبيرة بين الكتل البرلمانية، والدليل هو ان قيادات الكتل تتفق في المطبخ السياسي بمعزل عن ارادة اعضاء كتلها». واضاف «بالتالي فما جرى هو تعبير عن التمرد على ذلك، فكل كتلة تتبنى قانونا من القوانين الثلاثة، وتخشى من الجانب الاخر الا يصوت الاخر باتجاه قانونها». واشار الى ان التحالف الكردستاني يدفع بالتصويت على مشروع الموازنة للحصول على نسبة 17 بالمئة، الامر الذي يرفضه عدد من النواب الشيعة والسنة، فيما يدفع التيار الصدري وحزب الفضيلة لتمرير قانون انتخابات المحافظات، وتدفع جبهة التوافق لتمرير قانون العفو العام. لكن جابر استبعد حل البرلمان قائلا: ان ذلك يحتاج الى تأييد ثلثي الاعضاء.

واضاف كذلك فان «الكتل الكبيرة تخشى الا تعود بنفس التمثيل او تخسر الانتخابات المقبلة، لذلك لا تجازف في حل البرلمان».

وخصص قانون الموازنة نحو خمسة مليارات دولار الى وزارة الدفاع و2.5 مليار الى الداخلية ووعد بتوفير 700 الف فرصة عمل للمواطنين العراقيين. واكد العطية ان «هناك تخصيصات اضافية شرعت في الموازنة، تتضمن حالات الطوارئ، وهي بمقدار 600 مليار دينار (500 مليون دولار)، واخرى اضافية لتنمية الاقاليم والمحافظات والمشاريع الاستثمارية، تبلغ 450 مليار دينار (372 مليون دولار)». واضاف ان «هذه القوانين على غرار بقية القوانين، بحاجة الى مصادقة المجلس الرئاسي».

واوضح ان المصادقة تمت على اساس «توافق سياسي والتصويت على القوانين، دفعة واحدة لانها متلازمة وتهم الشعب العراقي ومعظم الكتل السياسية».

وفي ما يخص قانون المحافظات غير المنضوية في اقليم (15 محافظة من اصل 18، ثلاث منها في كردستان العراق)، قال نائب رئيس البرلمان ان القانون «الذي بقي لمدة سنة يتراوح في دهاليز البرلمان بين اللجان والحكومة تم التوافق عليه وبذلك تستطيع المحافظات حينما يبدأ سريانه قبل نهاية السنة، بالتمتع بصلاحيات واسعة، والتي تتيح لها اطلاق طاقاتها من اجل تنميتها واعمارها والاستفادة من المبالغ المرصودة لها، والتي تكفل لها الحرية اللازمة بعيدا عن طابع المركزية التي كانت محكومة به في الفترة السابقة».

أما قانون العفو العام الذي اصبح يشمل العراقيين والمقيمين في العراق بعد تعديله في البرلمان سيشمل اكبر عدد من المعتقلين، «باستثناء المحكومين بجرائم الابادة الجماعية او القتل الجماعي، ولا يشمل قضايا الفساد الاداري والمالي والحق العام والارهاب».