نصر الله: الحرب ما زالت مستمرة ونحن نعد ليوم آخر .. و14 شباط سيكون تاريخا لبدء سقوط دولة إسرائيل

«حزب الله» شيّع عماد مغنية بحضور وزير الخارجية الإيراني

صورة غير مؤرخة لعماد مغنية احد القياديين العسكريين لحزب الله باللباس العسكري، نشرها الحزب بعد مقتله في انفجار سيارة في دمشق الثلاثاء الماضي (أ. ف. ب)
TT

شيع «حزب الله» امس في الضاحية الجنوبية لبيروت احد قادته الامنيين عماد مغنية (الحاج رضوان). واتهم اسرائيل باغتياله في دمشق مساء الثلاثاء الفائت (12 فبراير). ودعا الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، في كلمة تميزت بالحدة والحزم، الى اعتبار تاريخ اغتيال مغنية تاريخاً «لبدء سقوط دولة اسرائيل». وقال: «ان دم عماد مغنية سيخرجهم من الوجود... هذا كلام ليس للانفعال والعاطفة، بل هو كلام المتبصر». وتوجه، في كلمة تأبين مغنية، الى اسرائيل قائلاً: «لقد تجاوزتم الحدود وارتكبتم حماقة كبيرة. اردتموها حرباً مفتوحة فلتكن حرباً مفتوحة، ينتظركم فيها الآلاف من الذين تربوا على يد الحاج رضوان». واعتبر ان حرب تموز (يوليو) 2006 «لا تزال مستمرة سياسياً وامنياً وإعلامياً، مدعومة من كل الدول التي دعمت اسرائيل في هذه الحرب التي ما زالت من دون وقف للنار». وفي اشارة الى «انجازات» مغنية في المقاومة، قال نصر الله انه «استشهد ولم يترك إلا القليل مما نعده، بعد تموز، لحرب قد تكون قادمة، فنحن منذ انتهاء حرب تموز نعد ليوم آخر. واليوم حزب الله والمقاومة في أتمّ الجهوزية لأي حرب على لبنان الذي لن يكون اميركيا أو اسرائيلياً».

بدأت مراسم تشييع مغنية قبل ظهر امس حين بدأت الوفود تتقاطر الى الضاحية الجنوبية من مناطق بيروت والجنوب والبقاع، تحت مطر غزير. وما لبثت شوارع الضاحية ان ضاقت بالحشود. وملأت الشخصيات الدينية والحزبية والسياسية «مجمع سيد الشهداء» حيث سجي جثمان مغنية ملفوفاً بعلم «حزب الله». وتقدم المشاركين في مراسم التشييع وزير خارجية ايران منوشهر متكي الذي تلا رسالة تعزية لنصر الله من الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، ثم رسالة مماثلة من مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية السيد علي خامنئي. وكان متكي وصل بعد ظهر امس الى بيروت على متن طائرة خاصة، آتياً من طهران. واستقبله في المطار الوزراء المستقيلون فوزي صلوخ، طراد حمادة ومحمد فنيش وسفير ايران محمد رضا شيباني.

وقد القى نصر الله كلمته عبر شاشة تلفزيون ضخمة وسط رشقات كثيفة من الرصاص في انحاء الضاحية. ومما قال: «الشهيد القائد الحاج عماد مغنية ـ الحاج رضوان ـ عاهد الله بصدق وانتظر اللقاء بشوق... الحاج عماد حمل دمه على كفه وحمل كفنه على كتفه مذ كان شاباً في مقتبل العمر. ومضت به السنون وكان يصنع النصر ويطلب الشهادة. وأخيراً وصل فهنيئاً له هذا الوسام الالهي الرفيع».

و«ضاف: «الحاج عماد مغنية من بيت كان كله جهاداً وما زال، لكنه اليوم بات كله شهادة... ان هذا البيت الجهادي قدم كل ابنائه شهداء... جهاد وفؤاد وعماد يتقدمون الى الشهادة الواحد تلو الآخر فكانت هذه العائلة جديرة بالاصطفاء وبالجهاد وبالشهادة وبالقيادة».

وتابع: «لم تفاجئنا هذه الشهادة المنتظرة منذ 25 عاماً... لذلك نحن اليوم مع شهادة الحاج عماد في سياقنا الطبيعي وفي وضعنا الطبيعي، كما كنا مع شهادة قائدنا وسيدنا واميننا العام السيد عباس الموسوي، وكما كنا مع شهادة شيخ شهدائنا الشيخ راغب حرب، لاننا في معركة حقيقية دامية... في مواجهة كل الاطماع والتهديدات والعدوان الذي تمثله اسرائيل وأميركا وكل الذين يقفون خلفهما».

وأعلن نصر الله: «بين يدي الشهيد القائد وامام جثمانه الطاهر وعلى مسامعكم ومسامع العالم الذي يترقب موقف حزب الله في هذه الساعة، أود ان اؤكد على نقاط عديدة: أولاً، هم، اي الصهاينة، يرون في استشهاد الحاج عماد انجازاً كبيراً. ونحن نرى فيه بشارة عظيمة بالنصر الآتي والحاسم والنهائي، ان شاء الله». واضاف: «اليوم قتلوا الاخ القائد الحاج عماد مغنية وهم يظنون ان بقتله ستنهار المقاومة. قتلوه في سياق حرب يوليو (تموز) التي ما زالت مستمرة وحتى اللحظة لم يعلن اي وقف لإطلاق النار. وما زالت مستمرة سياسيا واعلاميا وماديا وامنيا، مدعومة من نفس الدول التي دعمت حرب تموز. قتل عماد في سياق هذه الحرب، لكنهم مشتبهون تماما ومخطئون تماما... من حرب تموز 2006 ذات الصلة الوثيقة بعماد مغنية الى دم الحاج عماد مغنية في شباط (فبراير) 2008 فليكتب العالم كله، وعلى مسؤوليتي، يجب ان نؤرخ لمرحلة بدء سقوط دولة اسرائيل... لان دم عماد مغنية سيخرج اسرائيل من الوجود، ان شاء الله».

وأكد: «ان هذا الكلام ليس للانفعال ولا من موقع العاطفة بل في لحظة تبصر». وتابع: «ثانيا، ليطمئن كل المحبين والقلقين وليعرف، من الجهة الاخرى، العدو انه ارتكب حماقة كبيرة جدا، فانا بين يدي الحاج عماد وأمام اخوانه الذين يعرفون كل الحقائق، اقول للصديق والعدو: لا وهن ولا ضعف ولا خلل في جسد المقاومة. اخوة عماد مغنية سيواصلون طريقه ومشروعه وجهاده». وأعلن: «بدأنا معا نعد ليوم آخر، ليوم نعرف ان اسرائيل ذات الطبيعة العدوانية ستعتدي فيه على لبنان وتشن حروبا اخرى على لبنان وعلى المنطقة... منذ 14 آب (اغسطس) 2006 كان جزء كبير من تنظيمنا يرعى عملية الاسكان والتعويض للمهجرين ورفع الانقاض. ولكن الذين كانوا يقاتلون بدأوا منذ اليوم الاول يستعدون لحرب قد تكون قادمة. وما توعدت به في السابق ليس عن المستقبل، هذا انجز وانجزه الحاج عماد وإخوانه. اليوم حزب الله والمقاومة الاسلامية في أتم الجهوزية لمواجهة اي عدوان محتمل». واضاف: «اليوم بعدما قتلوا الحاج عماد فليسمعوني جيداً: في أي حرب مقبلة لن ينتظركم عماد مغنية واحد، ولا عدة آلاف من المقاتلين، لقد ترك لكم عماد مغنية خلفه عشرات الآلاف من المقاتلين المدربين المجهزين الحاضرين للشهادة».

وأردف نصر الله: «ثالثا، للعدو، لاننا لا نغدر، وللصديق، طلباً للعذر، أقول ما يلي: لقد قتل الصهاينة الحاج عماد مغنية في دمشق. وكل معطياتنا الميدانية والتحقيقات من الآن تؤكد هذا الامر. وتعاطى الاسرائيليون مع المسألة بتلميح اقوى من التصريح في تحملهم مسؤولية الاغتيال. وأقول لهم: لقد قتلتم الحاج عماد خارج الارض الطبيعية للمعركة، نحن وإياكم كانت معركتنا وما زالت على أرضنا اللبنانية... لن اتكلم الآن كثيرا، لكنني سأستعير عبارة واحدة من حرب تموز عندما خاطبتكم في المرة الاولى وقلت لكم: ايها الصهاينة ان اردتموها حرباً مفتوحة فلتكن حرباً مفتوحة... اليوم كلمة واحده فقط امام هذا القتل في الزمان والمكان والأسلوب: ايها الصهاينة ان كنتم تريدون هذا النوع من الحرب المفتوحة، فليسمع العالم كله، فلتكن هذه الحرب المفتوحة».

وتابع: «رابعاً، في 14 شباط اليوم ذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كنا نود ان تجمع الشهادة بين الساحات ولكن شاء البعض ان يحول المناسبة دائما الى حفلة شتائم وسباب واتهامات لا طائل منها. ولا يكفي ان يتناوب الخطباء على الشتم لتنتهي حفلة الشتم بيد ممدودة، اليد الممدودة عندما نرى انها صادقة لن تجد منا إلا يداً ممدودة. ولكني أربأ بالمناسبة، مناسبة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأربأ بمناسبة هذا التشييع المبارك والجليل لقائد كبير من قادتنا في المقاومة أن أرد على حفلة الشتائم هذه. ولكن في الاختصار ايضاً اكتفي بكلمة واحدة وليسمعوا جميعاً: لبنان الذي قدمنا على ارضه اغلى قادتنا واذكى علمائنا وأحب اخواننا وابنائنا ونسائنا واطفالنا الشهداء، لبنان هذا لن يكون اسرائيليا في يوم من الايام، ولن يكون موطنا للصهاينة. ولبنان هذا لن يكون أميركيا في يوم من الايام. لبنان هذا لن يقسم. ولبنان هذا لن يفدرل. ومن يطلب الطلاق، فليرحل من هذا البيت، فليذهب الى اسياده في واشنطن وفي تل ابيب. لبنان هذا سيبقى بلدا للوحدة الوطنية والعيش المشترك والسلم الاهلي».

وخلص إلى القول: «لبنان هذا باق باق باق بلدا للوحدة وبلدا للكرامة وبلدا للشهامة وبلدا للسيادة وبلدا للعزة».