أصوليون يستغربون اغتيال مغنية في سورية.. ويؤكدون أنه لا علاقة بين «مستودع الأسرار» و«القاعدة»

ذكروا بعمليات اختراق سابقة للإسلاميين في دمشق وعواصم أوروبية

نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم يقرأ مع عدد من قياديي الحزب الفاتحة على نعش مغنية بعد إقامة صلاة الميت في ضاحية بيروت الجنوبية (إ ب أ)
TT

استغرب عدد من الاصوليين في لندن اغتيال عماد مغنية أحد القادة العسكريين لحزب الله وأحد أكثر العناصر المطلوبة من جانب الولايات المتحدة في العاصمة دمشق أول من امس على الاراضي السورية. ولمح الدكتور هاني السباعي مدير مركز «المقريزي» بلندن، الى ان مغنية الذي يعتبر بمثابة «مستودع اسرار» ومحمي دوليا من جانب ايران وسورية، ربما باعته مخابرات دمشق او تخلصت منه باتفاق مع الموساد خوفا من اختطافه حتى لا يتعرضوا لأي مساءلة قانونية في ما يتعلق بالعمليات التي ارتكبها من قبل، بمساندة وتغطية من السلطات السورية».

ونفى الاسلامي المصري السباعي عضو الجهاد المصري السابق، أي علاقة بين مغنية و«القاعدة»، مؤكدا ان مغنية «المتهم بالتآمر لخطف طائرات واحتجاز رهائن وقرصنة جوية أفضت إلى القتل، لم يكن له أي دور في ترتيب ملف عناصر القاعدة المختبئة حاليا في ايران». وذكر السباعي ان «القاعدة» و«حزب الله» صنوان متناقضان لا يجتمعان، مشيرا الى ان مرجعية «القاعدة» وطريقة عمله ومنهجه تختلف كليا عن «حزب الله»، لأن الاول مجال عمله اممي، اما الثاني فهو تنظيم محلي. واضاف السباعي ان القاعدة منذ تاسيسها لا يوجد في ادبياتها او تاريخها شخص او قيادي اسمه عماد مغنية من قريب او من بعيد. مشيرا الى ان ادبيات القاعدة موجودة واصحابها احياء مطاردون ملاحقون، وليس بينهم شخص اسمه مغنية.

واشار الى ان القاعدة كانت اللحمة الاساسية فيه لقيادات عناصر من السنة مصريين وسعوديين». واوضح: «تلقت عناصر القاعدة تدريبها على يد عسكريين مصريين مثل ابي عبيد البنشيري واسمه علي امين الرشيدي قائد المجاهدين الذي لقي حتفه غرقا في بحيرة فكتوريا عام 1996، ثم محمد عاطف الذي يعرف باسم ابو حفص الكومندان القائد العسكري للتنظيم الذي قتل في عمليات قندهار نهاية عام 2001، وهناك ايضا المسؤول الحالي للتنظيم في افغانستان وهو مصري واسمه الشيخ سعيد المحاسب». واعلن حزب الله الشيعي اللبناني مقتل مغنية في تفجير الثلاثاء في احد احياء دمشق متهما اسرائيل باغتياله. وكانت اجهزة الاستخبارات الغربية تتهمه بالعمل مباشرة مع الاستخبارات الايرانية وكان مدرجا على لائحة وزارة الخارجية ومكتب التحقيقات الفيدرالي للاشخاص المطلوبين.

من جهته قال الاسلامي المصري اسامة رشدي المتحدث الاعلامي السابق باسم «الجماعة الاسلامية المصرية» «اننا لا نعرف حقيقة ما ينسب الى مغنية، وهو من القادة العسكريين لحزب الله حقيقة ام اساطير، الا انه نفى ان يكون مغنية هو الذي رتب اوراق القاعدة مع الحرس الثوري الايراني». الى ذلك فتح مقتل، مغنية الذي كان يعرف بين اجهزة الاستخبارات في العاصمة السورية باسم «الرجل الشبح»، ملف الاختراقات التي تعرض لها الاصوليون في عواصم مختلفة أدت الى تسليمهم الى عواصم عربية. وذكر عدد من الاسلاميين بعمليات اختراق سابقة تعرضت لها الجماعات الاصولية في سورية، مثل اعتقال رفاعي احمد طه «ابو ياسر» المسؤول العسكري لـ«الجماعة الاسلامية المصرية» في العاصمة دمشق مارس 2001، قبل تسليمه للقاهرة، الا ان الاسلامي المصري ياسر السري، مدير «المرصد الاسلامي»، وهو هيئة حقوقية تتخذ من لندن مقرا لها، زعم ان الموساد الاسرائيلي ربما له وجود على الاراضي السورية، وكشف ان اعتقال رفاعي طه قد يكون له علاقة بمكالمات دولية كانت تحت رقابة المخابرات الاميركية ساعدت على تحديد موقعه في العاصمة دمشق. وربط السري ملف الاختراقات ايضا باختطاف قيادي يمني من القاهرة اسمه عبد السلام الحيلة قبل ترحيله الى قاعدة باغرام الاميركية في افغانستان ثم الى قاعدة غوانتانامو البحرية في كوبا». وضمن الذين تم ترحيلهم من الاصوليين من عواصم اوروبية الى القاهرة، طلعت فؤاد قاسم (ابو طلال القاسمي) عضو مجلس شورى الجماعة الاسلامية، والمتحدث باسمها، الذي اختطف من شوارع زغرب عام 1995، وكان ابو طلال رئيس تحرير مجلة «المرابطون» الناطقة باسم «الجماعة الاسلامية»، وقضى 7 سنوات في السجن في قضية الجهاد الكبرى بتهمة المشاركة في اغتيال الرئيس المصري الراحل انور السادات عام 1981، واختطف ابوطلال رسميا، بحسب اصوليين في لندن، ليلة وصوله الى العاصمة الكرواتية يوم 12 سبتمبر (ايلول) عام 1995، من منزل مترجم فلسطيني اسمه الدكتور احمد، وقالوا: «يبدو انهم استدرجوه الى هناك بعد حصوله على تأشيرة دخول من بروكسل».

وهناك ايضا أحمد ابراهيم السيّد النجار، الذي كان أحد مسؤولي تنظيم «الجهاد» المصري واستردته مصر من ألبانيا في إطار ما أصبح يعرف بقضية «العائدين من ألبانيا» عام 1999، وقدم النجار كل أسرار تنظيم «الجهاد» المصري أمام المحققين. و«تمثل شهادته أمام المحققين، التي حوكم بموجبها ونفذ فيه حكم الإعدام، مصدر المعلومات الحقيقي الذي استخدمه العديد من الاختصاصيين في شؤون الإرهاب». وكان النجار مسؤول «التنظيم المدني» لجماعة «الجهاد» داخل مصر.  واكتسبت شهادة احمد النجار أهمية خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، لأنها تسجّل، من الداخل، مرحلة الانهيار التي عاشها تنظيم «الجهاد» تحت وطأة الضربات الناجحة التي وجهتها له أجهزة الأمن المصرية، واضطراره إلى الارتماء في أحضان أسامة بن لادن في أفغانستان الذي اشترط عليه «طالبان» أن يكون مسؤولاً عن كل العرب الموجودين في البلاد. وقال اسلاميون في لندن ان ضباط المخابرات الاميركية قاموا باختطاف ابو طلال القاسمي، ثم قاموا بالتحقيق معه فوق بارجة تابعة لحلف شمال الأطلسي، قبل ان يسلموه الى اجهزة الأمن المصرية. ومن ابرز من تسلمتهم مصر من الخارج أحمد سلامة مبروك ابو الفرج المصري، ويعتبر أحد قادة تنظيم الجهاد منذ عام 1978 أيام كان مسؤولا عن عدة مجموعات في التنظيم من بينها المجموعة التي كانت تضم مصطفى حمزة (من بنى سويف) المتهم والمخطط الأول لمحاولة اغتيال الرئيس مبارك في أديس أبابا عام 1995، والذي كان قد أصبح أميرا للجناح العسكري للجماعة الإسلامية بعد انشقاقه عن تنظيم الجهاد، كما قضى سلامة مبروك سبع سنوات سجن في قضية تنظيم الجهاد عام 1981م، وخرج بعدها ليصبح عضو مجلس شورى جماعة الجهاد المصري ومسؤول التنظيم المدني بها ثم أصبح مسؤول العلاقات الخارجية بجماعة الجهاد إلى أن خطفته المخابرات الأميركية من أذربيجان وسلمته لمصر في سبتمبر 1998، بعيد تفجير السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998، حيث حكمت عليه المحكمة العسكرية العليا في مصر بالسجن المؤبد في القضية التي اشتهرت إعلاميا باسم «العائدين من ألبانيا».

وهناك ايضا (أحمد حسين عجيزة) المعروف بالاسم الحركي (عبد الحميد) أمير جماعة طلائع الفتح، الذي تم اختطافه من السويد نهاية عام 2001، وترحيله الى مصر، وهو من محافظة بني سويف، وكان قد شارك في الجهاد في أفغانستان ثم عاد لمصر ولم ينتبه له الأمن، كونه لم يكن عضوا في جماعة الجهاد، وكونه خرج وعاد بجوازات سفر مزورة». وجماعة طلائع الفتح هي الجماعة التي قامت بتنفيذ عدة عمليات لقتل مسؤولين في حكومة مصر من بينهم محاولة اغتيال عاطف صدقي رئيس الوزراء المصري الاسبق، ومن المعلوم أن احدى المحاكم كانت قد حكمت على عجيزة غيابيا بالسجن المؤبد في قضية «العائدون من ألبانيا» عام 99 والتي كان عدد المتهمين فيها 107 متهمين. ومن المعروف ايضا أن الإمارات كانت قد سلمت لمصر محمد الظواهري منذ عامين تقريبا حيث كان محمد الظواهري مسؤولا عن مجموعات التنفيذ في جماعة الجهاد، فيما اختطف ضباط من المخابرات الاميركية امام ميلانو أسامة نصر أبو عمر المصري، وسلمته الى مصر في فبراير شباط عام 2003.