الحريري: نمد اليد إلى «الشركاء» .. وجنبلاط: الثلث المعطل «خيانة»

مواقف «لافتة» لأركان «14 آذار» في الذكرى الثالثة لاغتيال رفيق الحريري

مشهد للحشود الضخمة التي تجمعت امس في ساحة الشهداء في بيروت لإحياء الذكرى الثالثة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري (أ ب)
TT

احيت قوى «14 اذار» امس الذكرى الثالثة لاغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري في مهرجان حاشد شارك فيه مئات الآلاف من اللبنانيين تحدوا الطقس العاصف والثلوج والامطار التي لم تنقطع طوال فترة المهرجان الذي تخللته كلمات لافتة ومتفاوتة الشدة من قيادات قوى «14 اذار» التي مدت يدها الى المعارضة طالبة التوافق على انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية ورافضة اعطاء المعارضة «الثلث المعطل» في الحكومة المقبلة.

وفي حين اعلن رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، انه يمد اليد الى المعارضة «على رغم الصعوبات والمؤامرات»، مشددا على «لقاء الساحات لا صدامها» رفع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط سقف خطابه السياسي، محذرا من التهاون ومعتبرا «ان لحظة انتخاب رئيس للجمهورية بثلث معطل والتخلي عن رئاسة الوزراء هي لحظة الخيانة والتخلي والاستسلام والسقوط في الفخ الكبير المنصوب من قبل النظام السوري والعصابات الملحقة». اما رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع فقد طالب المعارضة بـ«عدم التحالف مع قتلة شهدائنا والعابثين بأمن شعبنا» وبـ«المشاركة في سلاحكم وفي قرار السلم والحرب».

خاطب النائب الحريري الحشود التي غصت بها الساحات المحيطة بضريح الرئيس الراحل، فقال: «ها انتم اليوم، مرة جديدة، تلبون نداء الحرية والسيادة والاستقلال، تعودون إلى هذه الساحة لتمنعوا مرة جديدة محاولة اغتيال لبنان ولتقولوا بأعلى الصوت نريد رئيسا للجمهورية. ونحن نقول لكم سيكون لنا رئيس للجمهورية بإذن الله. فلا قيمة لقمة عربية من دون رئيس لبناني».

وأضاف: «ان اعداء لبنان ما زالوا يحاولون اغتيال لبناننا، تماما كما حاول العدو الاسرائيلي اغتيال لبناننا في حرب يوليو (تموز) 2006 لأن المحاولة هي نفسها. تارة من اسرائيل، وطورا لا بل أطوارا من المنتج الاسرائيلي الجاثم على قلب العروبة النابض، المنتج الاسرائيلي الذي يسمي نفسه نظاما في دمشق، المنتج الاسرائيلي الذي يضمن للعدو منذ 34 سنة الهدوء التام والسلم الثابت على أرض الجولان العربي السليب، ويمنع شعبه البطل من أي مقاومة أو محاولة لتحرير أرضه الطاهرة. المنتج الاسرائيلي الذي لعب دورا اساسا في ضرب وحدة الشعب الفلسطيني. نعم، هذا هو المنتج الاسرائيلي بعينه الذي يحاول اليوم تنفيذ حلم العدو الاسرائيلي بجر المقاومة إلى حرب أهلية تنتحر فيها وتقضي معها على نموذج لبنان وعلى لبناننا كما أراده وبناه وتركه أمانة في رقابنا الرئيس الشهيد رفيق الحريري».

واكد التصميم على «احقاق الحق في المحكمة الدولية لحماية لبنان واللبنانيين من كل من كان يعتقد أن جرائمه مهما كبرت في حق لبنان وشعبه يمكنها أن تبقى من دون عقاب. وسنبقى معكم مصممين على انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية اللبنانية لفتح مرحلة جديدة من التوافق والحوار والتعاون لمصلحة الوطن والمواطن». وتابع: «نحن هنا في هذه الساحة لنبقى. ونحن هنا في هذا الوطن ليبقى الوطن. ونحن هنا لنقول لشركائنا في الوطن، كل شركائنا في الوطن من دون استثناء، أن اليد ممدودة وستبقى ممدودة، مهما بلغت الصعوبات والمؤامرات، لأن هدفنا الأول والأخير هو متابعة مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مسيرة العيش المشترك والإعمار... مسيرة بناء الدولة والمؤسسات وانتظام الحياة الديمقراطية. نعم هذا هو هدفنا، هدف رفيق الحريري، هدف كل اللبنانيين المحتشدين في ساحة الحرية اليوم، كما المحتشدين في الضاحية الجنوبية لتشييع قيادي في المقاومة (عماد مغنية) سقط بالأمس في دمشق، تحت انظار النظام السوري، والله أعلم».

ودعا الحريري «شركاءنا في الوطن» الى «لقاء الساحات لا صدامها». وقال: «ندعوكم إلى فتح الطرقات لا إقفالها. ندعوكم إلى انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية الآن، لا غدا. لنجلس سويا في حكومة وحدة وطنية تلتزم اتفاق الطائف نصا وروحا لا حكومة تعطيل وطني، حكومة تعيد الكهرباء إلى البيوت والنور إلى القلوب وتعيد فتح قلب بيروت لجميع اللبنانيين ومصالحهم الاقتصادية والمعيشية وتعيد استقطاب العرب والعالم إلى وطننا وتزيل جميع آثار العدوان الاسرائيلي وتعزز قدرة الجيش اللبناني البطل على مواجهة أي عدوان في المستقبل».

من جهته، صعَّد النائب جنبلاط من لهجته، معتبرا «ان لحظة انتخاب رئيس للجمهورية بثلث معطل والتخلي عن رئاسة الوزراء هي لحظة الخيانة والتخلي والاستسلام والسقوط في الفخ الكبير المنصوب من قبل النظام السوري والعصابات الملحقة». وقال: «في اللحظة التي قد ينتاب البعض منا الحزن، في اللحظة التي قد نشعر بالشك، في اللحظة التي قد يراودنا التردد، في اللحظة التي قد يظن البعض منا ان التسوية مقبولة وممكنة على شروط جماعة الظلام والرياء والاجرام، في اللحظة التي قد ينتخب فيها رئيس مع ثلث معطل، مدمر، ثلث الاجرام السياسي والاغتيال، في اللحظة التي نتخلى عن رئاسة الوزراء لغير نهجك ومدرستك وسياستك، تكون لحظة الخيانة والتخلي والاستسلام والسقوط، وتكون لحظة الفخ الكبير المنصوب من قبل حاكم النظام السوري والعصابات الملحقة به من اجل تمرير قمة او انقاذ قمة، لحظة يكون فيها رئيس دون حكومة ودون مجلس ودون جيش، لحظة الفراغ المطلق على حساب الحقوق المشروعة للشعب اللبناني في السيادة، في الدولة، في الجيش، في الحرية، في العدالة والأمن والمحكمة، تكون لحظة تسليم لبنان الى ريف دمشق والتخلي بالتالي عن الطائف، وتسليم لبنان الى عالمهم، عالم الشر الأسود الايراني ـ السوري، تكون لحظة التراجع عن المصلحة الوطنية التي أرساها سيدنا البطريرك (نصر الله صفير) وعمدتها يا أبا بهاء بدمائك ودماء رفاقك، يا أغلى الرجال، يا رفيق الكمال (والده كمال جنبلاط)، ودماء الذين لحقوا بك على يد الاجرام والغدر من شتى انواع المرتزقة والحاقدين والمجرمين وفتح الاسلام، تكون اللحظة المثالية لاغتيال ما تبقى من انجازات، من صمود الحكومة، من تحقيق المحكمة، من انتصار البارد، من رفض الوصاية، وصاية عالم الموت على حساب حقنا في الحياة. عندها ايضا ليجعل بشار الموت وحلفاؤه ، ليجعل من الرئاسة والمؤسسات والجيش والامن والعدالة ، ليجعلوا منها أشلاء واختصاصهم وحلفاؤهم علم الأشلاء الحية والميتة، هم أشلاء يعيشون في جهنم».

وأضاف: «انظروا ما حدث بالأمس (اغتيال عماد مغنية) ينهشون بعضهم البعض، يأكلون بعضهم البعض. هذا هو نظام الغدر، نظام بشار. هذه نصيحتي في يومك يا رفيق الحريري، أمامكم وامام ضريحك وأمام رفاقك». وقال رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع: «لن نقبل ببقاء بعبدا رهينة بين أيديكم. لن نقبل بإعطائكم إمكانية تعطيل الحكومة لتعطلوها، كما عطلتم المجلس النيابي والوسط التجاري وانتخابات رئاسة الجمهورية وكل ما وقعت أيديكم عليه. حتى بكركي (البطريركية المارونية) تحاولون تعطيلها. ولكن خاب ظنكم، لأن من خاض غمار التاريخ وأحداثه، ومن واكب شعبه على مر العصور... لن يقوى عليه من اعطي مال ايران وخنجر الشام».

واضاف متوجها الى المعارضة: «تريدون المشاركة، اهلا وسهلا بكم. شاركونا نضالنا لتحرير قرارنا الوطني كليا. شاركونا سعينا الى ترسيم حدود بلادنا وترسيخ سيادتها واستقلالها نهائيا. شاركونا وجعنا. ولا تتحالفوا مع قتلة شهدائنا والعابثين بأمن شعبنا. شاركونا سلاحكم وقرار السلم والحرب. هذه هي المشاركة الحقيقية. وكل ما تبقى لا يعدو كونه توزيعا للمكاسب».

واكد الرئيس السابق امين الجميل تصميم قوى الاكثرية على «انقاذ الكيان والمؤسسات». وقال: «مسيرتنا اليوم مستمرة ولن نتراجع ولن نخاف ولن نيأس. وهذا الحشد المهيب اليوم في هذه المناسبة المقدسة، بمناسبة ذكرى استشهاد رفيق الحريري العزيز، ما هو الا رسالة للأقربين والأبعدين، للجميع، للخارج والداخل، بأننا لن نخاف ولن نتراجع مهما هددوا ومهما تفاقمت القوى المدعومة من الخارج وتسلحت بكل الوسائل».

وأضاف: «نؤكد اننا سننتخب قريبا رئيس جمهورية جديدا للبنان. نريد ان ننتخب الرئيس التوافقي العماد ميشال سليمان لنحافظ على رمزية الرئاسة وعلى الدور المسيحي في هذا البلد. نريد ان نفتح مجلس النواب ليستعيد حيويته ونشاطه لينتصب النظام الديمقراطي في لبنان. نريد حكومة في لبنان تحكم باسم لبنان ومن اجل لبنان. نريد جيشا تطلق يده للحفاظ على السيادة ويطمئن الشعب اللبناني. نريد ان نحرر الوسط التجاري».

هذا، وكانت كلمات لكل من رئيس «التكتل النيابي الطرابلسي» الوزير محمد الصفدي، النائب باسم السبع، مفتي مدينة صور للطائفة الشيعية السيد علي الامين، النائب عاطف مجدلاني (كتلة المستقبل)، رئيس المكتب السياسي لـ«الجماعة الاسلامية» علي الشيخ عمار، النائب السابق نسيب لحود، الوزير جان اوغاسبيان، الوزيرة نايلة معوض، الوزير ميشال فرعون، الامين العام لحزب «الوطنيين الاحرار» الياس ابو عاصي.

الى ذلك، وجه نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان رسالة الى اللبنانيين من وحي المناسبة دعاهم فيها الى «التعاطي مع الواقع بروح المسؤولية التي تحتم ان يصدقوا القول والفعل وينسوا الخلافات والماضي البغيض ليتوجهوا لفتح صفحة جديدة... يتعهد فيها الجميع بالعمل لحفظ لبنان وتحقيق الشراكة الوطنية التي تؤسس لقيام لبنان الموحد والمعافى والمستقر الذي ينعم بتعاون بنيه وتضامنهم».