المشاركون لم يوفروا البحر للوصول إلى ساحة الشهداء .. وكلمة الحريري أوصلت الحماسة إلى ذروتها

TT

لم تحل الأمطار الغزيرة والمتواصلة ولا المسافات دون تدفق المشاركين من مختلف المناطق اللبنانية إلى بيروت في الذكرى الثالثة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، وكأن الشارع لا يزال وليمة شهية للبنانيين الذين لم يحفلوا بالشتاء والصقيع والتهويلات بأحداث أمنية يمكن ان ترافق هذه المناسبة. فقد انطلق منذ ساعات الصباح الاولى، ورغم سوء الاحوال الجوية، مئات الآلاف من المواطنين باتجاه ساحة الشهداء في بيروت. وعندما عجزت الطرق البرية عن استيعاب كثافة المشاركين كان البحر سبيلا لأهالي الشمال الذين وصلوا الى الشاطئ البيروتي في المراكب. الإجراءات الأمنية المشددة التي نفذتها عناصر الجيش وقوى الامن الداخلي فعلت فعلها على طول الطرق المؤدية الى الساحة. وذلك منعا لأي احتكاك مع «حافظي أمن خيم الاعتصام» (الذي تقيمه المعارضة) الذين منعوا المشاركين من العبور بمحاذاة الخيم الفارغة، وسمحوا فقط للصحافيين بالمرور. قوى «14 آذار» والأكثرية النيابية والحكومة اللبنانية يتقدمها رئيسها فؤاد السنيورة، كلهم اجتمعوا في حرم ضريح الرئيس الراحل رفيق الحريري بعيدا عن البروتوكولات والإجراءات الرسمية. عليا ابنة رفيق درب الحريري الراحل يحيي عرب الذي قضى معه في الانفجار، بقيت طوال الوقت مسمرة أمام ضريح والدها وتركت العنان لدموعها. ذروة الحدث كانت لدى إلقاء النائب سعد الحريري كلمته. بعض الشباب وقفوا عراة الصدور وشرعوا يرددون: «سعد. سعد. سعد». أصابوا بالعدوى الجمهور الذي تفاعل مع كل كلمة نطق بها. حتى تحول خطابه الى حوار مباشر مع الجماهير. عندما قال سعد: «ليتني معكم تحت المطر» ارتفعت الهتافات ولم تهمد الا بعد دقائق. وعندما صاحوا: «بالروح بالدم نفديك يا سعد». رد عليهم: «بالروح بالدم نفديك يا لبنان».

قسم النائب الراحل جبران تويني شكل أيضا لحظة وجدانية في خضم التجمع. كلهم رددوا: «نقسم بالله العظيم مسلمين ومسيحيين أن نبقى موحدين دفاعا عن لبنان العظيم». لحظة تصفيق طويلة رافقت قول النائب باسم السبع: «اني أرى رؤوسا أينعت وحان قطافها في لاهاي».

بدا صعبا الفصل بين هويات المشاركين. التحموا في الساحة ضمن مجموعات ضمت مواطنين من مختلف المناطق. فالمشاركة الواسعة لم توفر أي منطقة. أهالي البقاع تحدوا الثلوج التي تساقطت بكثافة اثناء توجههم الى بيروت. وقال سعيد المجذوب: «أنا من بلدة غزة البقاعية، أي بلدة الوزير السابق عبد الرحيم مراد حليف النظام السوري. سكان البلدة يقاربون 1400 نسمة. كلهم حضروا، نساء وأطفالا وشيوخا وشبابا. غادرنا عند منتصف الليل. وحين كان الثلج يعوق تقدمنا، كنا نترجل وندفع الباصات. وصلنا الى ساحة الشهداء قبيل الساعة الثالثة فجرا ووجدنا وفودا من الشمال والبقاع وقضاء حاصبيا قد سبقتنا». أهالي الشمال ايضا لبوا دعوة «الشيخ سعد»، كما قال بسام عبد الله من بلدة ببنين. وأضاف: «مشاركة ببنين مائة في المائة، وكذلك المحمرة والمنية. غادرنا عند الخامسة صباحا ووصلنا الى الساحة قرابة التاسعة صباحا».

من البترون شارك موكب للنائب بطرس حرب مؤلف من 350 سيارة و20 حافلة ووفد آخر من «تيار المستقبل» مؤلف من حوالى 400 سيارة و20 حافلة، ووفد من «القوات اللبنانية» مؤلف من 300 سيارة و100 حافلة ووفد من «الكتائب» مؤلف من 150 سيارة و25 حافلة، بالإضافة إلى وفود للأحرار والحزب التقدمي الاشتراكي واليسار الديمقراطي.

حسان قال إن بلدته دير عمار دفعت دم الرائد وسام عيد لذا وصل الى الساحة عند الثالثة فجرا. وأضاف: «لعيون سعد الدين الحريري». اهالي عكار شاركوا بكثافة في الذكرى الثالثة لاغتيال الرئيس الحريري. وبدأت الوفود بالتجمع منذ ساعات الصباح الاولى عند مفارق القرى والبلدات العكارية ثم انطلقوا في مواكب سيارة كبيرة زينت بالاعلام اللبنانية وبصور الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، كما حملت بعض السيارات صورا لقائد الجيش العماد ميشال سليمان. أحد أهالي بلدة أغميد في جبل لبنان قال: «جئنا كرمى لعيون أبي تيمور (النائب وليد جنبلاط)». وحاول رفيقه ممازحته قائلا: «ووئام وهاب الا كرامة له عندك؟». فرد الشاب: «وئام ما بتطلع له ضيعته، الجبل كله فداء لوليد جنبلاط». صورة كبيرة للبطريرك الماروني نصر الله صفير كتب تحتها: «ضمير لبنان لا يهزه طويل اللسان». علق جورج حداري على ما ورد وقال: «المهم ما يجري خارج الساحة. جئنا اليوم لنقول لميشال عون انه خارج الحدث الوطني. فقد حكم على نفسه بالموت الشعبي والسياسي.