الطريق الجديدة: عرين «المستقبليين» في بيروت

TT

اتصل ليل الطريق الجديدة بنهارها. نام أهلها واستيقظوا على وقع قرع الطبول وأصوات الألعاب النارية والأغنيات الوطنية و«الحريرية» المستمرة منذ أسبوع لحشد الهمم والحض على النزول إلى ساحة الشهداء لإحياء الذكرى الثالثة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري. والطريق الجديدة هي عرين «المستقبليين» وقبلة المناصرين المنتشرين في المناطق البيروتية المجاورة، الذين فضلوا مؤازرة رفاقهم والانطلاق معا من «قلعة صمودهم». لوهلة، يشعر المار في شوارع الطريق الجديدة وكأنه في إحدى القرى اللبنانية المعروفة ببساطة أهلها. ويعزز هذا الشعور «التعاضد» و«الحماسة» الجارفة بين أبنائها ولا سيما في أوساط الأطفال والشباب. وصبغة هذه المنطقة «المقفلة سنيا» والمحسوبة على فريق السلطة منحتها خصوصية «العرين» الذي يرفع على أحد مداخله صورة الملك عبد الله بن عبد العزيز مرفقا بعلم السعودية والشعارات الداعمة لها. أقفلت المحلات أبوابها واستغنى أصحابها عن يوم عمل للمشاركة في إحياء الذكرى. وحدها الأعلام، ولا سيما اللبنانية منها، كانت ترفرف على شرفات المنازل ملوّحة لأبنائها الذين ملأوا الشوارع. كلهم أصروا على المشاركة على رغم الشائعات التي سرت في أوساطهم عن إمكانية وقوع خلافات أو دخول «الطابور الخامس» الذي قد يفسد المناسبة! وفي حين تشدد سماح (18 سنة) على أن الهدف من مشاركتها في هذا النهار يقتصر على إحياء ذكرى استشهاد الرئيس الحريري، قائلةً: «أرفض تسييس المناسبة والشعارات التي ترفع لاستغلال الذكرى»، تؤكد حنان صقر: «أنا وأولادي لسنا أغلى من الذين رحلوا. وكل هذه المحاولات لن تردعنا عن المشاركة. سنعلن رفضنا للحرب ونطالب بانتخاب رئيس جمهورية». مفترق الكولا وساحة الملعب البلدي، حيث تمركز عناصر من الجيش اللبناني ومسعفو الصليب الأحمر، حددا مركزين رئيسيين لاستقطاب شباب الأحياء القادمين «مضرّجين» بأعلام لبنان و«المستقبل» و«فهود» طريق الجديدة والشالات الزرقاء وصور الشهيد رفيق الحريري. توزعوا جماعات تحت أسقف المباني لاتقاء الأمطار الغزيرة بانتظار قدوم الحافلات لتقلّهم إلى ساحة الشهداء.

وبين الأزرق والأحمر والأبيض كانت الرايات ترفرف عاليا تحت المطر، ومن نوافذ الحافلات، إذ لم يستغن شباب المنطقة عن علمي «المستقبل» و«فهود» الطريق الجديدة وبعض رايات «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي. حتى أن أحدهم قال: «حرص شباب المستقبل على توزيع العلم اللبناني، إلا أن علمي تيار المستقبل والفهود أدخلا في السوق السوداء. وارتفع سعر الواحد منهما من ألفي ليرة لبنانية إلى عشرة آلاف». ولم يغب عن المشهد شباب الانضباط الذين أوكلت إليهم مهمة مراقبة الوضع. «علينا تأمين سلامة أبنائنا وتوزيعهم على الحافلات»، يقول لنا ماهر، أحد «المسؤولين» في التنظيم. ويضيف: «نعمل منذ أربعة أيام لإنجاح هذه الذكرى. والتزمنا قرار الزعيم سعد الحريري بجعل الساحة حمراء والاكتفاء برفع الأعلام اللبنانية. وقد وزعنا في شارع الملعب البلدي خمسة آلاف علم». ويؤكد ماهر أن التعليمات المعطاة إلى شباب الطريق الجديدة هي «التقيد بالنظام وعدم استفزاز الآخرين أو الرد على استفزازهم».