مستشارون أميركيون: السجون العراقية تغص بالمعتقلين منذ تطبيق الخطة الأمنية

أحدهم: الشرطة العراقية تعصي أوامر المحاكم بإطلاق سراح السجناء

TT

ترافقت زيادة عدد القوات الأميركية في العراق خلال العام الماضي مع موجات من السجناء العراقيين أغرقت سجون البلاد المزدحمة أصلا وكذلك المحاكم، وفقا لما قاله مسؤولون أميركيون أول من أمس.

ويقول مستشارون أميركيون ان النظام القضائي العراقي الناشئ ليس لديه ما يكفي من أسرة السجون وقضاة التحقيق والمحامين لاستيعاب آلاف المتهمين الذين اعتقلوا منذ الصيف الماضي من جانب القوات الأميركية وقوات الأمن العراقية.

وقال مسؤولون أميركيون انه ما يزال أكثر من نصف السجناء البالغ عددهم 26 ألفا بانتظار المحاكمة وقد قضى بعضهم سنوات بدون محاكمة.

واقر البرلمان العراقي عفوا أول من أمس يمكن أن يحرر آلافا من السجناء، ولكن المسؤولين الأميركيين حذروا من أن وزارة العدل ستظل بحاجة الى عشرات الألوف من الأسرة السجنية الجديدة لضمان استيعاب المعتقلين في مختلف أنحاء البلاد من جانب جهات عديدة بينها الشرطة والجيش.

كما سيتعين على الوزارة أن تتلقى الكثير من السجناء البالغ عددهم 24 ألفا والموجودين في سجون عسكرية أميركية متفرقة مثل كامب بوكا في جنوب العراق وأبو غريب في شمال بغداد.

وقدم مستشارو وزارة العدل الأميركية معلومات للصحافيين أول من أمس خلال زيارة مفاجئة من جانب المدعي العام مايكل موكاسي. والتقى بالجنرال ديفيد بترايوس والسفير ريان كروكر ومسؤولين كبار عراقيين بينهم رئيس مجلس القضاء مدحت المحمود. وهذه أول زيارة يقوم بها موكاسي الى العراق منذ توليه منصب المدعي العام في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقال موكاسي ان «جهودنا مقترنة مع جهود وزارتي الخارجية والدفاع، أدت الى حصول تقدم هام»، مثنيا على الموظفين الـ 200 من وزارة العدل العاملين في قضايا «حكم القانون» في العراق.

ولكن عددا من أولئك الموظفين ابلغوا الصحافيين بأن التحسينات واجهت عوائق بسبب عجز الحكومة والفساد والطائفية. وقال غريغوري شوغرين، مستشار فريق اعادة الاعمار في محافظة بغداد، وهو برنامج مشترك بين وزارتي الخارجية والعدل، ان كثيرا من مكاتب المحاكم العراقية يفتقر الى الكومبيوترات والهواتف وكتب القانون. ويقوم فريقه بتقديم المشورة لنظرائه العراقيين حول القضايا القانونية والعمليات ذات الصلة، كما أنه يوفر أجهزة التدفئة لقاعات المحاكم أيضا.

وقال شوغرين ان دعم الحكومة العراقية لمؤسساتها دعم بائس، وأدى ذلك الى انفاقنا الكثير من الأموال. وأضاف انه يعتقد بأن على واشنطن أن تتوقف عن تقديم المساعدة المالية للعراق، وقال ان «ذلك محبط وان لدى الحكومة العراقية الأموال».

وقال شوغرين ان المستشارين يحاولون تحسين العلاقات بين ضباط الشرطة ومسؤولي العدل. وقال ان ضباط الشرطة يعصون، بصورة متكررة، أوامر المحاكم لاطلاق سراح السجناء من السجون أو توفير الأمن لقضاة التحقيق. ويتبع قضاة التحقيق العراقيون النموذج القضائي الفرنسي الذي تتوافق فيه وظائف الشرطة السرية والمدعي والقاضي.

وقال شوغرين انه «في بعض الأحيان يشكو قضاة التحقيق من عدم مرافقة الشرطة لهم، وعدم توفيرهم الأمن، وعدم التعاون معهم. وتقول الشرطة الراقية من ناحيتها ان قضاة التحقيق خائفون أو كسالى بحيث لا يمكنهم الخروج والعمل في مشهد الأحداث». وقال شوغرين ان عجز مسؤولي تنفيذ القوانين عن التحقيق في الجرائم عند حدوثها يعتبر من بين الأسباب الرئيسية التي تجعل السجون العراقية غاصة بالكثير بدون محاكمات.

وقال مايك بانك مدير برنامج الاصلاحيات العراقية، وهو برنامج تابع لوزارة العدل، ان سجون وزارة العدل مليئة الى حد يتجاوز قدرتها. وأحد أكبر سجون الحكومة هو السجن المؤقت في مجمع الرصافة القضائي ببغداد. وقال بانك ان كل السجناء تقريبا البالغ عددهم 6647 في الرصافة كانوا قد اعتقلوا منذ زيادة القوات الأميركية في اوائل العام الماضي، وان 6079 منهم لم تثبت ادانتهم بأية جريمة.

ويحتجز آلاف آخرون من السجناء من جانب مؤسسات أخرى على الرغم من الكشف في عام 2006 عن أن مثل أنظمة السجن المتباينة هذه أعاقت الاشراف وأدت الى انتهاكات لحقوق الانسان. وفي عام 2006 اكدت القوات الأميركية ان عددا من سجون وزارة الداخلية كانت تستخدم من جانب الميليشيات الشيعية لتعذيب السجناء السنة واعدامهم. ووعد مسؤولو وزارة الداخلية بنقل جميع السجناء الى منشآت وزارة العدل.

غير ان بانك قال ان وزارتي الداخلية والدفاع تحتجزان أعدادا كبيرة من السجناء وان الأرقام زادت. وقدر بانك ان العراق بحاجة الى أماكن لخمسين الف سجين، وقال ان هناك خططا لتوفير ما يقرب من 20 ألف سرير سجني خلال العام المقبل. وقال ان «هناك هذا الفيض من السجناء بدون محاكمة. وأغلبتهم سيحكم عليهم ليذهبوا الى السجون. ولدينا أيضا عدد من سجناء قوات التحالف في السجن الأميركي. وسيتعين على بعض هؤلاء ان ينتقلوا الى السجون الاصلاحية العراقية». وقال بانك انه في ضوء العدد المتزايد من السجناء تحت السيطرة العراقية يعمل المستشارون الأميركيون على تدريب وتعزيز قدرات ضباط ومنتسبي الاصلاحيات. وبينما يعتبر معظم السجناء من السنة فان معظم الحراس من الشيعة، وقال انه غالبا ما يقوم الحراس المنتسبون الى ميليشيات شيعية باطلاق سراح رفاقهم في السلاح بينما يسيئون معاملة السجناء السنة.

وقال بانك «لدينا تقارير عن أخذهم السجناء من زنازينهم في ظلام الليل وتعريضهم الى الضرب العنيف».

* خدمة «نيويورك تايمز»