واشنطن: تكلفة تدمير قمر صناعي للتجسس 60 مليون دولار

يحمل على متنه 1000 رطل من المواد السامة

TT

الأمر الذي أصدره الرئيس الأميركي جورج بوش لسلاح البحرية، لبدء العمل في اعتراض قمر صناعي للتجسس، بهدف اسقاطه بعد ان خرج عن السيطرة بصاروخ تطلقه سفينة حربية اميركية، يحمل في طياته تطورا ايجابيا، الا انه في نفس الوقت من المحتمل ان يتسبب في حرج للادارة الاميركية. وقال مسؤولون، ان القرار يهدف الى حماية المناطق المأهولة بالسكان من الحطام الجوي، وليس كيفية برمجة ترسانة الدفاع الصاروخي بهدف اعتراض اخطار غير متوقعة» وأكد مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» أن تكلفة تدمير قمر صناعي ضخم قبل أن يرتطم بالأرض في بداية مارس (آذار) المقبل، بصاروخ اعتراض باليستي، من قبل سلاح البحرية الأميركية - ستتراوح ما بين40 و60 مليون دولار.

واضاف المسؤولين أن الصاروخ وحده تبلغ تكلفته عشرة ملايين دولار، من دون أن يكشف عن التكلفة الإجمالية للعملية. وأضاف «أظن أننا نعمل مع كافة الأطراف المعنية لمعرفة كم ستكلف عملية تعديل الصواريخ، وقسم التحكم في إطلاقها وغيرها من المسائل المتعلقة بالعملية». ويدافع مسؤولو وزارة الدفاع الأميركية أن الجهود الموضوعة تستحق هذه الأعباء بسبب الاحتمال الضعيف، وإن كان حقيقياً، إزاء أن يسقط القمر الصناعي الذي يحتوي خزانة على 1000 رطل من المواد السامة، فوق منطقة مأهولة. هذا ولم يعرف متى فقد القمر الصناعي، الذي يقدر وزنه بنحو 20ألف رطل ويقدر حجمه بحجم حافلة صغيرة، طاقته، ولا الظروف المحيطة بذلك، كما لم تُعرف على وجه التحديد الأماكن التي قد يصيبها في حالة سقوطه على الأرض. وأكد مسؤولو البنتاغون ]ن الصاروخ الباليستي لن يكون مجهزا برأس حربي، والهدف من إطلاقه هو أن يدمر القمر الصناعي إلى أجزاء عن طريق عصف الاصطدام وحده.

وأوضح مسؤولون، أن لا خطط هناك لتدمير القمر الصناعي قبل عودة المكوك «أتلانتيس» للأرض الأربعاء المقبل.

وابلغت الخارجية الاميركية كل الحكومات المعنية، ان اسقاط القمر الصناعي للتجسس يختلف كلية عما قامت به الصين في تدمير احد اقمارها العام الماضي. وكانت الصين أجرت تجربة أدت إلى إسقاط قمر صناعي العام الماضي، وهو ما أدى إلى إثارة الرأي العام العالمي. وقال ليو جيانكارو الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، إن التجربة أجريت، إلا أنه أصر على أن الصين ملتزمة بـ«التجارب السلمية لتطوير أبحاث الفضاء الخارجي»، فيما أفادت تقارير بأن الصين استخدمت صاروخا من نوع أرض جو، متوسط المدى لتدمير قمر صناعي مخصص لدراسة الأحوال الجوية. وتُعد هذه المرة الأولى التي تجري فيها تجربة اعتراض قمر صناعي منذ أكثر من 20 عاما.

وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) ان الرئيس الاميركي بوش أقر خطة تدمير القمر بصاروخ يطلق من غواصة حربية قبل ان يدخل، خلال سقوطه، إلى الغلاف الجوي. ويقولون ان القمر المعطل يحتوي على مواد خطيرة، يمكن ان تكون مميتة في حال استنشقها الانسان. لكن جنرالا اميركيا نفى أن يكون السبب الحقيقي وراء تدمير القمر الاصطناعي هو التخلص من الأجزاء السرية فيه. وقال الجنرال جيمس كارترايت أن الأجزاء السرية ستحترق عند دخول القمر الغلاف الجوي، وان سبب اسقاط القمر ليس تدمير هذه الاجزاء. وأضاف كارترايت ان القمر الاصطناعي، الذي اطلق في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2006، فقد طاقته التشغيلية وقدرته على الاتصال، بعد وقت قصير من دخوله الفضاء الخارجي، وبات أمر السيطرة عليه وإعادته غير ممكن. وخرج القمر الذي يزن 1.1 طن عن مداره منذ اسابيع وسيدمر بصاروخ تكتيكي يطلق من سفينة تابعة للبحرية الاميركية.

وقال المستشار المساعد لشؤون الامن القومي جيمس جفريز «امر الرئيس وزارة الدفاع بالقيام بالاعتراض». واوضح جفريز ان القرار اتخذ بسبب احتمال دخول القمر الصناعي الغلاف الجوي، ما قد يشكل خطرا على سكان الكرة الارضية، حيث يحمل على متنه حوالي 500 كلغ من وقود هايدرازين السام.

واوضح جيفريز ان القرار اتخذ بسبب خطر هذا القمر على حياة الناس عند دخوله الغلاف الجوي، وهو يحمل نحو 500 كلغ من محروقات سامة تسمى «الهيدرازين».

وهذه المادة الكيميائية السامة جدا، هي افضل محروقات تستخدم لمحركات الأقمار الاصطناعية التقليدية. وتؤثر هذه المادة على الجهاز العصبي، ويمكن ان تؤدي الى الموت اذا تعرض الانسان لكميات كبيرة منها. وقالت الوكالة الامنية الفرنسية «اينيريس» في تقرير ان هذه المادة تزول بسرعة تحت تأثير الحرارة والاشعة فوق البنفسجية.

وتابع جيفريز ان الصاروخ الذي سيتم اطلاقه على القمر «مصمم بالتأكيد لمهمات اخرى، لكن رأينا اننا نستطيع تعديل الصاروخ والأنظمة المرتبطة به لاجراء هذه العملية فقط».

ولم تذكر السلطات الاميركية اي موعد لتدمير القمر. غير ان كريستينا روكا السفيرة الأميركية لدى مؤتمر نزع التسلح في جنيف، قالت الجمعة انه «في حال فشل الاعتراض، فإن القمر سيدخل الى المجال الجوي للارض في 6 مارس (آذار) او نحو هذا التاريخ، من دون ان يكون ممكنا السيطرة عليه». ولم يكن بامكانها تحديد الموقع الذي سيدخل منه القمر الى جو الارض والذي يمكن ان يكون اي مكان بين خطي العرض 5.58 شمالا و5.58 جنوبا، اي فوق اي مكان على الارض عدا المناطق القطبية.

واشارت السفيرة، الى ان حكومة بلادها على استعداد لتقديم المساعدة لأي حكومة تطولها آثار محتملة من شظايا القمر الصناعي.

وأضافت ان تدمير القمر لا علاقة له بأي برنامج لتصميم أو تجربة سلاح مضاد للاقمار الاصطناعية. وسعت واشنطن الى طمأنة العالم بشأن محاولتها لتدمير هذا القمر. ونفى المتحدث باسم الخارجية الاميركية شون ماكورماك، ان تكون واشنطن تحاول من خلال تدمير القمر الاصطناعي، اتلاف الاسرار التقنية التي يحتويها، او اظهار قدرتها على تدمير قمر صناعي في الفضاء، كما فعلت الصين في يناير (كانون الثاني) 2007، حين دمرت بصاروخ، قمرا قديما للارصاد الجوية.

وتملك الولايات المتحدة، اكبر شبكة من الاقمار الاصطناعية الخاصة بالتجسس في العالم. وكان قمر اصطناعي تجسسي روسي من نوع «كوسموس 954» يعمل بمحرك نووي، سقط في يناير 1978 في شمال كندا الخالي من السكان.