بوش يدعو إلى نشر «قوة متينة» في دارفور.. ومحاصرة «فنزويلا أفريقياً»

الرئيس الأميركي طالب بتقاسم السلطة في كينيا خلال محطته الأولى في جولته الأفريقية.. وسيقدم اعتذارا للروانديين

TT

دعا الرئيس الاميركي جورج بوش امس في كوتونو عاصمة بنين الى نشر قوة «متينة» للامم المتحدة في دارفور، والى تقاسم السلطة في كينيا، ومحاصرة نظام الرئيس روبرت موغابي في زيمبابوي، التي تعتبرها واشنطن بمثابة «فنزويلا افريقيا»، في اليوم الاول من جولته التي تستمر اسبوعا يزور خلالها 5 دول افريقية.

وقال بوش في زيارة قصيرة لبنين، ان واشنطن لن تقوم بارسال قوات أميركية الى دارفور، حسبما أكد قرار أصدرته ادارته في السابق. وقال بوش «لا توجد وسائل اخرى ممكنة باستثناء الامم المتحدة وقوة حفظ سلام». كما اشار للصحافيين الى انه طلب مساعدة الصين.

وبشأن زيارة وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس غدا الى نيروبي، قال بوش انها ستطلع قادة كينيا مباشرة على رسالة الولايات المتحدة التي ترغب بتوقف اعمال العنف وتقاسم السلطة، مما سيساعد البلاد على تجاوز صعوباتها. وقال شون ماكورماك الناطق باسم رايس ان هذه الاخيرة ستقوم بزيارة تستمر ساعات غدا الى كينيا ستجري خلالها محادثات مع الرئيس مواي كيباكي ومنافسه رايلا اودينغا، الذي يتهم الرئيس بانه فاز في الانتخابات في 27 ديسمبر (كانون الاول) 2007 من خلال عمليات تزوير.

وفي دار السلام أجرى الرئيس بوش خلال محطته الثانية، محادثات مع نظيره التنزاني، بوني يايي، تطرق خلالها الى قضية محاصرة نظام الرئيس روبرت موغابي في زيمبابوي. وانتقدت واشنطن بشدة سياسة موغابي التي أدت الى مصادرة اراضي البيض في البلاد، لكن زيمبابوي تعتبر ان ما حدث هو «تصحيح لاوضاع خاطئة من ايام الفترة الاستعمارية، حيث كان البيض يمتلكون الاراضي الزراعية التي عمل خلالها اهل البلاد أجراء في اراضيهم». واعتبر بوش في تصريحات أدلى بها قبل بدء جولته التي بدأت امس نظام موغابي «نظاماً فاشستياً» وقال إنه ازداد سوءا منذ زيارته الاولى الى افريقيا في عام 2003. واعتبر موغابي «ديكتاتوراً يحكم بلداً منهاراً». وتعتزم واشنطن تضييق الخناق على زيمباوي من خلال تأليب دول افريقية اخرى ضد هيراري (عاصمة زيمبابوي). وأكد البيت الابيض ان جولة بوش الافريقية ستركز على تقديم مساعدات للافارقة في مواجهة الاوبئة والامراض، خاصة الايدز وحمى الملاريا ونشر التعليم، وزيادة قيمة المساعدات التي تقدمها واشنطن خلال السنوات المقبلة من 15 مليار دولار الى 30 مليار دولار لهذا الغرض. وستشمل الجولة الى جانب بنين وتنزانيا، كلا من رواندا وغانا وليبريا. لكن بوش سيبحث كذلك قضايا سياسية، ومن بينها النزاع في دارفور ومحاصرة نظام موغابي ومسألة مقر القيادة الاميركية التي تعرف باسم «افريكوم» التي يوجد مقرها المؤقت حالياً في المانيا. وأبدت ليبريا آخر محطات بوش في هذه الجولة استعدادها احتضان مقر القيادة الافريقية «افريكوم»، لكن بوش قال إن اي قرار حول موضوع مقر «افريكوم» ليس وشيكاً. مشيراً الى انه لم يتقرر بعد اين سيكون مقر قيادة هذه القوات، وان الامر قيد نظره شخصياً، وهو ما يشير الى ان البنتاغون لم يقرر شيئاً بعد. وكانت نيجيريا تأمل في ان تكون احدى محطات جولة بوش، خاصة انها اعلنت بدورها استعدادها استقبال قيادة «افريكوم»، لكن الرئيس الاميركي لن يتوقف هناك، وفضل ان يزور غانا في غرب افريقيا التي تعتمد نظاماً سياسياً تعددياً لكنها أكثر استقراراً مقارنة مع نيجيريا التي تتسم بانفلات أمني.

وفي رواندا التي سيزورها الثلاثاء المقبل سيكون الموضوع الرئيسي مشاركة الدول الافريقية في «القوات الهجين» التي تتكون من قوات أممية وقوات من الاتحاد الافريقي تحت اشراف الامم المتحدة. وهناك سيقدم بوش ايضاً «اعتذاراً اميركيا» عن التزام الصمت (ابان فترة الرئيس السابق بيل كيلنتون) تجاه المذابح المروعة التي ارتكبتها قبيلة الهوتو ضد التوتسي، حيث قدر عدد ضحايا تلك «الابادة الجماعية» في حدود مليون شخص. وسيضع بوش في إطار هذا الاعتذار اكليلاً من الزهور امام نصب تذكاري في العاصمة الرواندية كيغالي.

ووجه بوش انتقادات ضد الصين من دون تسميتها، على اعتبار انها لم تمارس ضغطاً كافياً ضد حكومة الخرطوم بشأن مشكلة دارفور. وخلال جولته الافريقية سيبحث الرئيس الاميركي مسألة تطبيق برنامج اميركي يهدف الى توفير التعليم لحوالي اربعة مليون افريقي. وحرص بوش على منح زوجته لورا بوش في آخر زيارة له الى افريقيا دوراً معنوياً، خاصة انها زارت افريقيا عدة مرات في إطار سعيها لتنشيط برنامج محاربة مرض الايدز الذي يفتك بملايين الافارقة. وكان بوش قد زار المتحف الافريقي في واشنطن قبل بدء جولته، واتاح لزوجته لورا تقديمه للحضور ليتحدث حول جولته الافريقية. وقال ستيفن هادلي مستشار الامن القومي بالبيت الابيض للصحافيين على متن طائرة الرئاسة قبل وصول بوش الى بنين «يعتقد (الرئيس بوش) أن كل هذه الدول وزعمائها في طريقهم لتشكيل نوعية الحكومات التي نود أن نكون شراكة معها.. كلهم يحرزون تقدما». وعلى الرغم من أن بوش لن يزور دولا افريقية تعاني من أزمات أو فوضى مثل دارفور بالسودان أو كينيا، الا أن البيت الابيض يأمل في أن تعطي زيارته ثقلا للخطوات التي تتخذ لحل الصراع الكيني الذي اندلع بعد انتخابات الرئاسة وأسفر عن سقوط ألف قتيل.

وقال هادلي ان زيارة رايس لكينيا ستستمر فقط بضع ساعات، وتهدف الى المساعدة في الاسراع بوتيرة التوصل لاتفاق مقترح بين الحكومة والمعارضة، الذي توسط فيه كوفي أنان الامين العام السابق للامم المتحدة. وأضاف عن زيارة رايس انها ستذهب فقط لتعطي قوة دافعة ثم ستغادر وستترك كوفي أنان ليواصل دبلوماسيته.