الربيعي: المصالحة الوطنية في العراق تعتمد على المصالحة الإقليمية

أكد عدم إقامة قواعد عسكرية أجنبية دائمة في البلاد وبقاء حكومة المالكي حتى الانتخابات المقبلة

TT

أكد مستشار الأمن القومي العراقي موفق الربيعي ان التحسن الأمني النسبي في العراق جاء نتيجة لعوامل عدة، بما فيها العلاقات الافضل بين العراق ودول الجوار. وقال الربيعي ان العراق نجح في اقناع ايران بالحد من نقل الاسلحة الى المقاتلين في العراق واقناع سورية في الحد من عبور الانتحاريين الى العراق من حدودها، بالاضافة الى التعاون الاستخباراتي مع السعودية وضبط حدودها للحد من عبور الانتحاريين الحدود البرية بين البلدين. وأضاف الربيعي ان العراق «خرج من شبح الحرب الاهلية»، مؤكداً: «لا يوجد مناخ سياسي للعنف في العراق اليوم». وجاءت تصريحات الربيعي اثناء لقائه عددا من الصحافيين في مقر السفارة العراقية في لندن مساء اول من أمس، بعد عقد عدد من الاجتماعات مع مسؤولين بريطانيين، بمن فيهم وزير الدفاع ديز براون في زيارة رسمية الى بريطانيا. وتحدث الربيعي عن التزام حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالمصالحة الوطنية. ولكنه لفت الى تحد امام هذه المصالحة، قائلاً: «ما لم تكن هناك مصالحة اقليمية بين دول الجوار لا يمكن للمصالحة في العراق ان تنجح نجاح نهائياً لأن الشد الطائفي في المنطقة سيجعل الامور اسوأ واسوأ ليس فقط للعراق، وانما لجميع دول المنطقة. ولذلك فان المصالحة الوطنية بين دول الجوار عنصر اساسي ليس فقط في العراق وانما المصالحة الوطنية للدول المشابهة للعراق سكانياً». وحذر من ان استمرار التجاذب الطائفي في المنطقة خطر عليها، مضيفاً: «قد تنفجر هذه النار يوماً ما في وجه دول المنطقة». وعن زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد المرتقبة الى العراق، قال: «سيكون الرئيس احمدي نجاد في ضيافة الحكومة العراقية وحمايتها وسيرحب به». وعبر عن رغبته في ان «يتشجع رؤساء كل دول المنطقة لزيارة العراق، ونحن نرى انها شجاعة من الرئيس احمدي نجاد زيارة العراق». وكان الربيعي واضحاً في تفاؤل الحكومة العراقية ازاء تحسن الوضع الامني، معتبراً ان القوات المتعددة الجنسية «متحفظة» في تصريحاتها حول هذه القضية. وقال: «نحن في الحكومة العراقية نختلف بعض الشيء مع قوات التحالف في تقييمنا للوضع الأمني، فقوات التحالف تقاريرها متحفظة، لأننا على ارض الواقع لا نتصور ان الوضع الأمني تحسن فقط بنسبة 60 في المئة، وانما اكثر من 80 في المئة من الوضع الامني متحسن ويمكن ان نعلن والى الأبد ان العراق خرج من شبح الحرب الاهلية». وتزامناً مع مرور عام على خطة أمن بغداد، قال الربيعي ان أسباباً عدة ساهمت في التحسن الأمني النسبي، وليس فقط زيادة عدد القوات المتعددة الجنسية في العراق. وأضاف: «نتفق مع تقييم الحلفاء بأن زيادة عدد قوات التحالف وفر سببا جيدا لتحسن الوضع الأمني، ولكنه ليس السبب الوحيد وليس السبب الاكبر، وانما نمو قدرة وقابلية وجاهزية وعدد القوات المسلحة العراقية وتسليحها ووصولها الى جاهزية من مستوى معين، مكننا ان نقلب الطاولة على الارهاب». وذكر أن «معظم العمليات الامنية التي نقوم بها في العراق الان بقيادة عراقية وبدعم لوجستي واستخباراتي وجوي من قوات التحالف».

وأشار الربيعي الى دور الدول المحيطة بالعراق في خفض نسبة العنف الذي هز البلاد خلال السنوات الماضية. وقال: «تعاطي الحكومة العراقية مع دول المنطقة والتواصل معها كان جوهرياً». وأضاف: «تعاطي الحكومة العراقية الحكيم مع الجمهورية الاسلامية في ايران، مكنها ان تقنع ايران بأن توقف شحنات الاسلحة ونقل الاسلحة عبر الحدود». وتابع: «تمكنت الحكومة ايضاً من خلال زيارات متكررة والتعاطي مع الحكومة السورية تقليل عدد الانتحاريين الاجانب الذين يعبرون الحدود السورية الى العراق، بالاضافة الى التعاطي مع تركيا في اجهاض أي مخطط لاجتياح كردستان العراق». ولفت الى ان «علاقاتنا الايجابية مع المملكة السعودية، سواء في مجال التعاون الامني او التنسيق الاستخباراتي ساعدت كثيراً في تقليل عدد الذين يأتون من السعودية من عمر الخدمة العسكرية ليفجروا انفسهم في العراق، ودور السعودية في الحد من الاموال التي تأتي من مؤسسات غير الحكومية الى دعم الارهاب والتمرد في العراق». واعتبر الربيعي ان دور «الصحوات» في المناطق الغربية في العراق، وخاصة الانبار كان «عاملاً حاسماً». وأضاف: «المجتمع العربي السني في العراق صحا ووعى على نفسه ولم يرفض القاعدة فقط وإنما بدأ يحاربها واخرجها من المناطق الغربية». وشدد الربيعي على ان «الحكومة هي حكومة مصالحة وطنية وما وجد من صحوات هو مشروع عراقي، فالذي رعى ودعم مشروع الصحوات في الانبار هو الحكومة العراقية». ولفت الى ان وقف اطلاق النار الذي اعلنه جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر ساهم ايضاً بخفض العنف، مضيفاً: «نأمل بتمديد هذا القرار ونعتقد ان الجو السياسي في البلد لا يساعد أي سياسي الى العودة الى العنف». وصرح الربيعي بأن: «هناك جوا سياسيا ايجابيا جداً لدعم العملية السياسية والحكومة العراقية، فهناك اصطفافات جديدة في العراق تعبر الحدود المذهبية والعرقية... وتركزت على مواضيع عامة، مثل العفو العام وقانون النفط والغاز وهذا تطور جديد في الساحة العراقية السياسية وهذا تطور ايجابي». واشار الى دور المجلس التنفيذي الذي يضم رئيس الوزراء نوري المالكي والمجلس الرئاسي في تحسين الاجواء السياسية في البلاد. وتابع ان التحسن في الاجواء السياسي مهم ويؤكد ان «حكومة المالكي ستبقى ليس فقط لهذه السنة بل السنة المقبلة ولغاية الانتخابات المقبلة». واشاد الربيعي باصدار قوانين الموازنة والعفو العام ومجالس المحافظات، موضحاً ان تمرير القوانين الثلاثة في تصويت واضح ورزمة واحدة «علمنا الحلول الوسطية بين الكتل المختلفة وهذا شيء مهم واعطى دفعة للحكومة يوصلها الى الانتخابات المقبلة».

وربط الربيعي بين هذه القوانين وجهود المصالحة الوطنية، قائلاً: «جربنا ان المصالحة الوطنية بين السياسيين قد تكون صعبة، ولكن على مستوى القواعد والمواطنين العاديين هي التي نجحت». وأضاف: «حوالي 80 الفا من المتطوعين التحقوا بالقوات المسلحة العراقية واصطفوا بجانب الحكومة العراقية»، ليضيف ايضاً قرار الكثير من العشائر دعم الحكومة. واعتبر ان «المصالحة تبدأ من القاعدة وتفرض مناخا سياسيا ايجابيا في البلد لتجبر السياسيين على المصالحة وهذا ما رأيناه». وأكد ان الحكومة ملتزمة بالمصالحة الوطنية، ليضيف ان البرهان على ذلك عودة حوالي 50 الف موظف من العاملين في عهد نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين الى عملهم.

وعن الاتفاقية الاستراتيجية البعيدة الأمد بين العراق والولايات المتحدة، قال الربيعي انها طرحت على المجلس السياسي للأمن الوطني الموسع الذي يضم ابرز الكتل السياسية في العراق «لأن هذا الموضوع موضوع وطني وليس فقط حكوميا ويهم كل ابناء الوطن». واضاف ان الاتفاقية ستكون مبنية على «دولة ذات سيادة كاملة تدخل مع دولة اخرى ذات سيادة»، موضحاً: «نحتاج الى مواجهة الارهاب ومواصلة التدريب والدفاع عن ارضنا ومياهنا وجونا وهذا ما نبحث عنه ولكن ينبغي ان تكون لدينا نظرة واضحة لخلق هذه الظروف لانهاء الوجود الاجنبي الغريب وغير دائم على العراق». وتابع: «كل عراقي يتطلع الى هذا اليوم لرؤية اخر جندي اجنبي على ارض العراق». وسعى الربيعي الى تهدئة مخاوف دول الجوار مؤكداً ان هذه الاتفاقية «لن تهدد سيادة أي دولة اخرى ولن تكون هناك اية قواعد اجنبية ثابتة ودائمة في العراق». وتحدث الربيعي مطولاً عن انجازات بناء القوات المسلحة العراقية. وشرح: اليوم لدينا اكثر من 13 فرقة ولدينا تكوين قوة جوية وبحرية وقوات خاصة لمكافحة الارهاب ربما هي الافضل في المنطقة، لأنها تدربت على ارض الواقع. وأضاف: بنينا جيشا وقوات مسلحة وشرطة ونحن تحت النار ونحن نقاتل وهذا انجاز كبير جداً. وتابع انه بعد تسلم الامن في 9 محافظات عراقية، وتوقع ان تتسلم السلطات العراقية «الامن في كل أو اغلب المحافظات». وأضاف: «نريد الخروج من البند السابع والوصــاية الدولية قبل نهاية هذه السنة ليصبح العراق كامل السيــادة له السيطرة الكاملة على شعبه وجوه وسمائه ومياهه ليعود العراق كما كان قبل عام 1990.