ندوة: وضع أخلاقيات مهنة الصحافة مقلق رغم تطور المشهد الإعلامي بالمغرب

مظاهرها القرصنة وانتهاك الكرامة وترويج الأكاذيب والابتزاز

TT

أكد صحافيون مغاربة شاركوا في ندوة نظمت أول من أمس بالرباط، أنه رغم التطور الذي عرفه المشهد الإعلامي في المغرب، فإن وضع أخلاقيات مهنة الصحافة يدعو إلى القلق، ويقتضي تدخل جميع الفعاليات الصحافية والحقوقية والمجتمع المدني من أجل ضمان احترامها.

وأوضحت مداخلات ألقيت، خلال الندوة التي نظمتها النقابة المغربية للصحافة حول موضوع «الصحافة.. سؤال الحرية وأخلاقيات المهنة»، أن «الاختلالات الأخلاقية تؤثر سلباً على صورة الصحافة داخل المجتمع وتعيق قيامها بمهامها النبيلة». وأكدت العروض التي ساهم فيها صحافيون ورؤساء تحرير وفاعلون جمعويون وحقوقيون ورجال قانون، أن أخلاقيات المهنة تعد ضرورية لحماية الصحافة كسلطة رابعة وتكريس مصداقيتها وتحصين حرية التعبير والنشر. وأبرزوا ضرورة حرص الصحافي أثناء ممارسته مهمته على أن تحل هويته الصحافية محل كل الهويات الأخرى، دون حرمانه، خارج هذا الإطار، من ممارسة مواطنته كاملة. وبخصوص مظاهر الاختلالات التي يشهدها العمل الصحافي على صعيد أخلاق المهنة، أبرز عدد من المتدخلين عدم احترام كرامة الشخص والحياة الخاصة للأفراد، والقرصنة، ونشر الإشاعات، وترويج الأخبار بدون مصادر، والرشوة والابتزاز، والتعاطي مع الأخبار القضائية بدون احترام قرينة البراءة ونشر صور الضحايا والمتهمين، وعدم احترام صور الموتى والجثامين، فضلا عن ظهور أنماط جديدة من المواد الصحافية كالاستجوابات المتخيلة، وتعليقات وهمية على صور دون اعتبار للسياق التي التقطت فيه.

واقترح المشاركون تجاوز هذا الوضع والنهوض باحترام أخلاقيات المهنة، اعتماد مواثيق التحرير داخل المؤسسات الإعلامية تحدد حقوق وواجبات الصحافي وكيفية التعامل مع الأخبار والأحداث، وتعزيز جودة التكوين الصحافي بوصفه أهم ضمانات احترام ضوابط المهنة. وشدد المتدخلون على مأسسة وصول الصحافي للمعلومة، خاصة لدى المرافق العمومية من أجل تجنب الإشاعات والأخبار المغلوطة، والفصل بين الخبر والرأي، وتوعية الصحافيين بأهمية مراعاة أخلاقيات المهنة والحفاظ على المسافة اللازمة بين مستلزمات العمل الصحافي، وأولويات باقي الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين.

ودعا المشاركون في الندوة إلى «إحياء عمل الهيئة المستقلة لأخلاقيات المهنة وحرية التعبير» التي تم تأسيسها سنة 2002، وتضم نقابة الصحافة المغربية وفيدرالية الناشرين، بالإضافة إلى منظمات غير حكومية وشخصيات مستقلة. كما أبرزوا أهمية توفير الوسائل المادية والقانوية للهيئة لتكون قراراتها وتوصياتها أكثر إلزامية، ونجاعة في حماية أخلاق المهنة وعدم انتهاكها.

وشدد غالبية المشاركين على أهمية دور النقابة التي تحرص فضلا عن الدفاع عن حقوق الصحافيين، على النهوض باحترام أخلاقيات المهنية عبر كشف المتورطين في انتهاكها واتخاذ إجراءات تأديبية في حقهم، وكذا عبر تنظيم دورات تكوينية في مجال الأخلاقيات لفائدة العاملين بالقطاع.

وفي ما يخص أخلاقيات المهنة بين الكونية والخصوصية، فرغم أن بعض المتدخلين شددوا على ضرورة اعتبار خصوصية المسار السياسي والاجتماعي المغربي في التعاطي مع أخلاقيات المهنة، فقد أكدت معظم المداخلات على الطابع الكوني لأخلاقيات مهنة الصحافة. وأثناء التعرض لجانبي الحرية والمسؤولية في العمل الصحافي، اعتبر بعض المتدخلين أنه يجب عدم تقديم الحرية والمسؤولية كثنائية متقابلة، وإنما يتعين النظر الى حرية الصحافة كمبدأ متضمن للمسؤولية والأخلاقيات. فيما ذهب آخرون، إلى أن تحقيق الحرية يتجاوز حرية الرأي والتعبير إلى توفير ضمانات قانونية وحقوقية لممارسة العمل الصحافي، في اطار تشريع متحرر من كافة الإكراهات، وضمان الحق في الوصول إلى الخبر مع توفير شروط سليمة لممارسة المهنة بينها الجانب الأخلاقي.