أولمرت يمدد خدمة الجنرال دجان في رئاسة جهاز المخابرات الإسرائيلي

في أعقاب اغتيال عماد مغنية

TT

قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، تمديد فترة خدمة الجنرال مئير دجان لسنة أخرى في رئاسة «الموساد»، جهاز المخابرات الخارجية في إسرائيل، وذلك تقديرا لما وصف بـ«نجاحاته الكبيرة في السنوات الأخيرة».

وجاء هذا التمديد، في الوقت الذي يوحي فيه الكثير من المعلقين والمحللين الإسرائيليين والغربيين بأن الموساد هو الذي نفذ جريمة اغتيال عماد مغنية، قائد القوات العسكرية لحزب الله. فمع أن إسرائيل الرسمية نفت (بشكل غير قاطع) أنها تقف وراء العملية، إلا أن دجان حظي بهالة من التبجيل في إسرائيل وفي عدة دول غربية.

ودجان هو لواء في الجيش الإسرائيلي الاحتياطي، أمضى جلّ خدمته العسكرية طيلة 32 عاما في سلاح المدرعات، بعيدا عن النشاط المخابراتي. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون، عينه عام 2002 رئيسا للموساد، بسبب معرفته به، من خدمتهما المشتركة في الجيش، فقد كان شارون رئيس دجان طيلة خدمته العسكرية، وأوكل إليه مهمات عديدة، منذ كان ضابطا شابا. وقد أحبه وقربه منه بشكل خاص على اثر نجاحه في مهمات سرية في قطاع غزة في مطلع الخمسينات، في إطار «القوة 101»، التي اشتهرت بمطاردة الفدائيين الفلسطينيين وتدمير بيوتهم ومقارهم في غزة. ومع ان دجان أصيب مرتين بجراح بليغة في الحروب جعلته معوقا بشكل جزئي، إلا انه عاد الى الجيش، ولذلك حظي بوسام الشجاعة.

تولى دجان رئاسة الموساد، في إحدى أصعب الحقب في تاريخه. فقد واجه هذا الجهاز أزمة كبيرة اثر فشله في اغتيال قائد حماس، خالد مشعل، في العاصمة الأردنية عمان، مما أدى الى استقالة رئيسه، داني ياتوم (96 - 1998)، وتولى أفرايم هليفي (98 – 2002) رئاسة الجهاز. ولكن هليفي لم يستطع ترميم الجهاز. وفي عهده بلغت الصراعات الشخصية والفئوية أوجها بين قادته، وراحت الصحف تنشر عن هذه الصراعات بتوسع. لذلك أراد شارون قائدا للموساد، يعيد اليه هيبته في النشاطات الميدانية.

وخلال حرب لبنان الأخيرة، وجهت للموساد انتقادات شديدة لفشله في تقويم قوة حزب الله الحقيقية. لكن دجان نجح في الخروج من هذه الاتهامات نظيفا، بعد أن اشار الى انه ما زال يلملم الجراح. وبرز خلال الحرب بمواقف أثبتت قدرته على التحليل السليم، حيث انتقد قيادة الجيش على ادائها الفاشل في ادارة الحرب وطرح مهمات وبرامج حظيت بتأييد لجنة فينوغراد. وبعد الحرب دعا الى اقالة رئيس الأركان، دان حالوتس.

ومما ساهم في تعزيز مكانة دجان، تمكنه من جمع معلومات عن البرنامج النووي الايراني، وكذلك تمكنه من اعادة ترميم الموساد ومعالجة الخلافات الداخلية والقضاء عليها. وقد أكد لرئيس الوزراء، أولمرت، السنة الماضية، انه في حالة تمديد خدمته رئيسا للجهاز، سيحقق اختراقات كبيرة في سورية وايران وفي حزب الله أيضا. فوافق أولمرت على تمديد خدمته سنة أخرى.

ويبدو ان اغتيال مغنية، كان دافعا لتمديد خدمته سنة سابعة، ليصبح واحدا من أربعة رؤساء لجهاز الموساد (من أصل 10 رؤساء للجهاز) خدموا لفترات طويلة، فقد سبقه في الحصول على هذه الثقة ثلاثة رؤساء سابقين هم: ايسار هرئيل (53 - 1963)، ناحوم أدموني (82 - 1989)، وشبتاي شبيط (89 – 1996). ويعتبر دجان أحد أكثر رؤساء الموساد تأثيرا على الحكومة. فهو معروف بعدائه لسورية وقيادتها. وفي الفترة التي دعت فيها مجموعة كبيرة من جنرالات الجيش الاسرائيلي والوزراء والسياسيين إلى التجاوب مع دعوة الرئيس السوري، بشار الأسد، استئناف مفاوضات السلام من دون شروط مسبقة، وطالبوا بالسعي لدى الادارة الأميركية لتتخلى عن معارضتها التفاوض مع دمشق، تصدى مئير دجان لهم وأقنع أولمرت بأن الأسد ليس صادقا في دعوته وانه يحاول فقط احداث شرخ في الحملة الأميركية ضده. وخلال حرب لبنان الأخيرة، وتحديدا في 12 يوليو (تموز)، عندما كانت في بدايتها، حاول دجان اقناع أولمرت بتوسيع نطاقها وجرّ سورية اليها بواسطة تنفيذ غارات على أراضيها. لكن أولمرت رفض الفكرة واكتفى برفض التفاوض مع سورية.