بلغراد تستعد لأكبر مظاهرة احتجاج على استقلال كوسوفو بمشاركة الأحزاب السياسية

ألمانيا تعترف باستقلال كوسوفو وروسيا تنتقد بعثة الاتحاد الأوروبي

TT

أعلنت ألمانيا أمس اعترافها باسقلال كوسوفو فيما أكدت سلوفينيا على أنها ستعترف هي الأخرى قريبا بالدولة الجديدة في البلقان. وفي حين عاد الهدوء أمس إلى كوسوفيسكا ميتروفيتسا بشمال كوسوفو بعد مظاهرات استمرت 3 أيام احتجاجا على استقلال كوسوفو عن صربيا، تستعد بلغراد اليوم لأكبر مظاهرة في تاريخها بمشاركة الأحزاب السياسية وسط دعوات أطلقها شقيق الرئيس الصربي الراحل لحرب جديدة من أجل استعادة كوسوفو بينما دعا مفوض شؤون توسيع الاتحاد الأوروبي أولي رين إلى دعم كوسوفو اقتصاديا معتبرا ذلك جزءا من ضمانات الاستقرار. وفي حين اعلنت شرطة كوسوفو ان المعبرين الحدوديين بين شمال كوسوفو وصربيا اللذين اغلقا بعد هجمات نفذتها جماعات من الصرب، اعيد فتحهما امس، انتقدت موسكو بشدة البعثة التي ارسلها الاتحاد الاوروبي لمواكبة استقلال كوسوفو معتبرة ان «ليس لها اي اساس شرعي». وقال الناطق باسم الخارجية الروسية ميخائيل كامينين في بيان ان «قرار ارسال بعثة للاتحاد الاوروبي الى كوسوفو ليس له اي اساس شرعي». من جانبها، عينت بريطانيا ديفيد بلنت سفيرا لها في كوسوفو في اجراء يضفي الصبغة الرسمية على العلاقات الدبلوماسية بعد ثلاثة ايام فقط من اعلان كوسوفو الاستقلال عن صربيا. ويعمل بلنت بوزارة الخارجية البريطانية منذ عام 1978 وكان رئيسا للمكتب البريطاني في بريشتينا الذي اصبح الان السفارة البريطانية منذ يناير عام 2006.

من جهة أخرى بعث الرئيس الالماني هورست كيلر أمس برسالة إلى نظيره الكوسوفي فاطمير سيدو يعلن فيها « اعتراف ألمانيا باستقلال كوسوفو كدولة حرة ذات سيادة « وأعرب الرئيس الالماني في رسالته عن أمله في تبادل العلاقات الدبلوماسية بين بلاده وكوسوفو في أقرب وقت ممكن مضيفا أنه يقدر « معاناة شعب كوسوفو من أجل تحقيق الاستقلال الذي حلم به كثيرا «.وجاء الاعتراف الألماني بعد اجتماع الحكومة برئاسة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، حيث تم اتخاذ قرار الاعتراف باستقلال كوسوفو، كما كان منتظرا. وبذلك تكون ألمانيا عاشر دولة تعترف باستقلال كوسوفو بعد الولايات المتحدة وتركيا وفرنسا وتايوان وبريطانيا واستراليا وألبانيا، وأفغانستان وكوستاريكا.

أما وزير خارجية سلوفينيا ديمتري روبل فقد أعلن أمس أن لوبليانا ستعترف باستقلال كوسوفو بعد موافقة البرلمان السلوفيني. وقال لمحطة أودياتشي، التلفزيونية السلوفينية أمس أن «صربيا وسلوفينيا دولتان صديقتان وستبقيان كذلك بعد الاعتراف باستقلال كوسوفو». وقد عاد سفير صربيا في باريس بريدراغ سيميتش إلى بلغراد أمس احتجاجا على اعتراف فرنسا باستقلال كوسوفو. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية باسكال اندرياني إن سفارة بلاده ستظل مفتوحة في بلغراد. وقال الناطق باسم البيت الابيض شون ماكمورماك ان «سفير الولايات المتحدة سيظل يعمل كعادته ولن يتم استدعاؤه إلى وشنطن»، ردا على سحب السفير الصربي. إلى ذلك، عاد الهدوء إلى منطقة كوسوفيسكا ميتروفيتسا شمال كوسوفو بعد اضطرابات شهدها الجزء الجنوبي الذي تسكنه أغلبية صربية، تعبيرا عن رفضها استقلال كوسوفو. وقد انتشرت قوة الحلف الاطلسي في كوسوفو (كفور) بكثافة في المنطقة وقامت باغلاق نقطتي العبور بين صربيا وكوسوفو اللتين أحرقهما الصرب الغاضبون مساء أول من أمس. وكان المنسق الأعلى للشؤون الأمنية والعلاقات الخارجية بالاتحاد الاوروبي خافيير سولانا قد أدان عملية اضرام النار في النقطتين الحدوديتين. وقال «كل عنف مرفوض ويجب التعامل معه بما يجب». كما اتهم قائد القوة كزافييه بوت دو مارناك «المسؤولين المحليين» الصرب في شمال كوسوفو بتنظيم الهجمات امس على مركزين حدودين بين الاقليم وصربيا. وقال الجنرال للصحافيين «بعض المسؤولين المحليين يتحملون مسؤولية كبيرة الامس بإشراكهم اطفالا ونساء في هذه العملية وتعريض حياتهم للخطر». وأضاف ان على هؤلاء «المسؤولين ان يفكروا مليا بمسؤوليتهم عندما يطلقون هذا النوع من التظاهرات».

وتابع «اريد ان اقول الى الجميع بان يكونوا مدركين تماما مدى تصميمي في الحفاظ على الامن اينما كان في كوسوفو. ينبغي الا يساور احد الشك في تصميمي».

وقال ان القوة «ستتخذ الاجراءات للازمة ضد من تحدثه نفسه بزعزعة الامن والاستقرار داخل حدود كوسوفو سواء كانوا أفرادا أو مجموعات». وسارع وزير شؤون كوسوفو في حكومة بلغراد سلوبودان سمارجيتش إلى نفي أي علاقة لحكومة صربيا بما جرى لكنه برر ذلك بالقول إنه تعبير عن رفض الصرب لاستقلال كوسوفو. وقال إن «الحدود بين كوسوفو وصربيا يجب أن تلغى». وتقدر قيمة الممتلكات الصربية في كوسوفو بين 200 و 400 مليار يورو، بينما تبلغ عائدات الصادرت الصربية إلى كوسوفو نحو 400 مليون يورو سنويا، وفقا لما ذكره أمس وزير التجارة الخارجية الصربي بريدراغ بوبالوا.

وفي تطور جديد، دعت الحكومة الصربية في بلغراد المواطنين أمس إلى التوافد إلى بلغراد اليوم للمشاركة في أكبر مظاهرة عرفتها البلاد حتى الآن، احتجاجا على استقلال كوسوفو، وللتنفيس عن الغضب لخسارة 15 في المائة مما كان يعد جزءا لا يتجزأ من صربيا. كما دعا للمظاهرة، اتحاد طلبة صربيا ووزير العدل الصربي زوران لانتشار وستشارك فيها اتحادات العمال. وتبدأ المظاهرة من أمام البرلمان الصربي. بينما ستلقى الخطابات ضد كوسوفو والدول التي اعترفت باستقلالها. وقد أعلن الرئيس الصربي بوريس طاديتش عن رفضه جعل المظاهرة حزبية قائلا ان «قضية كوسوفو ليست قضية حزبية، إنها قضية وطنية، لا مجال فيها للتنافس الحزبي».

ومن موسكو دعا بوريسلاف ميلوسيفيتش شقيق الرئيس اليوغوسلافي الاسبق سلوبودان ميلوسيفيتش صربيا «إلى خوض حرب جديدة من أجل استعادة كوسوفو» وحمل على السياسيين الصرب «الذين لجأوا للوسائل السلمية التي لن تعيد كوسوفو» على حد قوله. من جهته، قال مفوض شؤون توسيع الاتحاد الأوروبي أولي ريين أمس أن «الخطوة التالية التي يجب اتخاذها في كوسوفو تكمن في دعمه اقتصاديا لتثبيت الاستقرار». وأشار إلى أن بعثة الاتحاد الأوروبي إلى كوسوفو ستكون وفق قرار مجلس الامن 1244. وفي سياق متصل أكد رئيس الإدارة الدولية التابعة للامم المتحدة يواكيم ريكير أمس أن «هناك تعاونا وثيقا بين الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة، وأعتقد أن ذلك سيستمر في المستقبل».

واعلن الهولندي بييتر فيث الذي سيتولى رئاسة المكتب المدني الدولي للاتحاد الاوروبي الذي سيواكب استقلال كوسوفو، انه بدأ مهمته كمبعوث خاص للاتحاد الاوروبي في كوسوفو. وقال فيث للصحافيين بعد لقائه رئيس كوسوفو فاتمير سيديو «اقمت مكتبي الان كممثل خاص للاتحاد الاوروبي ونقيم مكتب الممثل المدني الدولي».

وسيتولى فيث رئاسة المكتب المدني الدولي الذي سيواكب استقلال كوسوفو منهيا بذلك مهمة بعثة الامم المتحدة التي كانت تتولى ادارة كوسوفو منذ 1999. وسيكون الجنرال الفرنسي ايف دو كرامبون قائد بعثة الشرطة والقضاء التابعة للاتحاد الاوروبي (1900 شرطي وخبير قانوني).