الجيش الأميركي ينشئ قواعد عسكرية في قلب المناطق الساخنة.. منها 75 ببغداد

أفاد بأنها استراتيجية جديدة لمنع عودة المسلحين إلى الأحياء «المطهرة»

عراقيتان تتجاوزان مدرعة للقوات الاميركية في مدينة المدائن (سلمان باك) امس (ا ف ب)
TT

سلمان بك (العراق) ـ رويترز: أقام الجنود الاميركيون جدرانا خرسانية واقية من الانفجارات ونصبوا ألواحا من الخشب لبناء حجرات على مساحة من صحراء العراق محاطة بالنخيل. وفي الخارج يختبر جندي منصة اطلاق قذائف مورتر باطلاق القذائف في ساحة خالية.

يبني الجنود أحدث موقع قتالي متقدم في العراق فيما يعتبر تحولا تكتيكيا بدأ قبل عام لنقل القوات من قواعدها الآمنة نسبيا الى مواقع صغيرة داخل الاحياء والبلدات الخطرة وحولها.

وكانت بلدة سلمان بك على مسافة 45 كيلومترا جنوب بغداد على مدى فترة طويلة ملاذا آمنا لتنظيم القاعدة. وكان مقاتلوه يستخدمونها كقاعدة انطلاق لشن هجمات بسيارات ملغومة على بغداد.

لكن بفضل موقع قتالي متقدم اقيم قبل عام ثم بمساعدة شيوخ قبائل عربية سنية تحولوا ضد المقاتلين، يقول الضباط الاميركيون ان الامن في سلمان بك تحسن ويريدون ضمان عدم فقد هذا المكسب. وقال الميجر جنرال ريك لينش الذي يقود قوة قوامها 20 الف جندي أميركي في جنوب بغداد «القاعدة كانت تسيطر على هذا المكان منذ ثلاث سنوات. الآن اصبح لنا». وأضاف «تحقق ذلك بسبب وجودنا الدائم هنا وادراكهم اننا لن نغادر. لن نتخلى عن هذا الموقع حتى تتمكن قوات الامن العراقية... من اقرار الامن».

وبدلا من شن غارات على معاقل المقاتلين ثم العودة الى القواعد الكبيرة ـ وهو ما يمكن المسلحين من اعادة تنظيم صفوفهم فور مغادرة الجنود ـ تضع المواقع المتقدمة الجنود بشكل دائم في قلب الضواحي التي يقومون بحراستها.

وأصبحت هذه السياسة التي حظيت بدعم الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الاميركية في العراق جزءا لا يتجزأ من هدف الجيش المتمثل في استعادة السيطرة على مدن وبلدات العراق ووقف انحدار البلاد باتجاه حرب أهلية شاملة. وهناك 75 موقعا من هذا النوع في بغداد وحدها. والى جانب نشر قوات اضافية قوامها 30 الف جندي أميركي في العراق ساعدت هذه المواقع على خفض العنف بنسبة 60 في المائة منذ يونيو (حزيران) الماضي. وخفضت كذلك الوقت الذي تقضيه القوات في دوريات الحراسة التي كانت تعرضهم لخطر القنابل الموضوعة على الطريق، وهي السبب الرئيسي لوفيات الجنود الاميركيين. وقال اللفتنانت كولونيل جاك مار، وهو قائد كتيبة في المنطقة، «الخطر الاكبر هو قنابل الطريق... اذا قلت أوقات القيادة قلت فرص التعرض لقنابل الطريق. اردنا نقل هذا النجاح، وهو ما دفعنا الى اقامة (موقع) كارفر».

ومثل بقية المواقع المماثلة يحمل هذا الموقع اسم جندي قتل في المعركة هو كودي كارفر، 19 عاما، عندما اصطدمت دبابته بقنبلة على الطريق في سلمان بك.

لا يضم الموقع المتقدم الذي اقيم منذ اسبوع سوى الاساسيات، وهي سور خارجي وحجرات خشبية وصف من الخيام ومياه باردة للاستحمام. لكن الجنود يأملون ان يتحسن المكان ليشبه موقع كاهيل القريب.

فهناك الخيام مكيفة والمياه ساخنة ويقدم المطعم وجبات ساخنة. هناك أيضا قاعة للتدريبات الرياضية وساحة للتدريب على اطلاق النار وجهاز تلفزيون في المطعم وانترنت وتنس طاولة وهي مزايا سيحصلون عليها بعد أن أمضوا شهورا ينامون في البرد.

وكانت الاشهر الاولى من عام 2007 صعبة. وعندما اقيم موقع كاهيل، استقبل المسلحون الجنود الاميركيين بقصف يومي بقذائف المورتر وإطلاق النار. وكانت الطرقات مزروعة بالقنابل وقتل الكثيرون. وقال السارجنت روبرت باتلر «فقدنا العديد من الرجال في الاسابيع الخمسة الاولى.. لم اكن اشعر اننا نحقق أي شيء. كنت مستاءً. عندما يقتل اصدقاؤك تريد ان تشعر ان شيئا ما تحقق. لكني كنت مخطئا.. فقد تحسنت الاوضاع».

ويبدو ان العراقيين يتفقون مع هذا الرأي. وبالنسبة لسلمان بك المحاطة بجدران خرسانية وتجوبها القوات الاميركية، يصعب القول ان الامور عادت الى طبيعتها. لكن الحافلات الصغيرة تجوب الشوارع واعمال الانشاءات جارية. والتجار الذين كانوا يخشون الذهاب الى السوق عادوا لبيع البضائع. وعاد بعض الاطفال لمدارسهم. وقال فاضل محمد عباس الذي يقدم مطعمه الكباب والشاي، في حين يقوم عمال بتنظيف الشارع من الرمال «الأمن تحسن فأعدت فتح المطعم منذ اسبوعين». وأضاف «لم نعد نريد القتال. نحن نفتح صفحة جديدة».

وقال عبد الله كاظم إنه تمكن من اعادة تشغيل خدمة سيارات الاجرة. وتقول القوات الاميركية ان الاقتراب من العراقيين مكنهم من تحقيق ما كانوا يفتقرون اليه منذ فترة طويلة، وهو كسب ثقة السكان المحليين. وقال الميجر ستيفين دلجادو، وهو مدير عمليات في موقع كاهيل «هذه هي.. آلية مقاومة المقاتلين. نحن نعلم أنهم سيذهبون الى أماكن لا نريدهم ان يذهبوا اليها».