السنيورة: لا للثلاث عشرات ولا للثلث المعطل .. والبعض في لبنان يدفع إلى حافة الهاوية للابتزاز

قابل ساركوزي وحصل من زيارة فرنسا على دعم سياسي واقتصادي

TT

يوم ماراتوني طويل أمضاه رئيس الحكومة اللبنانية في باريس أمس، محطته الثالثة في الجولة العربية والأوروبية التي ستقوده اليوم الى ألمانيا، محطته الأخيرة قبل العودة الى بيروت.

في باريس، حصل السنيورة على دعم قوي، سياسي واقتصادي من كل من رئيس الجمهورية، نيكولا ساركوزي، ورئيس الحكومة، فرنسوا فيون، ووزير الشؤون الأوروبية، جان بيار جوييه، الذي اقام على شرفه مأدبة غداء باسم الوزير برنار كوشنير الموجود في أميركا اللاتينية.

برز الدعم الاقتصادي لحكومة السنيورة من خلال اتفاق وقعه في الإليزيه وزير المالية اللبناني، جهاد أزعور، ورئيس الوكالة الفرنسية للتنمية، جان ميشال سيريفينو، وبموجبه تقدم باريس قرضا ميسرا للبنان قيمته 375 مليون يورو هو الجزء الأهم من التزامات فرنسا في مؤتمر «باريس3» للدول والهيئات المانحة للبنان الذي انعقد في باريس في يناير (كانون الثاني) 2007.

وخلال ساعات المحادثات الطويلة مع المسؤولين الفرنسيين، أثير الملف اللبناني بكل تفاصيله بما في ذلك التقدم الحاصل على صعيد إنشاء المحكمة الدولية. غير أن البحث تركز على موضوع الانتخابات الرئاسية والمشاورات التي تجريها باريس في كل اتجاه قبل الجلسة المقررة لمجلس النواب اللبناني في 26 الحالي.

وكما درجت عليه باريس أكد المسؤولون الفرنسيون بقوة دعمهم لحكومة السنيورة «الشرعية والديمقراطية» وجددوا دعوتهم لوضع المبادرة العربية موضع التنفيذ والاستفادة من الجلسة النيابية القادمة لانتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا توافقيا للبنان وحث الجهات الفاعلة للعمل على تسهيل الانتخابات الرئاسية والتحذير الشديد من الاندفاع نحو مزيد من التدهور الأمني والسياسي. وكان السنيورة، الذي يرافقه وزير المال ومستشاره السياسي محمد شطح، قد بدأ نشاطاته بلقاء عقده مع السفراء العرب المعتمدين في العاصمة الفرنسية في غياب ممثلين لسورية والكويت والجزائر وليبيا، لأسباب مختلفة. وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن السنيورة شرح تطورات الوضع في لبنان و«طلب دعم الدول العربية للضغط على الأطراف التي تعطل الانتخابات الرئاسية» مشيرا الى سورية وإيران من غير أن يسميهما. وأشار السنيورة الذي وصف أحد السفراء العرب كلمته بـ«المنطقية والعقلانية» الى أن لبنان «يريد أفضل العلاقات مع سورية ولكنه يريد بداية أن تحترم دمشق سيادته واستقلاله وأن تحترم حقه في الحياة الحرة». وفي لقاء مختصر مع الصحافة، عبر السنيورة عن مواقف متشددة إزاء طروحات المعارضة بخصوص الانتخابات الرئاسية، ورفض صيغة «المثالثة» في الحكومة الثلاثينية كما رفض أن تعطى المعارضة الثلث المعطل. وردا على سؤال عما إذا كان سيمثل لبنان في مؤتمر القمة في دمشق قال: «لم توجه دعوة الى لبنان والدعوة يجب ان توجه الى رئيس جمهورية لبنان». وأضاف: «يجب ان يكون لبنان ممثلا في القمة على مستوى رئيس للجمهورية. وهذا أمر أساسي في التركيبة العربية. أهمية الصيغة اللبنانية ان يكون هناك رئيس جمهورية مسيحي ممثلا بين 22 دولة».

وطالب السنيورة بالحرص على ذلك من خلال الإسراع في انتخاب رئيس جديد لما له من تأثير على التمسك بـ«صيغة العيش المشترك ولفاعلية المؤسسات الدستورية».

ونفت مصادر مقربة من السنيورة الأخبار التي تناقلتها وسائل إعلامية لبنانية عن بحث دار بين السنيورة وبين رئيس الحكومة البريطانية غوردون براون في لندن عن احتمال نقل الملف اللبناني الى مجلس الأمن. وقالت مصادر السنيورة إنه يعي أن «صدور بيان جديد أو قرار جديد عن مجلس الأمن لا يقدم ولا يؤخر في الظروف الراهنة وأن المبادرة العربية هي عصب التحرك والجهود الحالية» لإخراج الأزمة من الطريق المسدود.

وفي كلامه للصحافة، اعتبر السنيورة أن مصير جلسة مجلس النواب القادمة «في يد رئيس المجلس» نبيه بري رافضا القول ما إذا كانت ستلحق بسابقاتها لجهة التأجيل أم أن هناك أملا ما بانعقادها. وفي موضع حكومة العهد الجديد، اعتبر السنيورة أن العمل بما تريده المعارضة أي «المثالثة» ليس مقبولا من الأكثرية «لمدلولاته «على الصيغة اللبنانية» معتبرا أن من يطرح هذا المخرج «يبحث عن مزيد من التعقيدات كما يربطه بجملة من الشروط» عير المقبولة. ورفض السنيورة إعطاء «الثلث المعطل» للمعارضة التي «عندها سوابق في عملية تعطيل المؤسسات الدستورية». ورأى السنيورة أن المخرج هو العمل بالمبادرة العربية التي وصفها ب «الأمر الأساسي» كما أنها ما زالت «ممكنة التحقيق» باعتبار أنها يمكن أن تفضي الى «حل حقيقي يرضي جميع الأطراف» وتفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية «نستطيع من خلال انتخابه أن نبعد البلاد عن حافة الهاوية ويسهم إسهاما أساسيا (في العملية السياسية) لكونه مرجعا يمكن أن يدير عملية الحوار».

ورغم دقة الوضع السياسي والأمني في لبنان استبعد السنيورة نشوب حرب أهلية إذ «لا رغبة لدى اللبنانيين في حصول صدام وقيام فتنة داخلية» كما أنه «ليست هناك مصلحة عربية أو إسلامية» في حدوثها. واتهم السنيورة «البعض» بافتعال المشاكل و«السير بالأمور الى حافة الهاوية من أجل الابتزاز والضغط».

ورفض السنيورة الخوض في فرضية أن يمثل هو لبنان في القمة المذكورة مفضلا التركيز على انتخاب رئيس جديد معتبرا أن المبادرة العربية تمثل «كوة» في جدار الأزمة وهي مدخل للحل «لمن يريد أن يجد حلا»، مضيفا أن «من لا يريد حلا كمن لا يريد أن يزوج ابنته فيرفع مهرها». وقد اسفرت مباحثات السنيورة مع الجانب الفرنسي عن توقيع اتفاق تمنح فرنسا لبنان بموجبه قرضا ميسرا لمدة 15 عاما قيمته 375 مليون يورو، وذلك بحضور الرئيس ساركوزي وسيدفع منها مباشرة مبلغ 150 مليون يورو تستخدم لسد عجز الموازنة اللبنانية.

وقال السنيورة إنه دعا ساركوزي لزيارة لبنان واصفا الدعم الفرنسي بأنه «صادق». وأبدى السنيورة «اطمئنانه» لإنشاء المحكمة الدولية ومباشرة مهماتها، منوها بجهود الأمين العام للأمم المتحدة على هذا الصعيد، وقال: «نحن على الطريق الصحيح».