الصراع بين حكومتي فياض وهنية المقالة يترك عشرات الآلاف من الموظفين بلا رواتب

وزير في رام الله يؤكد أن قطع المعاش مرتبط بتورطهم في ممارسات ضد الشرعية

TT

كعادته في كل شهر توجه محمود، 27 عاما، الذي يعمل طبيبا في أحد مستشفيات القطاع الى البنك لتسلم راتبه، لكنه فوجئ عندما أعلمه موظف البنك أنه لم يحول لرصيده أيُّ مبلغ، وهذا يعني أن وزارة المالية في حكومة سلام فياض برام الله لم تحول راتبه، كما كانت تفعل طوال الفترة الماضية. ولم يكن محمود الموظف الحكومي الوحيد الذي يقطع راتبه من قبل حكومة فياض بعد انتصار حركة حماس العسكري في قطاع غزة وفرض سيطرتها عليه، فغيره عشرات الآلاف الذين قطعت رواتبهم. ويقول مركز الميزان لحقوق الإنسان إن مجموع من أوقف صرف رواتبهم من موظفي الصحة بلغ 2800 موظف من بينهم 698 قطعت رواتبهم في يناير (كانون الثاني) الماضي، كما أن عدد موظفي العقود الذين أوقفت رواتبهم بلغ 600 موظف. وحسب علاء البطة، رئيس نقابة الموظفين في القطاع العام، فأن حكومة فياض قطعت حتى الآن رواتب 40 ألف موظف، منهم 20 ألف عسكري قامت حكومة احمد قريع (ابو علاء) عام 2005 باستيعابهم في أجهزة السلطة الأمنية لكن عندما تواصلت إجراءات تعيينهم في عهد حكومة إسماعيل هنية الأولى، قررت حكومة فياض عدم تسليمهم رواتبَ، رغم أنهم ينتمون الى حركة «فتح». واضاف البطة في تصريح لـ«الشرق الاوسط» «لقد توجهنا الى العديد من المحامين برام الله لرفع دعاوى أمام محكمة العدل العليا ضد حكومة فياض، لكننا فوجئنا بأن المحامين الذين وافقوا في البداية على طلبنا تراجعوا بعد أن تلقوا تهديدات من قبل أجهزة حكومة فياض الأمنية».

ويرى عصام يونس، مدير مركز «الميزان» أن حكومة فياض تقوم بتسييس الرواتب ومحاربة الناس في أرزاقهم لتحقيق مكاسب سياسية. وفي تصريح لـ«الشرق الاوسط»، شدد يونس على أنه من وجهة نظر قانونية لا يحق للحكومة أن تقطع رواتب آلاف الموظفين لاعتبارات سياسية. وأشار الى أن المنظمات الحقوقية الفلسطينية ستجري اتصالات مع حكومة فياض لثنيها عن هذه السياسة، وفي حال فشلت هذه السياسة، فإنها ستتوجه الى محكمة العدل العليا برام الله لاستصدار قرار بإجبار حكومة فياض بوقف اجراءاتها «غير القانونية»، ضد الموظفين. حكومة فياض بدورها دافعت عن إجراءاتها، قائلة إنه لم تقطع رواتب الموظفين بسبب انتماءاتهم السياسية، بل بسبب تورطهم في ممارسات ضد الشرعية. وقال الدكتور إبراهيم أبراش وزير الثقافة الفلسطيني، إنه لم يفصل أي موظف لأنه ينتمي الى حماس، بل لأنه مارس أنشطة ضد الشرعية الفلسطينية أو أنه لا يعترف بشرعية الرئيس محمود عباس (أبو مازن). واضاف أنه بإمكان المتضررين أن يلجأوا للقضاء إن شعروا بالظلم أو عليهم وشايات غير صحيحة بشأن مدى التزامهم بقانون الوظيفة العمومية وشرعية النظام السياسي. واشار ابراش الى وجود لجنة مكونة من عدة جهات أمنية، وهي التي تقوم بدراسة الطلبات وعندما تتفق على أن شخصاً ما غير ملتزم بقانون الوظيفة الحكومية والشرعية يرفع به كتاب ويوقف راتبه بناء على ذلك، لكن إذا حدث تظلم فهناك مجال للمراجعة إذا ثبت العكس كما حدث مع الكثيرين.

واعتبر الدكتور يحيى موسى، نائب رئيس كتلة حماس، في المجلس التشريعي أن سياسة قطع الرواتب عن الموظفين يأتي في إطار العقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني لاحتضانه حماس، وشكل من أشكال الانتقام لإخفاق المؤامرة الأميركية ـ الاسرائيلية لإسقاط حكومته. ويرى موسى أن الهدف من قطع رواتب الموظفين هو اثقال حكومة اسماعيل هنية المقالة بالكثير من الأعباء الإضافية وصولاً الى دفعها نحو الاستسلام.