ميليشيا المهدي تصدر أحكاما بالإعدام أو السجن بحق أعضائها الذين لم يلتزموا بالتجميد

مقاتل: صدرت لنا قرارات بالتخلص منهم.. هكذا نطهرها

TT

تذكر مقاتلون في جيش المهدي كيف أنهم سحبوا الرجل البالغ من العمر 25 عاما الى بيت مظلم وشنقوه بعد ان علقوه في السقف، بينما كانت تتلى آيات من القرآن.

والاعدام الذي نفذ الشهر الماضي من جانب أكبر ميليشيا شيعية في العراق كان له ان يكون استثنائيا، ذلك ان الضحية كان واحدا منهم.

فقد قتل الرجل، وهو قائد في جيش المهدي يحمل اسما مستعارا هو حمزة، وخطف العشرات من الناس، على الرغم من قرار تجميد جيش المهدي، الذي مرت عليه عندئذ خمسة أشهر. وبعد ان اعترف حمزة بجرائمه اثناء التحقيقات المتكررة صدر عليه حكم بالاعدام من جانب مكتب زعيم الميليشيا المناهضة للأميركيين رجل الدين مقتدى الصدر.

وقال محمد علي (24 عاما)، وهو قائد في الميليشيا ساهم بالعملية ووصف كيفية حدوثها، «صدرت أوامر لنا للتخلص منه وقد فعلنا ذلك. هذه هي الطريقة التي نطهر بها جيش المهدي».

وقد أعدم أو سجن أو طرد المئات من أفراد جيش المهدي منذ التجميد الذي أمر به الصدر أواخر أغسطس (اب) الماضي، كجزء من عملية اعادة تنظيم على مستوى البلاد غيرت على نحو دراماتيكي، صورة الجماعة في العراق، وكانت سببا حاسما في انخفاض العنف في الفترة الأخيرة، وفقا لما قاله قادة في الميليشيا ومسؤولون أميركيون.

وعززت عملية التطهير سمعة الصدر، خصوصا بين القادة العسكريين الأميركيين، الذين اعتبروه في السابق عدوا لهم، ولكنهم يشيرون اليه الان باحترام، بينما ساعدت الصدر على ممارسة سيطرة أكبر على جيشه غير النظامي. ويقول أفراد في جيش المهدي ان التجميد ساعد، في الوقت نفسه، على أن تكون الحركة الصدرية أكثر عرضة للهجمات والقمع من جانب الجماعات الشيعية المنافسة.

واجريت مقابلات مع ما يزيد على 12 من قادة الحركة الصدرية تشير الى أنه سواء استمر التجميد أم لا فانه حول الميليشيا ومكانتها في المجتمع العراقي.

وقال احمد عبد الحسين (33 عاما) وهو قائد في جيش المهدي من مدينة الصدر، ان «التجميد كشف عن الكثير من الأسرار. فنحن نعرف الآن الجيد من السيئ. وينظر الجميع الان الى جيش المهدي نظرة جديدة. أعتقد أن كل شيء سيكون مختلفا الآن».

وكان جيش المهدي قد وصل الى ادنى مستوى له عندما قتل أكثر من 50 شخصا في مدينة كربلاء المقدسة بسبب القتال العنيف بين جيش المهدي والقوات الشيعية الموالية للمجلس الاسلامي الأعلى. وفي اليوم التالي، التاسع والعشرين من أغسطس (اب)، أعلن الصدر تجميدا لعمليات جيش المهدي لفترة ستة أشهر.

وقال مكتب الصدر في حينه، ان هدف التجميد هو تطهير الجيش من العناصر التي ليست تحت سيطرة الصدر.

وقال صلاح العبيدي، أحد كبار مساعدي الصدر، ان «التجميد ساعد على تشخيص وطرد العناصر السيئة»، مضيفا أن الميليشيا تضم الآن ما يزيد على 100 ألف شخص.

وتظهر دلائل التطهير في مدينة الصدر المليئة بمياه المجاري. وفي احد ايام الجمعة جرت تلاوة اسماء من طردوا من الميليشيا. وكان كثير من المشخصين قد هربوا من أحيائهم وفي بعض الأحيان من البلد لتجنب العقاب. وتحمل بعض الجدران بوسترات تعلن عمن جرى تطهيره ولماذا، على الرغم من أن هذه البوسترات سرعان ما يجري تمزيقها من جانب اصدقاء أو أفراد عوائل المتهمين.

وفي الكثير من المعاقل الصدرية تحول تركيز الميليشيا من القتال الى توفير الخدمات للسكان، حيث يمارس جيش المهدي دور قوة سياسية واجتماعية.

وفي ظهيرة أحد الأيام الأخيرة جاءت امرأة ترتدي عباءة سوداء الى المكتب الرئيسي للميليشيا في مدينة الصدر مشتكية من ضرب زوجها لها. وقالت المرأة التي سمت نفسها ام محمد انها بحاجة الى مساعدة مكتب الصدر.

وبعد حوالي 15 دقيقة طلب حضور زوجها الى المكتب لحل المشكلة. وقال المسؤول في المكتب ابو حيدر «نحن نحل مئات المشاكل من هذا النوع. وهذا هو ما يفعله جيش المهدي في الوقت الحالي».

ولكن كثيرا من السكان يتذمرون من أن عمليات السطو وسرقة السيارات وجرائم أخرى في بعض أجزاء المدينة زادت منذ أن أمرت الميليشيا بالقاء سلاحها. وفي جنوب العراق اشتكى الصدريون من أنهم تعرضوا الى القمع من جانب قوات مناوئة، مما أدى بكثيرين الى المطالبة برفع التجميد.

وقال عمار جبار سعدون (35 عاما)، وهو من سكان كربلاء وقد هرب الى مدينة الصدر، ان أفراد قوات الأمن المرتبطة بالجناح المسلح للمجلس الأعلى دمروا بيته وهددوا عائلته. وقال «نصلي لله من أجل ان ينتهي التجميد حالا». ويثني القادة العسكريون الأميركيون، الذين خاضوا أكثر معاركهم دموية في الحرب ضد الميليشيا، على الصدر في الوقت الحالي ويقولون ان جيش المهدي لم يعد يشارك في العنف. ويشيرون الى العناصر المنشقة باعتبارهم «جماعات خاصة» يربطونها بايران أساسا.

ويصور مسؤولون أميركيون وبعض افراد جيش المهدي التجميد باعتباره محاولة من الصدر لتطهير الميليشيا من العناصر الايرانية. وقال مسؤول في السفارة الأميركية تحدث مشترطا عدم الاشارة الى اسمه ارتباطا بالقواعد الدبلوماسية «انهم يقولون: انظروا ان لدينا جهتين أجنبيتين تتصارعان من أجل الهيمنة على العراق: ايران والاحتلال الأميركي. ومن بين الاثنين نحن بحاجة الى أن نكون أكثر قلقا من ايران. يمكننا التعامل مع الولايات المتحدة سياسيا، وسينسحبون قريبا على أية حال».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»