سكان دارفور بدأوا يفقدون الثقة في إرادة المجتمع الدولي

استمرار القتال في الإقليم رغم الموافقة على نشر أكبر عملية لحفظ السلام

TT

حاولت خميسة عبد الله مسح الدموع من عينيها وهي تصف كيف فقدت 6 من ابنائها عندما اجتاح مسلحون بلدتها في غرب دارفور ونفذوا عمليات قتل ونهب.

وقالت وهي تبكي وتشير إلى طفل تحمله على ظهرها عمره 3 سنوات «لم يعد لدي سوى هذا الطفل». اما الابناء الاخرون الذين تتراوح اعمارهم بين 5 اعوام و20 عاما فقد فروا وهم في حالة من الذعر الى التلال القريبة من بلدة سيربا خلال هجوم الميليشيا قبل أسبوعين ولم تراهم منذ ذلك الحين. وتواصل القتال في منطقة دارفور بغرب السودان رغم الموافقة على نشر اكبر عملية لحفظ السلام هناك بتمويل من الامم المتحدة، ويقول الناس انهم بدأوا يفقدون الثقة في ارادة المجتمع الدولي أو قدرته على مساعدتهم.

ومثلما هو الحال في الكثير من الغارات خلال التمرد المستمر منذ 5 سنوات تقريبا في دارفور تفرق شمل عائلات في سيربا اثناء فوضى الهجوم الذي يعد جزءا من حملة الحكومة لاستعادة المنطقة من متمردي دارفور.

وقالت اميرة حق منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان «قضية الاطفال المفقودين الذين انفصلوا عن عائلاتهم هي واحدة من اوضح الرسائل التي سنعود بها». واضافت «اضطرت الامهات الى الركض وفر الاطفال في اي اتجاه ممكن».

وحمل متمردون معظمهم من غير العرب السلاح في اوائل عام 2003 متهمين حكومة الخرطوم باهمالهم. لكن الانقسامات بين المتمردين وتعبئة الحكومة لميليشيات قبلية عربية اشاع خليط فوضوي من الجماعات المسلحة وتسبب في انهيار القانون والنظام في المنطقة النائية بغرب السودان.

وقال الجيش السوداني انه خاض قتالا في سيربا مع حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور. ويقول ان ما يقرب من 50 شخصا قتلوا معظمهم مسلحون يرتدون ملابس مدنية وهو ادعاء نفاه السكان بشدة.

وتمكن بعض الاطفال من العودة بعد ايام من السير حفاة وسط شجيرات شائكة والنوم شبه عراة خلال ليالي البرد الشديدة واستنفاد قواهم بسبب عدم وجود طعام.

ووجد الذين عادوا مشكلات جديدة في انتظارهم. فقد دمرت اثنتان من 5 مضخات للمياه بالاضافة الى النظام الرئيسي لنقل المياه.

وتعرضت النساء اللائي حاولن الحصول على المياه من مصادر اقل نظافة لهجمات على يد ناهبين كانوا لا يزالون على مقربة من المكان. وجرى اغتصاب البعض منهن. وطالب سكان البلدة الذين ينتابهم الخوف بانتشار فوري لقوات حفظ السلام الدولية وعبروا عن شكوكهم فيما اذا كانت المساعدة ستأتي بسرعة كافية.

وقال طالب من سيربا يدعى ابو بكر عيسى محمد «اما ان تأتي الامم المتحدة بقوات حفظ السلام الى هنا لحمايتنا والا سنرحل ونذهب الى مكان آمن...الى بلدة أخرى او بلد آخر». لكن الانتشار الكامل لقوة الامم المتحدة والاتحاد الافريقي المشتركة تأجل مرارا وتتهم الدول الغربية حكومة الخرطوم بالمماطلة من خلال وضع عراقيل. ولم يتم حتى الآن سوى نشر تسعة الاف من بين القوة البالغ قوامها نحو 26 الف فرد.

وبعد الهجوم على سيربا سعى سكان للحصول على حماية من القوات النظامية السودانية التي دخلت البلدة بعد هجوم الميليشيات. ولكن لم يتبق منهم سوى عدد قليل وقال السكان انهم يخشون من الميليشيا لدرجة انهم لا يستطيعون الخروج لاحضار الجثث المخبأة وسط الاعشاب العالية. وتشير تقديرات الخبراء الدوليين الى مقتل نحو 200 الف شخص ونزوح 2.5 مليون آخرين عن ديارهم خلال القتال في دارفور.

وتقول الخرطوم ان عدد القتلى لا يتجاوز 9 الاف وتتهم وسائل الاعلام الغربية بالمبالغة في وصف الصراع. وحثت اميرة حق الاطراف المتحاربة على العودة الى عملية السلام. وقالت «لا نستطيع الذهاب فحسب من قرية الى قرية ورؤية هذه الصور المروعة والواقع المرير لما حدث».. واضافت «يجب على العالم ان يستيقظ لذلك».