أربيل تهدد باللجوء إلى «مقاومة شاملة».. وبارزاني يرسل 2000 عنصر من البيشمركة إلى الحدود

تواصل الاشتباكات بين القوات التركية والمسلحين الأكراد .. و«الكردستاني»: سنشن حرب عصابات داخل تركيا

جنود أتراك يتهيأون لتنفيذ دورية بالقرب من الحدود التركية العراقية أمس (أ.ف.ب)
TT

فيما تواصل القصف التركي أمس لعدد من المواقع في اقليم كردستان العراق لضرب مقاتلي حزب العمال الكردستاني التركي المحظور، هددت حكومة إقليم كردستان العراق تركيا امس بأنها ستلجأ الى «مقاومة شاملة» ضد القوات التركية التي توغلت في شمال العراق منذ الخميس اذا وقع «اعتداء على اي مواطن في اقليم كردستان او المناطق المأهولة»، فيما هدد حزب العمال الكردستاني بنقل العمليات العسكرية الى المدن التركية، كما اعلن الحزب انه قتل 22 جنديا تركيا في الاشتباكات.

ودارت معارك كثيفة وقصف مدفعي حتى ساعة متأخرة ليلة اول من أمس، وأكد بعض سكان بلدتي هاكورك وسيدكان القريبتين من الحدود التركية عند مستوى مدينة جوكورجا التركية، انهم سمعوا دوي تبادل اطلاق نار كثيف من اسلحة رشاشة وكذلك مرور طائرات حربية ومروحيات. وقد سمع دوي قصف مدفعي كثيف حتى منتصف الليلة قبل الماضية في قطاع بامرنه على بعد 40 كلم الى الجنوب الغربي حيث يحتفظ الجيش التركي بقواعد صغيرة منذ التسعينات، على ما قال سكان القرى.

من جهتها، اصدرت حكومة اقليم كردستان العراق بيانا قالت فيه ان «أوامر صدرت باللجوء الى مقاومة شاملة ضد القوات التركية، وقد اتخذت كل الاستعدادات بهذا الشأن» إذا وقع «اي اعتداء على اي مواطن في اقليم كردستان او المناطق المأهولة».

وأكد البيان ان «مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان قام بزيارة محافظة دهوك يومي الخميس والجمعة واجتمع خلالها مع مسؤولين امنيين واداريين في المنطقة»، وانه «اطلع على سير الاوضاع في المناطق الحدودية وبحث المستجدات الناجمة عن الاعتداءات التركية على اراضي الاقليم». وشددت حكومة كردستان على ان «اقليم كردستان لن يكون طرفا في القتال بين تركيا وحزب العمال الكردستاني».

وأضاف البيان «اننا نشك في النوايا الحقيقية للقوات التركية، ونرى ان هدفها اقليم كردستان وليس حزب العمال وإلا فما علاقة تدمير جسور حيوية يستخدمها المواطنون في حياتهم اليومية داخل عمق المناطق المأهولة، بحزب العمال؟». يشار الى ان الجسور تبعد حوالي 40 كلم شمال العمادية اقصى شمال العراق على الحدود مع تركيا. وقال الشيخ جعفر مصطفى وزير شؤون قوات البيشمركة في حكومة الاقليم، ان «حكومة الاقليم تعتبر العملية العسكرية التركية عملا عدائيا ضد الاقليم حكومة وشعبا وكيانا»، وأضاف لـ«الشرق الاوسط» ان «قوات البيشمركة تتخذ لحد الآن موقفا دفاعيا عن حدود وأمن وسلامة الاقليم»، وقال «اننا نأمل ألا تتهور تركيا وتتوغل بقواتها باتجاه مدن ومناطق كردستان الآهلة». واكد ان «قوات البيشمركة على أهبة الاستعداد لمواجهة اي اعتداء خارجي قد يتعرض له الاقليم لأن ذلك يدخل في صميم مهامها الوطنية».

وأشار الشيخ مصطفى الى ان قيادة قوات البيشمركة أرسلت نحو 2000 مقاتل الى المناطق الحدودية في محافظة دهوك لتعزيز الخطوط الدفاعية وكلفت بمهمة الدفاع عن الاقليم فقط ضد اي هجوم تركي محتمل على اراضي اقليم كردستان، موضحا أن قوات البيشمركة في المناطق الحدودية لا تنوي خوض القتال لا ضد الجيش التركي ولا ضد قوات اي من دول الجوار وان مهامها دفاعية بحتة طالما بقيت القوات التركية بعيدة عن مناطق ومدن الإقليم. وقال الشيخ مصطفى ان رئيس الاقليم مسعود بارزاني وبصفته القائد العام لقوات البيشمركة في الاقليم «يتولى شخصيا الاشراف المباشر على تحركات هذه القوات واستعداداتها في عموم أرجاء الإقليم».

من جهته، أكد اللواء جبار ياور وكيل وزارة شؤون البيشمركة، ان ارسال تلك القوات الى مناطق «آميدي» في محافظة دهوك يأتي في اطار المهام الروتينية لقوات البيشمركة التي تتناوب على تولي واجباتها في تلك المناطق، مؤكدا أن قوات البيشمركة وحكومة الاقليم ليستا جزءا من الصراع الدائر بين تركيا وحزب العمال الكردستاني. وكان فلاح مصطفى مسؤول العلاقات الخارجية في مجلس وزراء حكومة الاقليم قد أعلن ان حكومته تطالب بانسحاب كامل للقوات التركية من الاقليم الذي توغلت فيه القوات التركية.

وقال مصطفى «نطالب بالانسحاب الفوري من اراضي اقليم كردستان العراق. المشكلة لن تحل بالطرق العسكرية وانما السلمية»، مؤكدا ان «حكومة الاقليم تدين هذه العمليات العسكرية والقصف الجوي الذي طال البنى التحتية للاقليم».

وحمل المسؤول الكردي «الحكومة الاميركية مسؤولية الاجتياح التركي (..) لأنه لولاها لما استطاعت تركيا ان تسمح لنفسها بانتهاك السيادة العراقية برا وجوا».

من جهتها، قالت الحكومة العراقية ان التوغل التركي لن يوقف هجمات المقاتلين الاكراد، مشيرة الى أن عمليات مشابهة في الماضي فشلت في القضاء عليهم.

وقال علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة العراقية في مؤتمر صحافي في بغداد، ان العراق يتفهم تماما التهديد الذي تواجهه تركيا، ولكن العمليات العسكرية لن تحل الازمة مع حزب العمال الكردستاني. وأضاف أن تركيا قامت بتجربة الحل العسكري ولكنه لم يسفر عن نتائج طويلة الأمد. وقال الدباغ ان المعلومات تؤكد أن العدد ليس كبيرا وأن عدد القوات التركية التي عبرت الحدود العراقية أقل من ألف، مضيفا أن العملية محدودة للغاية.

ومن جهتها قالت الأركان العسكرية العامة التركية أمس، إن عدد قتلى مسلحي حزب العمال الكردستاني خلال الهجوم العسكري في شمال العراق ارتفع الى 79. وقالت الاركان العامة التركية، إن اثنين اخرين من جنودها قتلا في اشتباكات أمس مما رفع عدد قتلى القوات التركية الى سبعة منذ بدء الهجوم عبر الحدود. غير ان متحدث باسم حزب العمال الكردستاني قال ان المقاتلين الاكراد قتلوا 22 جنديا تركيا في الاشتباكات. وفي تطور لاحق، هدد حزب العمال بنقل العمليات العسكرية الى المدن التركية «من دون استهداف المدنيين». وقال أحمد دانيس مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب لوكالة الصحافة الفرنسية «اذا استمرت تركيا في هجماتها سنقوم بحرب عصابات داخل المدن التركية من دون استهداف المدنيين»، دون مزيد من التفاصيل. واضاف ان «على تركيا وقف هجماتها على كردستان العراق واذا استمر هجومها على اقليم كردستان سنقوم بنقل المعركة الى داخل المدن التركية». ودعا دانيس الى «حل القضية بطريقة سلمية»، مضيفا «ان الاتراك هم الذين يرفضون الحوار». وتابع ان «هدف تركيا ليس ضرب حزب العمال فقط بل لديها مطامع سياسية واقتصادية اخرى في اقليم كردستان والعراق»، على حد قوله.