موسى رعى الجلسة الثالثة للحوار الرباعي بعد لقاءات مع بري والحريري والسنيورة

عاد إلى بيروت لاستكمال مهمته المتصلة بالمبادرة العربية بشأن لبنان

TT

عاد الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى بيروت حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة ورئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري. ورعى الجلسة الثالثة للحوار الرباعي التي ضمته والنائب الحريري ورئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون والرئيس اللبناني السابق رئيس حزب «الكتائب» امين الجميل، وذلك في محاولة جديدة في اطار مهمته الهادفة الى تمكين فرقاء الازمة اللبنانية من التوافق على حل سياسي للازمة التي تعصف بالبلاد، وذلك على قاعدة المبادرة العربية.

وقد عقد الاجتماع الرباعي، اسوة بالاجتماعات السابقة، في مكتب رئيس المجلس النيابي في مقر البرلمان وسط بيروت، بدءاً من الساعة الثامنة مساء امس بعدما كان مقرراً عند السادسة والنصف بالتوقيت المحلي.

وفي الوقت الذي كان موسى في طريقه من القاهرة الى بيروت والتي سبقه اليها قبل ظهر امس النائب الحريري عائداً من الرياض، كانت المواقف المتناغمة او المتباينة حيال الازمة تتوالى من عدد من الشخصيات الدينية والسياسية، فالبطريرك الماروني نصر الله صفير اعتبر «ان ما نسمعه ونراه لا يبشر بالخير». فيما دعا المساعد السياسي للرئيس بري، النائب علي حسن خليل، اللبنانيين الى «عدم تضييع فرصة المبادرة العربية». وتمنى نائب رئيس مجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان ان تكون مبادرة موسى «مفاجأة سارة تفضي الى حل». اما الرئيس الاسبق للحكومة الدكتور سليم الحص فاقترح على امين عام الجامعة «تشكيل حكومة وحدة وطنية مصغرة من 16 وزيراً... او انتقالية من المحايدين».

وقد وصل موسى الى مطار بيروت قبيل الثالثة من بعد ظهر امس. وكان في استقباله وزير الخارجية اللبناني المستقيل فوزي صلوخ وسفير مصر احمد البديري. وتوجه فوراً الى مقر رئاسة مجلس النواب في عين التينة حيث التقى الرئيس بري بحضور النائب علي حسن خليل لبعض الوقت قبل ان يتحول اللقاء الى خلوة ثنائية بين بري وموسى استمرت قرابة ساعة غادر بعدها موسى مقر الرئاسة الثانية من دون ان يدلي بأي تصريح. وتوجه الى دارة النائب الحريري في قريطم حيث التقاه بحضور الرئيس امين الجميل ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري والنائب السابق غطاس خوري وسفير الجامعة العربية عبد الرحمن الصلح ومدير مكتب النائب الحريري نادر الحريري ومدير مكتب موسى السفير هشام يوسف. وذكرت الوكالة الوطنية للاعلام انه «تم خلال الاجتماع مواصلة البحث في ما آلت اليه الاتصالات والجهود المبذولة لتنفيذ المبادرة العربية».

ومن قريطم انتقل موسى والوفد المرافق، الى السرايا الحكومية حيث عقد اجتماعاً مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة. وقد وصل النائب وليد جنبلاط الى السرايا وانضم الى الاجتماع.

على صعيد المواقف، دعا البطريرك صفير، في عظة القاها امس، الى «ان نعتصم بحبل الله في هذه الايام السيئة، ونسأله بايمان حار ان يجنبنا في لبنان ما بتنا نخشاه من وقوع كوارث يجب عمل المستحيل لتجنبها. وان ما نسمعه ونراه لا يبشر بالخير. ويبدو ان الالسنة قد تحررت من عقالها، فلم يبق لها ضوابط. وكل يهدد من جهته بعظائم الامور وينادي بالويل والثبور. وهذا ليس بمؤشر مريح، لكيلا نقول مربك ومخيف. لنصل، كي لا تسوء الامور اكثر مما هي سيئة. ولنعد الى بعضنا البعض بالتعاطف والتضامن والمحبة».

من جهته، دعا الشيخ قبلان اللبنانيين الى «التعجيل بانجاز التوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية والانطلاق بمسيرة الحل التي تنقذ لبنان مما يتخبط فيه من مآزق». وقال: «خير البر عاجله. واذا نويت على الخير فبادر اليه واذا نويت على الشر فأجله. فالمطلوب من كل اللبنانيين ان يتعاونوا على الخير ويمسكوا اعصابهم ويبتعدوا عن الانفعال والارتجال لان لبنان يعيش فترة انتقالية حساسة والاجواء ملبدة بالغيوم وبعض السلوكيات والمواقف لا تبشر بالخير، في حين ينتظر غالبية اللبنانيين المفاجآت. ونتمنى ان تكون مبادرة الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى مفاجأة سارة تفضي الى حل يطمح اليه كل اللبنانيين». واضاف: «كفاكم تسويفا وتأجيلا ومهاترات، وعلينا جميعا ان نستقبل المبادرة العربية بصدر رحب وعقلية منفتحة، فنكظم غيظنا وننفتح على بعضنا البعض لانجاز الحل المنشود».

وتوجه الى السياسيين قائلاً: «همم الرجال تزيل الجبال. ولا يجوز ان تترددوا ولا تبادروا الى انجاز الحل. فما دامت الأمور واضحة للعيان، فاحسموا أمركم وكونوا عونا لبعضكم البعض ولا تكونوا هما وغما على بلدكم وإخوانكم وشعبكم. وقوموا بعملية إنقاذ للبلد تنطلق من تفاهمكم وتواصلكم واجتماعكم لتصويب المسار. ان انتشال اللبنانيين من حالة القلق والخوف التي يعيشونها واجب وطني وأخلاقي وإنساني، فلا يجوز ان يظل اللبنانيون في دائرة الاضطراب والقلق بفعل استمرار السجالات والخلافات وانتقالها الى الشارع من خلال المناوشات والصدامات التي تحصل بين بعض اللبنانيين. ولا يجوز ان يظل لبنان عرضة للاخطار فيتأرجح بين السلبية والايجابية من دون انتخاب رئيس توافقي. لذلك يجب التجاوب مع المبادرة العربية والعمل لإنقاذ لبنان». كذلك وجه قبلان نداء الى المسؤولين العرب دعاهم فيه الى «التواصل والتشاور لا سيما أننا أصبحنا قريبين من عقد قمة عربية في دمشق تقع عليها مسؤولية وضع النقاط على الحروف وتصويب المسار من خلال وضع الأمور في نصابها. لذلك نطالب العرب بان يدعموا لبنان ولا يترددوا في المجيء اليه، لان لبنان يحتاج أكثر من أي وقت مضى لدعم أشقائه وإخوانه. وهو يطالبهم بالتصدي لمن يتآمر على مؤسساته وشعبه ويتهدد أمنه واستقراره».

ولاحظ الرئيس الحص ان موسى «يعود وأفق الحل، على ما يبدو، ما زال مسدوداً، وكلا الفريقين قابع على متراسه لا يبرحه ولا يتزحزح عنه». واعتبر أن «هذا الوضع لم يعد مقبولا ولا محمولا، فالبلد يواجه أفدح الأخطار والشعب يعاني الأمرين». وقال: «ندعو الفريقين إلى الانفتاح على احتمالات جديدة للحل. ونقترح على الأمين العام أن يطرح احتمالين. أولا، احتمال تشكيل حكومة وحدة وطنية إنما مصغرة كأن تكون من 16 وزيرا بقيادة رئيس وزراء توافقي. وهذه الصيغة يمكن أن ينجم عنها ما يرضي الطرفين أو على الأقل ما يحول دون اعتراض أي منهما. وثانيا، النظر في إمكانية تشكيل حكومة من المحايدين وربما من التكنوقراط لفترة انتقالية تكون أولى مهامها وضع قانون انتخاب جديد تمهيدا لإجراء انتخابات نيابية تجدد الحياة السياسية التي أضحت عفنة».

واعتبر وزير الصحة المستقيل محمد جواد خليفة «ان الاخطار المحدقة تستدعي من كل الاطراف المشاركة في الاجتماع الرباعي المقرر» متوقعاً ان يصار خلال الاجتماع الى الانطلاق مما تم التوصل اليه في اللقاء الاخير. ورأى ان مهمة موسى «ليست سهلة لانه كلما مر يوم زادت التعقيدات على الازمة». وشدد على انه على الرغم من الخلافات يجب ان يتمكن اللبنانيون من التوصل الى آلية تحصن السلم الاهلي. واشار الى ان ما يسعى اليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري هو «ايجاد آلية ولو بالحد الادنى تحفظ الامن في البلد». وذكّر بان الرئيس بري سبق وابلغ موسى انه مستعد لتقديم تنازلات وتسهيلات من هنا وهناك اذا ما توافرت ارضية للتسوية.

ودعا عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب ايوب حميد الدول العربية الى «لعب دور فاعل ينهي الازمة اللبنانية ويحافظ على الصيغة التي قام على اساسها لبنان» معتبراً «ان اي طرح لا يؤمن الشراكة بين المكونات اللبنانية هو طرح منحاز لفريق ضد فريق آخر». وانتقد التصريحات التي تربط بين انتخاب رئيس للجمهورية وانعقاد القمة العربية في دمشق. واكد «التمسك بالمبادرة العربية» داعياً فريق السلطة الى ما سماه «وقف الانقلابات المستمرة على المساعي والحلول بدءاً من الانقلاب على الحوار».

واتهم عضو الكتلة نفسها النائب عبد المجيد صالح الموالاة بانها «من يريد تعطيل دور المجلس النيابي، لا الرئيس نبيه بري». وقال: «ان الموالاة هي من يسعى الى تعطيل المبادرة العربية بعد تعطيلها المبادرة الفرنسية». واضاف: «يطلقون الشبهات على دور ما يطرح في المثالثة لجهة الوزراء العشرة المحسوبين على رئيس الجمهورية من انهم لا يصوتون ولا يشتركون في قرار. هذا افتراء غايته تعطيل الحل. اما المثالثة المطروحة فهي مناصفة بين المسلمين والمسيحيين»، مؤكداً «ان المعارضة تدعم المبادرة العربية لكونها تشكل المعبر السليم لحل الازمة السياسية، وتؤيد انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً توافقياً للجمهورية في اطار الشراكة الحقيقية بين جميع مكونات الوطن».

من جهته، اعتبر النائب السابق تمام سلام «ان الانتصار الذي حققته المقاومة في حرب تموز (يوليو) 2006 تم توظيفه في حسابات ضيقة في الداخل اللبناني وذلك منذ ان قيل ان هذا الانتصار هو في وجه قوى 14 آذار». وقال: «ان المقاومة في لبنان مشرفة وتاريخية ونضالية ولا شك في ان هذا النضال والاستشهاد والعطاء والالتزام والادبيات والاخلاقيات في التعامل شيء يعزنا ونفتخر به. ولكن في الوقت نفسه نحن نعتز ايضا بجميع اللبنانيين وليس فقط بفئة منهم. وعندما نعتز بكل اللبنانيين نعمل على تقريب وجهات النظر بين بعضهم البعض ولا نعمل على تباعدها. هناك مسافة ومساحة بين الاثنين، مع الاسف، تكبر لان الاستقطاب الآخذ مداه اقليميا وعربيا ينعكس عندنا في لبنان».

واضاف: «لا بد ان نسجل ان الغالبية النيابية قدمت التنازلات. اولا عن مرشح من مجموعتها الى رئاسة الجمهورية. وهذا الامر لم يكن مريحا لها. ثانيا النصف زائدا واحداً الذي طرحته. وثالثا موضوع الثلثين الضامنين مقابل تأليف الحكومة. ورابعا موضوع التعديل الدستوري. وخامسا موضوع كيفية التعديل حيث اعلنت في البداية ان هذا الامر لا يحصل الا عن طريق الحكومة». ولفت الى انه خلال الاجتماع الرباعي الاخير الذي حصل «كانت الغالبية على استعداد للافراج عن الوضع والسير بالعشرة عشرة عشرة. ولكن تبين ان الوضع ليس جديا وانه مقرون بشروط على مستوى الحقائب الوزارية وعلى مستوى المراكز في قيادة الجيش». واعتبر «ان مطالبة المعارضة بالتدخل مسبقا في موضوع تأليف الحكومة وتكليف الرئيس والحقائب امر ليس مطروحاً لان الاصول الدستورية تقضي بانتخاب الرئيس اولا ثم حصول الاستشارات النيابية الملزمة». وتساءل سلام: «ألم يكتشف بعد الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى ان انهاء الازمة ليس محصورا في لبنان؟ فلماذا لا يعمل على إنهائها من مصدرها؟ ولماذا لا تتكثف الاجتماعات في الخارج؟ ولماذا لا يجتمع وزراء الخارجية العرب مرة و مرتين وثلاثاً ليتوصلوا الى اتفاق واضح ويتم تزويد عمرو موسى بكل مستلزمات نجاح مهمته من الية وإجراءات عملية، وتبقى بعض التفاصيل الصغيرة غير المهمة؟».