بغداد: على أنقرة سحب قواتها من العراق.. وأردوغان سيرسل مبعوثا للتفاوض

بارزاني يدعو بوش للتدخل.. و«الكردستاني»: طالباني دعا الجيش التركي إلى جبال قنديل

TT

فيما اندلعت مواجهات جديدة أمس بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني المحظور، في مناطق جبلية عراقية متاخمة للحدود التركية، دعت الحكومة العراقية تركيا الى سحب قواتها من شمال البلاد «في اسرع وقت»، مؤكدة ان العملية العسكرية التركية في اقليم كردستان العراق تشكل «انتهاكا لسيادة العراق»، وجاءت هذه الدعوة بعد ساعات من انتقادات وجهها رئيس حكومة اقليم كردستان الى حكومة بغداد قائلا: «إن رد فعلها ازاء الاجتياح التركي كان هزيلا».

واعلن علي الدباغ الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية في بيان، ان «الحكومة تدعو تركيا لاحترام سيادة العراق ووحدة أراضيه، وتعتبر ان العمل العسكري الأحادي الجانب وتجاوز الحدود العراقية، هو تهديد للأمن والاستقرار في المنطقة وانتهاك للسيادة العراقية».

كما دعت الحكومة العراقية تركيا الى «سحب قواتها من الأراضي العراقية في أسرع وقت ممكن»، وطالبتها «بالدخول في حوار ثنائي مع الحكومة العراقية».

وقال الدباغ في حديث لوكالة رويترز، ان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان سيرسل مبعوثا خاصا الى بغداد الاربعاء.

وجاءت هذه التطورات بعد ساعات من تصريحات رئيس وزراء إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، التي انتقد فيها موقف الحكومة العراقية من الاجتياح التركي، وقال «للأسف موقف العديد من الدول الاجنبية كان اقوى من موقف الحكومة العراقية، وكان موضع احراج بالنسبة لنا، لانه كان موقفا هزيلاً». واكد بارزاني، في مؤتمر صحافي عقده في اربيل، على موقف حكومة اقليم كردستان في معالجة هذه الازمة بالطرق السلمية، وقال «اقترحنا الحوار بمساعدة واشنطن وانقرة وبغداد واربيل، وما زلنا عند موقفنا، ونعتقد ان هذه المشكلة لن تحل الا بالطرق السلمية». معبرا عن أمله في ان تكون العمليات التركية محدودة وسريعة. وقال رئيس حكومة كردستان ان مسعود بارزاني رئيس الاقليم، بعث رسالة عاجلة الى الرئيس الاميركي للتدخل شخصيا لانهاء هذه الازمة، ومعالجة الوضع. واضاف رئيس حكومة اقليم كردستان قائلا: «نحن ابلغنا من قبل الاميركيين بان العمليات التركية ستكون محدودة، وبتصورنا انه مع بداية العالم الحالي ستنتهي هذه المشكلة، ولكن للاسف نحن نقترب من الشهر الثالث وما زالت المشكلة مستمرة».

من جهته أكد فلاح مصطفى رئيس دائرة العلاقات الخارجية (بمثابة وزير الخارجية) في حكومة اقليم كردستان، «عدم دعم حكومة الاقليم لأي نشاط يقوم به حزب العمال الكردستاني»، وقال لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من اربيل امس، «ليست لنا اية صلة بحزب العمال الكردستاني ولا نقدم لهم أي دعم ولسنا طرفا في هذه المشكلة، ونحن ضد هذا الحزب لانه يسبب مشاكل امنية لجارتنا تركيا، وضد أية جهة اخرى تتسبب بمشاكل لأية دولة جارة لنا او غير جارة انطلاقا من اراضينا».

وشدد مصطفى على «استعداد رئيس حكومة الاقليم زيارة تركيا في أي وقت يتم الاتفاق عليه للتباحث من أجل حل هذه المشكلة التي تعاني منها تركيا والعراق، وخاصة اقليم كردستان».

من جهة ثانية، اتهم حزب العمال الكردستاني امس الرئيس العراقي جلال طالباني والولايات المتحدة الاميركية بدعم الهجوم العسكري البري، وقال زعيم الجناح العسكري في حزب العمال الكردستاني باهوز اردال ان «الولايات المتحدة لا تدعم (الاتراك) فعليا فحسب، بل تنفذ ايضا جزءا من العمليات العسكرية»، كما نقلت عنه وكالة انباء فرات نيوز، التي تعتبر لسان حال الحزب.

واضاف ان «طائرات الاستطلاع الاميركية تحلق في اجواء المنطقة وتزود الجيش التركي بشكل متواصل بمعلومات عن مواقع قواتنا، وبعدها تأتي الطائرات التركية وتقصف المنطقة». كما اتهم الزعيم الكردي مجموعات عراقية بدعم العملية العسكرية التركية ذاكرا بالاسم الرئيس العراقي الكردي جلال طالباني.

وقال اردال «برأينا، سلوك جلال طالباني في هذا الهجوم خطير للغاية. لدينا معلومات تفيد بأنه دعا الجيش التركي الى التوجه الى جبال قنديل»، سلسلة الجبال الشاهقة القريبة من ايران، والتي تؤوي مقر قيادة حزب العمال الكردستاني، الا ان فؤاد معصوم القيادي في الحزب الوطني الكردستاني الذي يتزعمه طالباني، وصف هذا الاتهام بأنه «كلام غير مسؤول وساذج»، متسائلا «كيف يمكن ان يستدعي رئيس جمهورية قوات دولة اخرى للهجوم على اراضي بلده وعلى شعبه، هذا كلام غير معقول، وهذا الكلام ينطبق على جميع القادة والمسؤولين العراقيين».

وفي تطور لاحق، دعا رئيس الجناح العسكري في حزب العمال الكردستاني الاكراد الشبان في تركيا الى القيام بأعمال عنف في المدن، ردا على العملية البرية. وقال اردال لوكالة «فرات نيوز» التي تعد ناطقة باسم حزب العمال الكردستاني «اذا ارادت (الدولة التركية) تدميرنا، على الشبان ان يجعلوا الحياة في المدن الكبرى لا تحتمل (..) على الشبان الاكراد ان يتجمعوا ازواجا ويحرقوا ليلا مئات السيارات».

من جانبها، حذرت واشنطن تركيا من انها لن تتمكن من حل المسألة الكردية عبر وسائل عسكرية فقط. وعبر وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس، الذي يزور انقره الاسبوع المقبل، عن الموافقة على مبدأ العملية البرية التي اطلقها الجيش، لكنه اعرب عن أمله في ان تكون العملية «قصيرة ومحددة وان تتجنب الخسائر في الارواح البريئة وان ينسحبوا (الجنود الاتراك) فور انجاز المهمة».

وميدانيا، اعلن الجيش التركي مقتل ثمانية جنود اتراك و33 عنصرا من حزب العمال الكردستاني، وبذلك ترتفع الى 112 قتيلا حصيلة القتلى في صفوف الحزب، منذ ان شن الجيش التركي مساء الخميس هجوما بريا واسع النطاق شمال العراق، بحسب ارقام هيئة الاركان التركية. وتابع البيان ان بين القتلى بعض قادة حزب العمال الكردستاني، مشيرا الى ان الحصيلة لا تشمل المسلحين الذين قتلوا في عمليات قصف. وقتل ما مجموعه 15 جنديا تركيا منذ الخميس. غير ان حزب العمال الكردستاني اعلن عن مقتل 47 جنديا تركيا منذ بدء الهجوم.

كما أعلن عن اسقاط مروحية تركية خلال اشتباكات مع الجنود الأتراك في منطقة جمجو التابعة لقضاء العمادية.

وأقر الجيش التركي في بيان، بسقوط المروحية، وجاء في البيان الذي نشرته هيئة الاركان على موقعها الالكتروني «دمرت احدى مروحياتنا في منطقة قريبة من الحدود لاسباب غير معروفة. ويكشف فنيون على المروحية في موقع سقوطها». وفي هذا الصدد، قال مصور صحافي لـ«الشرق الاوسط» رفض الافصاح عن اسمه انه تسلل أول من أمس الى مناطق قنديل ومكث ليلة باكملها في احد مقرات مقاتلي حزب العمال الكردستاني, وقال ان المؤن الغذائية والمستلزمات الاخرى تصل الى المقاتلين عن طريق التهريب بواسطة الدواب وعبر المسالك الجبلية الوعرة غير الخاضعة لرقابة الحكومة المحلية. واوضح المصور(24 عاما) ان المقر الاعلامي للحزب، داخل مغارة في عمق جبل شاهق وان نحو مائة كادر يعملون على اعداد التقارير الاخبارية والمنشورات والبلاغات العسكرية التي تخص العمليات العسكرية الدائرة. من ناحية ثانية قالت وزارة الخارجية الايرانية، أمس، ان ايران عززت حدودهامع العراق لمنع تسلل مقاتلي حزب العمال الكردستاني الى اراضيها.