مدعي المحكمة الجنائية الدولية يعلن استهداف مسؤولين سودانيين أعلى من الوزير هارون

نزاع دارفور يدخل عامه السادس بدون بوادر حل في الأفق.. والخرطوم تدعو لدعم حقيقي من الأسرة الدولية

TT

يدخل النزاع في دارفور غرب السودان الاسبوع الجاري عامه السادس بدون بوادر تهدئة، مع قوة لحفظ السلام معطلة وأزمة انسانية مستمرة وتجدد العنف على الارض. وبعد نحو سنة على اصداره مذكرات التوقيف الاولى لا سيما بحق وزير سوداني متهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور، يؤكد المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية ان «السلام غير ممكن من دون عمليات توقيف»، والمح الى انه يصوب الى الاعلى في مقابلة هاتفية اجرتها معه وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال المدعي العام لويس مورينو اوكامبو من الارجنتين موطن رأسه، انه ان لم يتم توقيف وزير الدولة السوداني للشؤون الانسانية احمد هارون «لن يكون هناك عدالة او سلام في دارفور». واضاف «ان توقيفه قد يؤدي الى اضطراب النظام الاجرامي.. ان هذا هو الشرط للتوصل الى حل، اي حل، في دارفور». وكان مورينو اوكامبو اعلن انه سيفتح في 2008 تحقيقين جديدين في دارفور الواقعة في غرب السودان والتي تشهد حربا اهلية منذ خمس سنوات، يتعلقان خصوصا بالجرائم المرتكبة حاليا بحق اللاجئين. وفي هذا الحديث المح الى انه سيستهدف اعلى من هارون في سلسلة المسؤولية والقيادة.

وعندما سئل حول احتمال إصدار مذكرات توقيف جديدة رد قائلا «ان الملف الثاني سيكون مختلفا. ان هارون يتلقى تعليمات ويحظى بدعم». وقد نشرت المحكمة الجنائية الدولية وهي اول محكمة دائمة مكلفة النظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية وعمليات الإبادة، ومقرها في لاهاي، في مايو (أيار) الماضي اول مذكرتي توقيف بحق هارون وعلي كشيب احد قادة ميليشيات الجنجويد العربية التي تنشر الرعب في دارفور. ويطالب قرار للامم المتحدة الخرطوم بالتعاون مع المحكمة لكن السودان رفض تسليم مواطنيه وتحدى المحكمة بتعيينه هارون في نوفمبر (تشرين الثاني) ليكون في مجموعة مراقبة القوة «المختلطة» من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي خلال انتشارها في دارفور.

وقال مورينو اوكامبو «ان المرحلة الاعنف في نزاع دارفور بدأت في 2003.. ومن المهم جدا ان ندرك ان ذلك لم ينته بعد». واضاف «ان ذلك مستمر على مرأى ومسمع المجتمع الدولي»، مشيرا الى عمليات نزوح للسكان وقصف او هجمات على مخيمات اللاجئين، وكلها عمليات «لعب فيها هارون دورا رئيسيا» على حد قوله.

واكد المدعي العام مجددا «اعتقد ان على مجلس الامن الدولي ان يفعل المزيد لتنفيذ مذكرتي التوقيف». وفي ديسمبر (كانون الاول) قام المدعي العام بمرافعة ضد الخرطوم و«ناشد» مجلس الامن الدولي التحرك. وكرر «ان المهم هنا هو بكل بساطة بقاء 5.2 مليون شخص على قيد الحياة»، مضيفا «بصفتي المدعي العام اقوم كل ما بوسعي. فمسؤوليتي هي تجاه الضحايا».

وقال مورينو اوكامبو ايضا «ان تنفيذ هاتين المذكرتين هو بمثابة اختبار للمجتمع الدولي» بدون ان يرد على اسئلة حول احتمال ضعف الدعم من هذا العضو او ذاك في مجلس الامن الدولي. واكد تكرار لقاءاته مع دول المنطقة، أكانت اعضاء في المحكمة الجنائية الدولية ام لا، ومنظماتها مثل جامعة الدول العربية. وراى انه «من المهم ان نظهر اننا غير ملتزمين في اي نزاع بين الغرب والعالم العربي». اما في ما يتعلق بهارون فقال «بالنسبة لي كمدع عام اعلم ان مصيره هو امام محكمة».

ويدخل نزاع دارفور بعد غد عامه السادس بدون بوادر تهدئة، اذ يؤرخ في 26 فبراير(شباط) 2003 اطلاق الشرارة الاولى، حيث قامت مجموعة من المتمردين بهجوم على حامية للجيش في شمال دارفور مما ادى الى عمليات رد حكومية.

وذكرت منظمات دولية ان مائتي الف شخص قضوا بسبب هذا النزاع ومضاعفاته، ونزح اكثر من 2.2 مليون شخص وهي ارقام تعترض عليها الخرطوم التي لا تتحدث في المقابل سوى عن تسعة الاف قتيل.

وتتولى الامم المتحدة وكذلك منظمات اخرى فضلا عن منظمات غير حكومية ادارة شؤون دارفور الذي يضم ستة ملايين نسمة، في اكبر عملية انسانية في العالم تقدر ميزانيتها بـ849 مليون دولار (حوالى 570 مليون يورو) للعام 2008. وتتطلب عملية حفظ السلام الاولى المشتركة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي من جهتها ميزانية تقدر بـ2.1 مليار دولار (808 ملايين يورو).

وهذه العملية التي تعتبر الاكبر تراوح مكانها منذ اطلاقها في 31 ديسمبر (كانون الاول) الماضي اذ انها ما زالت تفتقر لثلثي عديدها المفترض ان يبلغ عند اكتمالها 26 الف عنصر. كما ينقصها المروحيات الضرورية لتنقلاتها عبر اراضي الاقليم الذي تضاهي مساحته مساحة فرنسا.

من جهة اخرى طالبت الحكومة السودانية المجتمع الدولي بتقديم الدعم الحقيقى لتوفير الاحتياجات اللازمة للعملية الهجين بدارفور، معتبرة ان التباطؤ فى هذا الاتجاه دليل على افشال العملية لأغراض ليست لها صلة بالأمن فى دارفور وإنها محاولة لإنفاذ اجندة خاصة اخرى.

وقال وكيل وزارة الخارجية د.مطرف صديق امس ان الحكومة اوفت بالجوانب التي تليها كافة بنسبة بلغت (100%) مشددا على ضرورة اعطاء القيادة المشتركة فى الامم المتحدة والاتحاد الافريقي الامكانات المادية للقيام بدورها المطلوب لاستكمال عملية نشر القوة. وقال ان الولايات المتحدة قدمت دعما فنيا تمثل في نقلها القوات النيجرية والراوندية بسلاحها الجوي، وزاد بعدم رفضهم لاي دعم فني ولوجيستي من اي دولة، كاشفا ان الاردن ابدى رغبة في تقديم طائرات الهليكوبتر.