موسى: المبادرة العربية نحن حماتها والأزمة اللبنانية ليست مستحيلة.. لكن لدينا قضايا أخرى

غادر بيروت من دون تحديد موعد اجتماع جديد وأكد أن المشكلة في التوزيع الحكومي

موسى مع ممثلي الموالاة النائب سعد الحريري والشيخ أمين الجميل وممثل المعارضة النائب ميشال عون في البرلمان أمس (أ.ف.ب)
TT

انهى امس امين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى جولة جديدة من المناقشات بين فريقي الاكثرية والمعارضة في لبنان. وغادر بيروت مساء بعدما التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، معلناً انه مستمر في تواصله مع القيادات اللبنانية وانه سيجري اتصالات بشأن لبنان مع عدد من العواصم العربية. وقال، في مؤتمر صحافي عقده في مقر مجلس النواب في ختام اجتماعين ماراتونيين استغرقا نحو ثماني ساعات برعاية ومشاركة ممثلي الاكثرية، النائب سعد الحريري والرئيس الاسبق امين الجميل، وممثل المعارضة النائب ميشال عون، انه آن الاوان لانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، مشيراً الى ان التفاهم تم بين الفريقين على هذه النقطة وعلى موضوع قانون جديد للانتخاب على اساس القضاء. وبقي موضوع الخلاف على تشكيل حكومة من 30 وزيراً و«تقسيماتها الحسابية» مشيراً الى انه تمت مناقشة ضمانات تتعلق بمواضيع الخلاف بين الجانبين.

وبدت لهجة موسى حازمة في رده على اسئلة الصحافيين وقوله «ان المبادرة العربية نحن حماتها»، مضيفاً «ان الامل ما زال موجوداً. والمهم ألا يكون هناك توتر او تصعيد». وأشار الى ان فرقاء اللقاء الرباعي اتفقوا على «الاجتماع مرة اخرى لكنهم لم يحددوا موعداً كما في السابق»، عازياً الامر الى انشغاله بأمور اخرى ولاسيما القمة العربية.

وقال ان «تواصل المعارضة والأكثرية يجعلني اعتقد ان الوقت حان وأن الموقف ليس موقف مقاطعة بل موقف نقاش (...) وان الكثير من الامور توضحت وتبين ان الامر يتطلب وقتاً اطول. وكنت اود ان انتهي بمشروع اتفاق شامل». واوضح ان الازمة اللبنانية «ليست مستحيلة انما تستوجب مزيداً من الوقت والتشاور» وان الاجتماعين اللذين عقدا امس واول من امس «حققا تقدماً وتوافقاً في بعض النقاط وبقيت نقاط اخرى عالقة».

وكان الاجتماع الثالث للقاء الرباعي استمر في مقر البرلمان من الثامنة مساء الاحد حتى منتصف ليل الاحد ـ الاثنين. وعند الواحدة والنصف من بعد ظهر امس عقد الاجتماع الرابع. وبعد التقاط الصورة التقليدية حول الطاولة المستديرة التي ضمت الاقطاب، انضم المساعدون الى الاجتماع. فإلى جانب عون حضر النائب نبيل نقولا ومسؤول العلاقات السياسية في «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، والى جانب الحريري مستشاره الاعلامي هاني حمود، والى جانب الرئيس الجميل المحامي ساسين ساسين، فضلا عن مساعدي موسى، السفير هشام يوسف والسفير عبد الرحمن الصلح وطلال الامين.

وسبق جلسة اللقاء الرباعي الرابعة غداء عمل قبل بدء البحث الذي اتخذ الطابع الجدي بين المتحاورين ودخل للمرة الاولى في التفاصيل من دون الحديث عن التوصل الى اختراق ما. وظلت الانطباعات متأرجحة بين التفاؤل والتشاؤم. كما تردد ان هناك محاولات لاحداث خرق ايجابي في جدار الازمة اللبنانية وان البحث تمحور على نسب توزيع التمثيل الحكومي. وانتهى الاجتماع قرابة الرابعة الا ربعاً. وكان اول المغادرين العماد عون من الباب الخلفي للمجلس قبل ان يتبعه الآخرون.

ولاحقاً تحدث موسى الى الاعلاميين فقال: انتهينا منذ دقائق من اجتماعنا الثاني، اجتماع الغالبية والمعارضة، ولاحظتم انه منذ الامس لغاية اليوم أكثر من 8 ساعات من الجلوس سويا، الامر الذي يؤشر الى ان كل النقاط المطروحة في الموقف اللبناني والكثير من تفاصيلها كانت موضوعة على الطاولة. والنقاش جرى في ثلاثة أمور. وفعلا نستطيع القول انه بين العدد الكبير من النقاط التي تشكل المشكلة اللبنانية، عدد منها كان عليه توافق او وصلنا فيه الى توافق. وثمة نقاط أخرى قد تكون أساسية مثل العدد في تشكيل الحكومة الذي لا يزال موضع نقاش. والمكسب الذي نستطيع القول ان الطرفين خرجا به هو التواصل في ما بينهما والكثير من الامور توضحت. وكنت اودّ ان أنتهي بورقة شاملة أو بمشروع اتفاق شامل انما اتضح ان الامر يتطلب وقتا أطول. ومع ذلك التواصل بين الغالبية والمعارضة ومناقشتهم للامور الرئيسية للموقف اللبناني تجعلني أعتقد ان الوقت حان لانتخاب رئيس للجمهورية لان الموقف ليس موقف مقاطعة بين الاطراف الرئيسية انما موقف نقاش وتواصل ومحاولة الوصول الى حلول مع وجود الخلافات. وآن الاوان كي يكون للبنان العنوان الرئيس وهو انتخاب رئيس للجمهورية. وأرجو ان يتحقق هذا الامر. وسيكون لي بعض الاتصالات الآن مع عدد من القادة اللبنانيين، اضافة الى ما جرى اليوم (امس) وأمس (الاول). سأتصل بالرئيس نبيه بري الذي استضافنا امس واليوم والتقيت به ايضا صباحا. هذه هي الخلاصة. وسأغادر اليوم (امس) ان شاء الله لأنني انهيت هذه المرحلة او هذا الفصل في العمل في اطار المبادرة العربية واطار الاهتمام العربي بلبنان. وهذا يعني اننا يجب ان نتواصل، انما المسألة ليست مستحيلة لانقاذ الموقف في لبنان».

وفي معرض رده على اسئلة الصحافيين سئل موسى اذا كان سيكون هناك رئيس قبل القمة العربية فأجاب: «ارجو هذا». وسئل: «اين حصل تقدم؟» فأجاب: «اردت ان ألتقي بكم من اجل الناس في لبنان ليعرفوا اين اصبحنا. المسألة ليست في ان نعقد مؤتمرا صحافيا كل نصف ساعة. انما الآن من حق الناس في لبنان ان يفهموا اين نحن. لذلك جئت اتكلم مع اللبنانيين عبركم. نحن الان في اطار المبادرة في الكلام عن رئاسة الجمهورية، التوافق حول رئيس الجمهورية هذا امر ثابت. وتأكد ان ذلك من خلال الدستور ومباشرة. ويجب الاسراع به بقدر ما نستطيع. هذا الجزء من المبادرة مقطوع به وليس من تغيير بالنسبة اليه. والنقطة الثانية الخاصة بحكومة الوحدة الوطنية من ثلاثين عضوا. هنا توجد نقطة خاصة حول موقف المعارضة ورغباتها وموقف الاكثرية ورغباتها وكيف نجمع بين هذا وذاك. هذه النقطة يجب ان نجتمع بشأنها مرة اخرى». واضاف: «بالنسبة الى قانون الانتخاب هناك توافق على أساس القضاء وبناء على قانون 1960. هناك أرضية للتوافق. وتبقى هذه النقطة التي تكلمنا فيها في عدد من المعادلات الحسابية والضمانات، هناك ضمانات قبلت انما الاساس نفسه لم نصل اليه».

وسأل احد الاعلاميين موسى: «يبدو ان فريق السلطة التزم الموقف الاميركي الذي يدعو الى انتخاب الرئيس اولاً وإبقاء بعض البنود الى مرحلة لاحقة»، فرد بلهجة حازمة: «اترك الموقف الاميركي وغيره. نحن نتكلم هنا عن زعماء لبنان، سواء من الغالبية او المعارضة. ولا اريد ان ادخل في موضوع مَن وراء مَن، لأن الكلام كثير بهذا الموضوع. ويبدو انكم تستمتعون بذلك. وأنا لست في وارد لا تخوين او اتهام لأن هذا مرض. وما نريده هو انقاذ لبنان الذي هو الغالبية والمعارضة».

وتابع: «المبادرة العربية نحن نحميها. ولا تقل ان هناك قوة معينة تدعى كذا وكذا. وهذه المبادرة نحن حماتها وقد ناقشناها مع زعماء لبنانيين، سواء مع الغالبية او المعارضة. وكانوا موضوعيين في شرح مواقفهم وما يريدونه. ولا توجد دولة تقسيم او دولة ص ولا دولة ج». وشدد على ان « من المصلحة انتخاب رئيس في لبنان حتى تسهل الامور ولكن في كل الاحوال لبنان عضو في الجامعة العربية».

وردا على سؤال، افاد: «لم نتفق على موعد محدد كما فعلنا المرة السابقة، انما اتفقنا على ضرورة الاجتماع مرة اخرى. ونحن لدينا امور اخرى علينا ان نهتم بها في اطار العالم العربي». وعن نعي المبادرة العربية قال: «اتفقنا على اللقاء مرة اخرى». وأضاف: «نرجو الا يتجه الامر في لبنان الى التصعيد بل الى التهدئة وان يبنى على الحوار واللقاء الرباعي الذي جرى، ما يمكن ان يطمئن اللبنانيين حتى لو لم نصل الى حلول محددة لمشكلات محددة. انما الامل لا يزال موجودا وليس مقطوعا المهم الا يحصل تصعيد او اضطراب او خلق مزيد من الصعوبات للبنانيين».

وسئل عن سبب مطالبة المعارضة بالثلث الضامن، فأجاب: «الثلث للحكومة المقبلة الجميع موافق عليه. والاضافة الى هذا وامكانات الضمان او التعطيل هو الذي اخذ وقتا. المعارضة يمكنها المشاركة ولها عشرة وزراء. وكيف نقسم العشرين الآخرين هو القضية».

وسئل عن التوافق العربي ـ العربي وأين دور الجامعة العربية، فقال: «دور الجامعة ينطلق من رغبتنا ومسؤوليتنا في تقليص لا بل التخلص من الخلافات القائمة. التحرك على الساحة اللبنانية والتعامل مع ازمتها واحداث تقدم فيها يؤدي الى الكثير من الايجابيات خصوصا في هذا الاطار».

وسئل عن اجواء الاجتماع، فأجاب: «جيد جدا وطويل جدا. ونجحنا في التعاطي مع بعض النقاط على بعض المواضيع في الازمة. لكن هناك المزيد من النقاط التي تتطلب نقاشا. هناك ضمانات تمت مناقشتها. سأكمل الاتصالات مع زعماء لبنان. وسأغادر الليلة ان شاء الله، وسأستمر في التعامل مع المسألة اللبنانية بالاتصال مع بعض العواصم العربية الاخرى». وعما اذا كان سيعود لاحقاً، افاد: « لم أقرر لانني مشغول بأجندة طويلة لناحية الاعداد للقمة. ولبنان سيمثل في القمة ان شاء الله».

وكان موسى زار قبل الاجتماع الرباعي مقر الرئاسة الثانية والتقى الرئيس بري على مدى ساعة واطلعه على نتائج اجتماع امس الاول وما سيصار الى استكماله في الاجتماع الثاني. كذك التقى نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب ميشال المر لمدة ساعة في فندق فينيسيا وتبادلا الافكار والسبل الرامية الى حلحلة بعض العقبات من امام المبادرة العربية. وعلم ان المجتمعين استكملوا في جلسة امس النقاش الذي كانوا باشروه امس الاول وان موسى زار الرئيس بري قبل الاجتماع للاستعانة به في محاولة «لتدوير الزوايا» في المواضيع المطروحة وايجاد بعض الحلول التي من شأنها ان تشكل بداية والانتقال منها للنقاط الاخرى، خصوصاً بعدما امكن في الاجتماع الليلي تجزئة المشكلات والخلافات ليتم تناول كل منها على حدة في محاولة لتسجيل تقدم ما اقله، في الملف الرئاسي يسمح بانتخاب رئيس للجمهورية ليشارك في القمة العربية. وعلم ايضاً ان جهوداً محلية وعربية تواكب حركة المجتمعين ارتكازاً الى ان النجاح بانتخاب رئيس للبلاد من شأنه ان ينعكس ايجاباً على القمة العربية نفسها ويؤدي الى حلحلة الكثير من الخلافات الراهنة بدل تأجيجها.

وفي سياق متصل، اجرى الرئيس امين الجميل اتصالاً برئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، وناقشا النتائج التي آل اليها اللقاء الرباعي امس الاول والتحضيرات الجارية لمرحلته الثانية. وكان الجميل عقد صباح امس اجتماعاً لفريق عمله.