بغداد تجدد دعوتها لسحب القوات التركية من العراق.. وأنقرة: إننا ندافع عن أنفسنا

تساقط الثلوج يحول دون تقدم القوات التركية.. وأربيل توجه انتقادات لاذعة لحكومة المالكي

جنود أتراك يعبرون جسرا خلال دورية بالقرب من الحدود العراقية التركية أمس (رويترز)
TT

اندلعت أمس معارك شرسة بين القوات التركية ومقاتلي حزب العمال الكردستاني التركي المحظور، وأعلن الجيش التركي عن مقتل اثنين من افراده. ودان العراق أمس بأشد لهجة حتى الآن التوغل التركي في شمال العراق فيما أكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ان تركيا استخدمت «حقها المشروع في الدفاع عن النفس» ضد المقاتلين الاكراد.

وقالت مصادر محلية إن القوات التركية لا تزال تتواجه في معارك كثيفة مع المسلحين الاكراد الاتراك المتحصنين في شمال العراق مع اقترابها من احد المعسكرات الرئيسة للانفصاليين.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن عضو في البيشمركة (القوات الكردية المسلحة في شمال العراق) ان معارك كثيفة تتواصل من دون توقف منذ مساء الاحد في محيط معسكر زاب الذي تحاول القوات التركية المدعومة بقصف مدفعي وتغطية جوية السيطرة عليه.

والمعسكر الواقع في واد عميق على بعد ستة كيلومترات من الحدود التركية، هو احدى نقاط العبور الرئيسة التي يستخدمها مقاتلو حزب العمال الكردستاني للتسلل الى داخل تركيا لشن عمليات. واستمرت المواجهات ايضا منذ مساء اول من أمس في منطقة هاكورك الجبلية شرقا، حيث انزل الجيش التركي قوات بواسطة مروحية فيما كانت مروحيات هجومية تقصف مواقع لحزب العمال الكردستاني بحسب هذه المصادر.

وقد سبقت الهجوم عمليات قصف لمعسكر هاكورك احد المعاقل الرئيسة لحزب العمال الكردستاني بالقرب من الحدود الايرانية وعلى بعد نحو عشرين كيلومترا من الحدود التركية.

ومن جهتها، قالت هيئة الاركان العامة للجيش التركي ان جنديين تركيين آخرين قتلا خلال الحملة البرية، وبذلك يصل العدد الاجمالي للقتلى في صفوف القوات التركية الى 19.

وقالت هيئة الاركان في بيان نشرته في موقعها على الانترنت، ان تساقط الثلوج الكثيفة يعوق تقدم قواتها نحو معسكرات حزب العمال الكردستاني في المنطقة الجبلية. وتقول هيئة الاركان العامة التركية ان اجمالي قتلى الهجوم في صفوف حزب العمال الكردستاني ارتفع الى 153 قتيلا وان 17 من جنودها قتلوا. ولم يتسن التأكد من مزاعم حزب العمال الكردستاني بأن 81 جنديا تركيا قتلوا.

الى ذلك، دانت الحكومة العراقية التوغل التركي. ونقل علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة العراقية عن بيان صادر عن الحكومة، قوله «مجلس الوزراء يعبر عن رفضه وإدانته للتدخل العسكري التركي والذي يعتبر انتهاكا للسيادة العراقية».

وأفاد البيان بأن «مجلس وزراء العراق في جلسته اليوم (أمس) درس الوضع على الحدود العراقية التركية نتيجة اجتياز قوات تركية للحدود المشتركة». وأضاف ان «مجلس الوزراء عبر عن رفضه وإدانته للتدخل العسكري التركي والذي يعتبر انتهاكا للسيادة العراقية، وطالب بعدم استهداف البنى التحتية والمدنيين، ودعا تركيا لسحب قواتها فورا والكف عن التدخلات العسكرية». وشدد البيان على ان «العمل الأحادي العسكري أمر غير مقبول ويهدد العلاقات الطيبة بين البلدين الجارين». وأشار الى ان «مجلس الوزراء يؤكد على الرغبة الصادقة والأكيدة في التعاون المشترك مع تركيا واحترام الاتفاقات والتعهدات المشتركة واستعداد العراق للعمل من خلال اللجنة الثلاثية او اي حوار ثنائي لوقف هذا التهديد المشترك والذي تمثله منظمة حزب العمال الكردستاني». وتابع ان «مجلس الوزراء يتفهم المصالح المشروعة لتركيا ولن يسمح باستخدام الاراضي العراقية مقرا او ممرا او منطلقا لعمليات تهدد الامن والاستقرار».

وقال الدباغ في وقت لاحق «إن المبعوث التركي سيصل الى العراق اليوم وانه سيقابل الرئيس العراقي جلال طالباني ونائب رئيس الوزراء برهم صالح ووزير الخارجية هوشيار زيباري».

من جهته، اكد اردوغان ان لتركيا «حقها المشروع في الدفاع عن النفس» ضد المتمردين الاكراد.

وقال اردوغان في كلمة امام المجموعة البرلمانية لحزبه نقلتها شبكات التلفزيون، ان «العملية التي تشنها تركيا وراء الحدود هي نتيجة حقها المشروع في الدفاع عن النفس». وأضاف ان «تركيا تخوض معركة عادلة ضد منظمة ارهابية تهدد السلام والاستقرار الاقليميين .. لتركيا الحق في الدفاع عن نفسها والقضاء على الذين يريدون المساس بسلام ووحدة وتضامن مواطنيها».

وأشار اردوغان الى ان وجود حزب العمال الكردستاني يشكل ايضا تهديدا لبغداد، وأعطى ضمانات جديدة بعدم وجود اي اهداف للعملية العسكرية غير محاربة المقاتلين. وقال ان «المنظمة الارهابية عنصر زعزعة استقرار سياسي للعراق كما هو تهديد لنا». وأضاف «هذه العملية ليست ضد شمال العراق وانما فقط التنظيم الارهابي.. لقد دعمت تركيا دوما سلامة ووحدة الاراضي وسيادة العراق ووحدته السياسية».

ومن جهته، دعا جميل جيجك نائب أردوغان، العراقيين إلى التحلي بالصبر وإظهار «التفهم» بشأن العملية العسكرية. وقال جيجك في تصريحات لقناة «العراقية» الحكومية التلفزيونية «مما لاشك فيه، اننا أظهرنا صبرنا طويلا حتى لا نتسبب في أي مشاكل، وأن العديد من الناس فقدوا حياتهم» نتيجة عمليات الانفصاليين الأكراد، مشيرا إلى أن تركيا قررت في نهاية المطاف «القيام بهذه العملية ولهذا السبب نرجوا من اخوتنا العراقيين أن يظهروا الصبر والتفهم».

وفي تطور لاحق، وجه كمال كركوكي نائب رئيس البرلمان في اقليم كردستان، انتقادات حادة للحكومة العراقية على موقفها من العمليات العسكرية التركية. وقال ان الحكومة العراقية «متقاعسة» حيال تلك العمليات. وأضاف في كلمة أمام البرلمان ان «الاجتياح التركي انتهاك صارخ للسيادة العراقية من قبل دولة جارة وكان ينبغي للسلطات المركزية في بغداد ان تقوم بواجباتها وتعلن بوضوح عن مواقفها حيال ما يجري الآن وان تدين بجلاء الاعتداءات التركية على اقليم كردستان وتكثف من نشاطاتها السياسية والدبلوماسية لحماية الاقليم وسكانه».

من جانبها، طالبت لجنة شؤون قوات البيشمركة في البرلمان حكومة اقليم كردستان بإغلاق القواعد العسكرية للقوات التركية الموجودة في منطقة بامرني وغيرها من المناطق التابعة لمحافظة دهوك. فيما طالب البرلمان الولايات المتحدة بـ«النهوض» بمهامها حيال ما يجري كونها المسؤولة الاولى عن حماية العراق، كما دعا الحكومة العراقية الى الغاء جميع اتفاقاتها العلنية والسرية مع تركيا.