أنقرة ترفض تحديد موعد لانسحاب قواتها من العراق وبغداد تحذر من نتائج وخيمة

مسؤولو إقليم كردستان لم يلتقوا بالمبعوث التركي وينفون معالجة المصابين من حزب العمال

أكراد يتظاهرون ضد التوغل التركي في الأراضي العراقية وسط أربيل أمس (أ ب)
TT

رفضت تركيا أمس تحديد موعد لانهاء عملياتها العسكرية في العراق، مؤكدة ان العمليات ستستمر حتى «يتم القضاء على كل وجود المنظمة الارهابية»، في اشارة الى حزب العمال الكردستاني (بي كي كي). وجاءت هذه التصريحات على لسان مبعوث تركي رفيع المستوى، اجرى مباحثات مع مسؤولين عراقيين في بغداد أمس، في حين دعت الولايات المتحدة الى نهاية سريعة للتوغل التركي في شمال العراق.

واعلن احمد دولت اوغلو المبعوث الخاص التركي الى العراق كبير مستشاري رئيس الوزراء التركي في السياسة الخارجية أمس، ان انقرة لم تحدد اي جدول زمني لسحب قواتها من شمال العراق، حتى يتم التخلص من متمردي حزب العمال الكردستاني. وقال احمد دولت اوغلو في مؤتمر صحافي في العاصمة العراقية مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري: «لم يتم تحديد اي جدول زمني لسحب القوات (التركية) من شمال العراق، ما لم يتم القضاء على كل وجود للمنظمة الارهابية». واضاف: «هذا الوجود لا يمكن ان تتحمله الحكومة التركية ولا الحكومة العراقية ولا المجتمع الدولي».

وبدوره، قال زيباري: «نحن ندين الارهاب وحزب العمال الكردستاني (...) وفي الوقت نفسه نحن ندين اي خرق للسيادة العراقية، وهنا يجب ان نكون واضحين في هذا الشأن». وافادت قناة «العراقية» الحكومية بأن المبعوث يحمل رسالة من رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الى الرئيس العراقي جلال طالباني.

وقد عبر الالاف من الجنود الاتراك الحدود يوم الخميس الماضي للقضاء على مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذين يستخدمون منطقة شمال العراق الجبلية قاعدة في حربهم منذ تسعينات القرن الماضي من أجل تحقيق حكم ذاتي في جنوب شرق تركيا الذي تقطنه أغلبية كردية.

ومن جهته، قال نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح ان استمرار التوغل التركي في العراق طويلا سيؤدي الى عواقب «وخيمة» على المنطقة. ورداً على سؤال حول تداعيات استمرار الهجوم التركي، قال صالح لرويترز على هامش مؤتمر اقتصادي في العاصمة العراقية، ان العواقب ستكون وخيمة وان هناك موقفا خطيرا للغاية. وأضاف أن التوغل لا يفيد العلاقات التركية العراقية وان الحكومة العراقية تريد ان توقف تركيا الهجوم.

وابلغ مسؤول في حكومة اقليم كردستان «الشرق الاوسط» ان «حكومة الاقليم لم تشارك في المباحثات التي يجريها المبعوث التركي في بغداد»، مشيرا الى انمهمة المبعوث هي التباحث مع الرئيس العراقي جلال طالباني حول زيارته المرتقبة الى تركيا. وقال فلاح مصطفى رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حكومة اقليم كردستان العراق لـ«الشرق الاوسط» عبر الهاتف من مكتبه في اربيل امس: «حسب علمنا انه لم يشارك أي وفد او شخصية من حكومة الاقليم في المباحثات التي جرت في بغداد بين المبعوث التركي والمسؤولين هناك». وأضاف مصطفى: «مهمة هذا المبعوث هو البحث مع الرئيس جلال طالباني تفاصيل زيارته (طالباني) الى تركيا، وخلال ذلك سيتم بحث آخر تطورات الاوضاع العسكرية في شمال العراق».

واكد مصطفى ان «المسؤولين الاكراد في الحكومة الاتحادية (ويقصد الرئيس طالباني ونائب رئيس الحكومة برهم صالح ووزير الخارجية هوشيار زيباري) يتصرفون كمسؤولين عراقيين وليس كسياسيين اكراد، لهذا نعتبر انه ليس هناك مسؤول كردي من اقليم كردستان شارك في مباحثات العراق وتركيا». ومن جانبه، قال وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس امس ان على تركيا ان تقصر مدة عملياتها العسكرية لمكافحة المتمردين الاكراد في العراق على بضعة أيام خلال اسبوع أو اسبوعين، وألا تمتد الى اشهر. وصرح غيتس، الذي كان من المقرر ان يلتقي بمسؤولين اتراك في انقرة مساء أمس، بأن «من المهم جدا ان يقصر الاتراك مدة هذه العملية قدر الامكان، ثم يرحلوا وان يأخذوا في الحسبان سيادة العراق». واضاف: «اني أقيس السرعة بأيام او اسبوع او اسبوعين أو شيء من هذا القبيل لا أشهر»، مشيرا الى ان «النشاط العسكري وحده لن يحل هذه المشكلة الارهابية التي تواجه تركيا». وحسبما اعلنت هيئة اركان الجيش التركي امس في بيان نشر على موقعها الالكتروني، ان خمسة جنود اتراك قتلوا خلال المعارك مع مسلحي حزب العمال الكردستاني، الذين قتل منهم 77 متمردا كردياً. وتحدثت هيئة الاركان عن معارك هي الاعنف منذ بداية العمليات العسكرية، لافتة الى مقتل ثلاثة عناصر في ميليشيات كردية تابعة للجيش التركي في المواجهات.

وبذلك، يرتفع الى 230 عدد متمردي حزب العمال الكردستاني الذين قضوا منذ بداية الهجوم التركي مساء الخميس الماضي، والى 27 عدد الجنود الاتراك بمن فيهم عناصر الميليشيات. ومن جهة اخرى، نفت حكومة اقليم كردستان العراق امس وجود اي جريح من عناصر حزب العمال الكردستاني المحظور في مستشفيات الاقليم. وقال مجلس الوزراء في بيان حصلت «الشرق الاوسط» على نسخة منه: «نشر موقع رئاسة اركان الجيش التركي ان جرحى حزب العمال الكردستاني التركي يتلقون العلاج في مستشفيات اقليم كردستان العراق». واضاف: «نحن نرد بشدة على هذه الافتراءات ونعتبرها انباء عارية من الصحة ونؤكد ان اي جريح من حزب العمال الكردستاني لم يصل الى مستشفيات كردستان من اجل تلقي العلاج». وتابع البيان: «نحن في حكومة اقليم كردستان العراق ملتزمون بالاجراءات المعلنة سابقا ضد عناصر حزب العمال الكردستاني».