قيادات لبنانية تتخوف من «توترات متنقلة» تسبق قمة دمشق

مصادر معارضة تتحدث عن زيارة محتملة للمعلم إلى الرياض

TT

انشغلت القيادات السياسية اللبنانية في السعي الى منع انتقال التوتر السياسي الى الشارع في ظل اتفاق غير معلن بين الموالاة والمعارضة على هذا التوجه. فيما واصل الطرفان تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن «افشال» المبادرة العربية وعرقلة مهمة الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى.

وتحدثت اوساط نيابية معارضة عن «محاولات جديدة لاستنباط طرق لحل الخلاف السوري ـ السعودي» معتبرة ان هناك «بوادر حلحلة تسابق الانفجار الكبير في حال تمادي الخلاف العربي ـ العربي عشية القمة العربية نهاية الشهر المقبل في سورية». ولفتت الى ان هذه المساعي «قد تتوج» بزيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى المملكة العربية السعودية لتوجيه الدعوة الى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لحضور القمة.

لكن هذه الاوساط تخوفت من ان يشهد لبنان من الآن وحتى موعد القمة العربية هزات وتوترات متنقلة، لن تصل الى حد الحرب الاهلية التي شهدها لبنان عام 1975 لأن القيادات اللبنانية ومن مختلف اتجاهاتها ترفض العودة الى هذا المشهد واتفقت في ما بينها بطريقة غير مباشرة على ادارة الخلاف وضبطه قدر الامكان». وكشفت عن «مساع جديدة تقوم بها اكثر من دولة عربية لإعادة تعويم المبادرة العربية لحل الازمة اللبنانية».

وقال رئيس الرابطة المارونية جوزيف طربيه عقب زيارته البطريرك الماروني نصر الله صفير امس: «كان لنا اجتماع مطول مع صاحب الغبطة توقفنا فيه بأسى امام تغييب رئيس الجمهورية عن الحياة السياسية في لبنان. ونعتبر، بكركي ونحن، ان هناك تغييباً للمشاركة المسيحية في موضوع انتخاب الرئيس». ورأى ان «تغييب انتخاب الرئيس بصلاحيات محدودة او مجردة خلافاً لنصوص الدستور، هو تغييب لدور الرئيس وللمشاركة المطلوبة في وطن توافقنا جميعاً على ان نكون مشاركين فعلاً في ادارته والتوجه به نحو التقدم والازدهار». ولفت الى ان «ما يحصل اليوم من ربط انتخابات الرئاسة بشروط وشروط مضادة يجعلنا نتوقف امام هذا الموضوع بكثير من الريبة والكثير من الشك».

وحذر الرئيس السابق امين الجميل من «انعكاس السجال السياسي على وضع البلد من الناحية الاقتصادية والاجتماعية» معتبراً ان «هناك من يؤجل الحلول السياسية ولاسيما انتخاب رئيس الجمهورية حتى 2009». وقال: «لا نعرف ماذا سيبقى من البلد على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي حتى ذلك التاريخ... وماذا ينفعنا الوصول الى حلول سياسية وانتخاب الرئيس بعد خراب البصرة، وبعد افلاس مجموعة من المؤسسات وهجرة الناس. نحن نبذل كل ما في وسعنا لوضع ضوابط للأزمة السياسية والاجتماعية لنحافظ على مستقبل لبنان».

وأشار إلى ان الاجتماع الرباعي بحث في «كيفية لجم الشارع وعدم الانفلات في ظل هذه الازمة السياسية» قائلاً: «هذا هو الجانب الايجابي في هذا الاجتماع. استوعبنا ضرورة ضبط الوضع الامني ومنع اي شيء من شأنه اثارة الحساسيات والمزيد من التشنجات والمشاكل على الارض. وحاولنا ايجاد ضوابط ذاتية. ولكن طالما لم نجد الحلول السياسية يبقى الخطر الامني قائماً على الأرض» مشيراً الى «شعور بالمسؤولية من قبل الجميع بأنه من الخطر في الوقت الحاضر زيادة التشنجات على الارض».

وتحدثت وزيرة الشؤون الاجتماعية نايلة معوض عن «خطوات ستتخذها الاكثرية بعد القمة العربية». وقالت: «من الصعب القول ان المبادرة العربية انتهت. ولكن من المؤكد اننا وصلنا الى حائط مسدود. ويتبين بوضوح ان النظام السوري يعمل جاهداً، عبر حلفائه في لبنان، لنسف المبادرة العربية وكل يوم بحجة جديدة. في اي حال، اختلفت الحجج لكن الثابت هو نسف هذه المبادرة لمحاولة منع قيام الدولة في لبنان وضرب المؤسسات لنبقى ويبقى لبنان ساحة بتصرف النظامين السوري والإيراني وبتصرف دولة حزب الله وحروبه المفتوحة». وذكرت ان «اكثر من دولة عربية اكدت انه في حال عدم ايجاد حل في لبنان، عدم المشاركة او الحضور» في قمة دمشق.

من جهته، اكد وزير السياحة جو سركيس ان الحكومة مستمرة في تحمل مسؤولياتها حتى انتخاب رئيس الجمهورية وتسليم الامانة». وقال: «ان اهتمامنا الاول سواء في الحكومة أو على الصعيد السياسي، هو انتخاب رئيس للجمهورية. ولكن يتبين أكثر فأكثر ان فريق المعارضة لا يريد انتخاب رئيس للجمهورية، وعلى العكس في كل مرة يتم ابتكار بعض المواضيع التي ليس لها أي علاقة بموضوع انتخاب الرئيس، ومنها ما يتكلمون عنه من انتخابات نيابية وقانونها. ونسوا اننا لسنا في صدد انتخاب مجلس نواب. نحن اليوم في صدد انتخاب رئيس للجمهورية. يتكلمون ويدافعون وينقلون أجواء من لجنة الحوار وكأن هناك رئيس جمهورية وكأن هناك حكومة جديدة، في حين ان هذا الامر لم يتم».

وأكد النائب انطوان اندراوس (عضو كتلة النائب وليد جنبلاط) ان المبادرة العربية «ما زالت قائمة»، معتبراً «ان طروحات النائب ميشال عون انما هي تعطيلية. واقتراحاته تصب في سياق المطلب السوري اي الثلث المعطل، بحيث انه من غير المعقول والمنطقي طرح الثلاث عشرات (في الحكومة) اذ عندها يؤخذ من حصة رئيس الجمهورية. وحينها لا يعود هناك لا قرار ولا تصويت وتصبح الحكومة مناصفة».

في المقابل، شدد وزير الزراعة المستقيل طلال الساحلي، القريب من رئيس مجلس النواب نبيه بري، على ان «لا بديل عن المبادرة العربية» داعيا الموالاة الى «تليين موقفها وإيجاد وسيلة للتوافق مع المعارضة». وقال: «الموالاة لم تأخذ في الاعتبار الحقيقة التي تنص عليها البنود الأساسية التي أتت في متن المبادرة العربية. اما البند الثاني، فهو البند الذي بدا الخلاف عليه واضحا تماما، بأن الموالاة في الموقف الخاص بها بالنسبة الى التركيبة الحكومة فإنها لا تريد ان تعطي المعارضة الثلث الضامن، ولا حتى قبلت بالمثالثة. إذن، هناك تصلب من ناحية الموالاة في مواجهة مطالب المعارضة والتي هي محدودة خاصة ان المعارضة لا تطلب الاستئثار إنما كل ما تريده هو المشاركة الحقيقية والتي تؤمن من خلال المثالثة مع الضمانات او الثلث الضامن. وهذا يعني إمكان الخروج من الأزمة التي نحن بصددها في لبنان».

ونفى عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا ان تكون الامور «وصلت الى نقطة الصفر في ضوء ما وصل اليه الاجتماع الرباعي». وقال: «لا نستطيع القول ان الامور عادت الى نقطة الصفر لأنه وللمرة الاولى يكون هناك نقاش جدي، ولأول مرة يقدم كل فريق وجهة نظره بصورة واضحة، بحيث ان المواقف انكشفت ولم يعد هناك غموض وغشاوة. وأصبح واضحا من هو الفريق الذي يريد المشاركة الحقيقية والمؤثرة ومن هو الفريق الذي يريد الاستئثار ويريد ان تبقى المعارضة ممثلة بشكل هامشي وجزئي».

وردا على سؤال اذا كانت المرحلة المقبلة ستشهد تحركات في الشارع بعدما وصل الحل السياسي الى أفق مسدود، أجاب: «اعتقد بأنه كان هناك توافق بين الجميع على ضبط الشارع وإبقاء الخطاب السياسي في اطاره السياسي، فلا يكون هناك من تعرض شخصي خارج عن العمل السياسي المتبع في كل دول العالم. ليست هناك خطة بكل معنى الكلمة. ونحن نرى انه بمجرد ان تخف التصريحات الرنانة والمجيشة التي شهدناها في الفترة الاخيرة يخف ضغط الشارع تلقائيا».