وزير الداخلية الألماني يدعو الصحافة الأوروبية لإعادة نشر الرسوم المسيئة للنبي

مظاهر الاحتجاج في العالم العربي متواصلة

TT

أثارت دعوة وزير الداخلية الألماني فولغانغ شويبله، الصحف الأوروبية لاحتذاء حذو الصحافة الدنماركية ونشر الرسوم الكرتونية المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ردود فعل غاضبة في الأوساط المسلمة في ألمانيا. وعبر الوزير في مقابلة مع مجلة «زايتمغازين ليبن» عن احترامه لقيام الصحف الدنماركية بنشر الرسوم، مجددا تحت عنوان «لن نسمح لأحد بتقسيم مواقفنا».

وعبر الدكتور أيوب أكسل كولر رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، عن امتعاضه من تصريحات وزير الداخلية الألماني قائلا في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» انه لا يعرف ما الذي يريده من هذه التصريحات، إلا أن المجلس سيسأله في إطار لقاءات القمة التي تنظمها المستشارة انجيلا ميركل، بهدف تعزيز اندماج المسلمين في المجتمع الألماني. واعتبر كولر أن تصريحات شويبله «تعرض الأمن الداخلي للخطر»، في إشارة واضحة إلى فقرات الدستور الألماني التي تدين الأفعال التي تعرض الأمن الداخلي للخطر. وكان الوزير وهو من الحزب الديمقراطي المسيحي، اعتبر نشر الرسوم جزءا من حرية الصحافة في أوروبا. وقال «إن على كافة الصحف الأوروبية نشر الرسوم مع التوضيح التالي: نجدها بائسة، لكنها ليست سببا لممارسة العنف ضد حرية الصحافة». وعبر شويبلة عن قناعته بأن دور الأديان لن ينحسر في القرون القادمة، مشيرا إلى «ان الأديان ستحتفظ بأهميتها خلال القرن الـ21، وبالتأكيد ليس بالنسبة للإسلام فقط.. وستفهم البشرية في نهاية المطاف أنها لن تستطيع المضي من دون دين».

وفي رده على هذه التصريحات، أكد كولر أن المجلس المركزي للمسلمين، يقف مع حرية الصحافة، ويدافع عنها ويرفض ممارسة العنف ضد رأي الآخر، «لكن ما فعله شويبلة يصب الزيت على النار ويلهب النقاش من جديد حول هذه الرسوم، كما أنه يسيء إلى العلاقات بين الجماعات الدينية المختلفة التي تتعايش في ألمانيا». من جانبها، أكدت وزارة الداخلية الألمانية نفيها لما نسبت إلى وزير الداخلية. وقالت مسؤولة في المكتب الإعلامي بوزارة الداخلية الألمانية في تصريح هاتفي لوكالة الأنباء الألمانية إن الوزير تحدث عن كتاب للكاتب الألماني ميشائيل كومبفموللر تناول فيه حرية الصحافة.

وأضافت أن شويبله أيد هذه الحرية وعبر عن تفهمه لتصرف الصحف الدنماركية قائلاً في الوقت ذاته إن على من يعيد نشر الرسوم أن يوضح أنه أيضا يرى أن هذه الرسوم «مشينة» ولكن الاستفادة من حرية الصحافة ليست سببا لممارسة العنف.

ويمثل حاليا أمام محكمة دسلدورف الشاب اللبناني يوسف الحاج ذيب بتهمة محاولة تفجير قطارات ألمانية عام 2006. واعترف الحاج ذيب بأنه لا ينتمي إلى منظمة إرهابية، وأن محاولته الفاشلة في صيف 2006 جاءت كرد فعل على نشر الرسوم المسيئة لشخصية النبي. وتتهم النيابة العامة الشاب بالانتماء إلى منظمة إرهابية ومحاولة تفجير ملاعب كرة القدم ابان كأس العالم لكرة القدم في ألمانيا عام 2007. وفي الخرطوم، خرجت امس مظاهرة غاضبة ضد اعادة نشر الرسوم، وندد المتظاهرون الذين قدرت مصادر في الشرطة ان عددهم مئات الآلاف بما وصفوه بالسلوك المشين للدنماركيين تجاه المسلمين، وهتفوا ضد عملية اعادة نشر الرسوم المسيئة مرددين «لا للحوار، المقاطعة هي القرار»، مجددين بذلك قرار الرئيس عمر البشير بمقاطعة البضائع الدنماركية، وحظر الدنماركيين من دخول السودان.

وجدد البشير الذي خاطب المتظاهرين امام القصر الرئاسي، قراره بمقاطعة البضائع الدنماركية، وحظر دخول الدنماركيين الى البلاد، ووعد بما سماه الرد الحاسم للاساءة الدنماركية، وقال «نحن لن نتوقف في حدود مقاطعة السلع أو المقاطعة الدبلوماسية.. نحن قادرون على ان نرد الرد الحاسم، ويجب أن نرد الرد الحاسم، الذي يعبر تعبيرا حقيقيا عن مكانة رسولنا العظيم». وطالب البشير بلهجة غاضبة كل المسلمين في انحاء العالم باتخاذ ذات القرارات التي اتخذها السودان بمقاطعة السلع والشركات والشخصيات والمؤسسات الدنماركية، مؤكدا «عدم السماح لأي دنماركي، بأن تدنس قدمه ارض السودان». وانتهز البشير الفرصة امام الجماهير الغاضبة في المظاهرة، التي نظمها المنبر السوداني لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتضم احزابا سياسية ومجموعات دينية ومنظمات مجتمع مدني، وسدد هجوما عنيفا على الغرب، وتساءل في هذا الخصوص: «لماذا التطاول على الرسول، في الوقت الذي ترخص فيه دماء واعراض المسلمين في فلسطين والعراق وافغانستان والبوسنة».

وفي عمان، دعت وسائل اعلام اردنية، الصحافة العربية والاسلامية، الى الانضمام الى حملة مشتركة، احتجاجا على اعادة صحف دنماركية نشر الرسوم الكاريكاتورية. ودعا زكريا الشيخ، مسؤول الحملة التي اطلق عليها «رسول الله يوحدنا»، خلال مؤتمر صحافي في عمان «الدول العربية والاسلامية، لرفع الصوت والاتحاد من خلال الاعلام للرد على الهجمة على الرسول الكريم». وشاركت نحو 30 صحيفة وموقعا الكترونيا واذاعة اردنية في الحملة، من خلال الصدور بصورة موحدة، وعناوين موحدة وتغطية اعلامية خاصة امس.

وقال الشيخ رئيس تحرير موقع «الحقيقة الدولية» الالكتروني، ان اعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية، تحت مبرر حرية التعبير، هو «انتهاك صارخ وواضح ومباشر لحرية التعبير». وأضاف أن «هذه الممارسات لا تمت الى حرية التعبير بصلة، وانما هي اختطاف لأداة الصحافة، بهدف تنفيذ وتمرير مخططات مسيحيين متصهينين».