ميدفيديف ينتقد بوتين من دون قصد

روسيا تستعد للانتخابات الرئاسية الأحد من دون ترقب للنتيجة المعروفة سلفا

TT

في أغرب انتخابات تشهدها روسيا منذ انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، يواصل انصار الكرملين حملتهم لتأييد مرشح السلطة دميتري ميدفيديف الذي سبق وقدمه الرئيس فلاديمير بوتين خليفة له على عرش الكرملين. وتكتسب هذه الحملة بعدا خاصا على وقع المناخ العام السائد في الساحة الروسية والذي يتسم بالكثير من اللامبالاة قبيل انتخابات الاحد المقبل التي يصعب ان تجد في روسيا احدا يجهل نتائجها الاولية والنهائية، والتي تقول الشواهد انها تؤكد فوز مرشح الكرملين بنسبة تقترب من 70% مقابل 12-15% لمرشح الحزب الشيوعي جينادي زيوغانوف وما يقرب من 10% لفلاديمير جيرينوفسكي زعيم الحزب الليبرالي الديموقراطي، وما هو دون 1% لاندريه بوغدانوف رئيس الحزب الديموقراطي.

وفي الوقت الذي يعرب فيه المرشحون الثلاثة الاخرون عن احتجاجهم تجاه قصر الدعاية الانتخابية في النشرات الاخبارية المسائية مقابل تلك التي يحظى بها مرشح السلطة ميدفيديف، يتوقف ابرز العلماء والخبراء الاقتصاديون عند تحليل خطة بوتين التي يتبناها ميدفيديف من وجهة النظر الاقتصادية. وحمل علماء معهد الاقتصاد التابع لاكاديمية العلوم الروسية على ما يقوله الكرملين عن الانجازات الاقتصادية الخارقة التي حققها بوتين خلال الفترة 2000- 2008 مؤكدين ان النهج الاقتصادي والاجتماعي السابق في حاجة الى اعادة نظر. وقال هؤلاء ان السلطة لم تفلح في الاستفادة بالقدر الكامل من الطفرة الكبرى في اسعار المواد الخام والطاقة خلال الفترة الماضية الى جانب الارتفاع الكبير في نسبة التضخم وعدم نجاح سياسات الاصلاح الاداري ومحاولات اصلاح نظامي التقاعد والاسكان وفرض التعويضات النقدية بديلا للدعم وتامين حق الملكية الخاصة في روسيا.وثمة من يقول في موسكو اليوم ان هذا الفساد نتيجة طبيعية لاختلاط المفاهيم بعد ان تحولت السلطة الى مفسدة تجعل من جوهرها سبيلا الى الثراء الفاحش غير المشروع بعد ان استطاعت عمليا انتزاع المال من اساطينه المعروفين في موسكو تحت اسم «الاوليغاركيا» والذين سبق وحققوا ثروات عن غير حق. ولعل ما يقوله ميدفيديف في اطار حملته الانتخابية حول ضرورة البناء والتغيير وارساء دعائم القانون ومبادئ الديموقراطية، هو في طياته اعتراف بكل ما تقدم ذكره من سلبيات ونقد غير مباشر، وإن كان من دون قصد، في حق سلفه فلاديمير بوتين الذي سبق واكد خلال لقائه مع اعضاء مجلس الدولة في مطلع فبراير (شباط) الجاري ما يقف على طرفي نقيض مع كل هذه الآراء.

ومن هنا لا يستبعد بعض المراقبين احتمالات الخلاف لاحقا بين قطبي السلطة اي بين الرئيس ميدفيديف ورئيس حكومته فلاديمير بوتين من منظور موافقته على شغل هذه الوظيفة في فريق خلفه. ويتوقع هؤلاء، ومنهم الكسي فينيديكتوف رئيس تحرير اذاعة «صدى موسكو» ذات التوجهات المعارضة للكرملين، احتدام الخلافات بين اعضاء فريق ميدفيديف ومعظمهم سيرثهم في اغلب الظن عن سلفه بوتين، ما يجعل بوتين متمسكا بشغل منصب رئيس الحكومة كي يكون على مقربة من اجل تصحيح المسار والاحتفاظ بخيوط اللعبة.