الأكثرية البرلمانية متمسكة بالمبادرة العربية ولكن بعض أقطابها قلقون على الوضع الأمني

الأزمة اللبنانية تراوح مكانها في انتظار القمة العربية

TT

تعيش الساحة السياسية في لبنان حال مراوحة في انتظار ما تفضي اليه الاتصالات والمداولات العربية الجارية حاليا او تلك المنتظرة في القمة المرتقبة، لايجاد حل للازمة المستفحلة، بدءا من التوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتأليف حكومة جديدة تنصرف الى معالجة المشكلات القائمة.

وقد امل الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي «ان تنعقد القمة العربية، وان تحصل علاقات جيدة بين الدول العربية تنعكس مزيدا من الارتياح في الوضع اللبناني»، فيما اعتبرت وزيرة الشؤون الاجتماعية نايلة معوض «ان المبادرة العربية تشكل الحل الاقل كلفة لتحصين سيادة لبنان».

ورأى ميقاتي، في حديث الى قناة «الاقتصادية» السعودية، أن «الوضع الامني في لبنان لا يدعو الى القلق رغم بعض الاحداث المحدودة التي تحصل من وقت الى آخر، لأن جميع الأفرقاء يعلمون أن أي اخلال أمني واسع النطاق سيدفع الجميع ثمنه، وسيكون لبنان كله، من دون استثناء هو الخاسر الاكبر بسببه». وتمنى «أن تعقد القمة العربية المقبلة وأن يحصل لقاء مصارحة بين الاخوة العرب تنتج عنه علاقة جيدة بين الدول العربية ما ينعكس مزيدا من الارتياح في الوضع اللبناني، آملا ان يحضر القمة جميع الملوك والرؤساء والقادة لأن في ذلك خيرا لهم وللبنان». وقال: «لا أرى حلا سريعا لكل الواقع اللبناني، وأتمنى حصول مرحلة استقرار يتم خلالها انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة تنكب على معالجة المشكلات المطروحة الواحدة تلو الأخرى. مصدر الخوف الاكبر عندي راهنا هو انهيار المؤسسات الدستورية الواحدة تلو الاخرى ومحاولة كل طرف تفسير الدستور بما يتوافق مع تطلعاته». وقال: «إنني أشعر بأسف، كما غيري من اللبنانيين، من المواقف المتباعدة للفريقين، والحالة التي أوصلا البلد اليها. فالمقاربة التي اعتمدها فريق 14 آذار في خلال السنوات الثلاث الأخيرة أدت الى تعثر واضح لم يحقق الاستقرار المنشود، كما أن فريق 8 آذار لم يقدم مشروعا مقنعا لبناء الدولة بعد».

وعن العلاقة اللبنانية ـ السورية، قال: «يجب ان تبنى العلاقة بين لبنان وسورية على أسس صحيحة بين دولتين شقيقتين مستقلتين وتتمتعان بالسيادة الكاملة على أراضيهما».

الى ذلك، ذكرت الوزيرة نايلة معوض اثر استقبالها امس سفير دولة الامارات العربية المتحدة محمد سلطان السويدي «ان الحديث تركز على موضوع المبادرة العربية، التي لا نزال نتمسك بها بدءا من أولوية انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، لانها تشكل الحل الاقل كلفة لتحصين سيادة لبنان وتحييده عن مصالح المحاور الاقليمية».

اضافت: «من الواضح ان النظام السوري عبر حلفائه في لبنان ما زال مستمرا في سياسة التعطيل والانقلاب على هذه المبادرة، وهذا كان واضحا في موقف العماد ميشال عون في الجلسات الرباعية حيث تبين انه مفوض من الاقلية التعطيل وليس الحل، فالصيغ الثلاث التي طرحتها الاقلية هي في الشكل متعددة ولكنها في المضمون تؤدي الى نتيجة واحدة هي محاولة الاقلية الامساك بالقدرة على التعطيل استكمالا لمنهجية ضرب مؤسسات الدولة وتفريغها».

ورأت «ان كل هذا يؤكد بوضوح ان المشكلة في لبنان ليست مشكلة في ادارة الدولة ولا مشكلة مشاركة، بل انها تتمحور حول سؤالين: الاول، هل هناك ارادة وقدرة لدى قوى 8 آذار ان تتحرر من قرار النظام السوري الرامي الى ضرب المؤسسات الشرعية في لبنان من مجلس نواب الى حكومة الى رئاسة جمهورية الى مؤسسات امنية شرعية وعلى رأسها الجيش اللبناني، بهدف تحويل لبنان ساحة بتصرف مصالح هذا النظام ولتمكينه من مفاوضة اسرائيل والمجتمع الدولي على اشلاء لبنان واللبنانيين. والثاني، هل يقبل حزب الله ان يكون حزبا لبنانيا تحت سقف الصيغة والطائف وتحت سقف النظام الديموقراطي التعددي الحر في لبنان؟ ام انه يريد ان يبقى هو الدولة، وان يتحول لبنان بالتالي الى دويلة بتصرف هذه الدولة وبتصرف الحروب المفتوحة والشبكات الممتدة من حماس في فلسطين الى جيش المهدي في العراق الى النظامين الايراني والسوري؟ هذا هو جوهر المشكلة. وليكن واضحا للجميع اننا لن نخضع لا لمصالح النظام السوري ولا لدولة حزب الله».

اما وزير الاشغال والنقل محمد الصفدي فاعتبر «ان تعثر المبادرة العربية وعدم التوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان لا يعني فشل هذه المبادرة التي تبقى الوحيدة المطروحة وهي تحظى بدعم عربي ودولي واسع». وقال: «ان لا خروج من النفق قبل انتخاب رئيس للجمهورية يرعى طاولة مستمرة للحوار بين اللبنانيين حول كل المواضيع الشائكة والمختلف عليها»، موضحا «أننا نستطيع أن ننتخب رئيسا للجمهورية لأننا في حاجة إلى وجوده حتى يحمي التوازنات في داخل الوطن ويكون أبا لجميع اللبنانيين». واذ تمنى الصفدي «ان يتحقق خرق ايجابي على مستوى القمة لصالح حل الازمة اللبنانية، قال: «أن الوضع في البلاد وصل إلى مرحلة صعبة للغاية، وبلغ الانشقاق اللبناني حدا كبيرا، لكني واثق من أن جميع القوى السياسية، وعلى الرغم مما يجري، مهتمة بالحفاظ على الأمن في لبنان وعدم الانجرار إلى فتن طائفية أو مذهبية».

من جهته، الرئيس الاسبق للحكومة عمر كرامي اعتبر «ان الازمة اللبنانية ليست داخلية بل يتداخل فيها الاقليمي والدولي»، ورأى أنه «إذا لم يحصل تفاهم بين سورية وإيران من جهة والسعودية وأميركا من جهة أخرى، فمن الصعب إيجاد حل لهذه الأزمة». وتخوف كرامي من «انفجار الوضع الداخلي نظرا للخطاب السياسي المتشنج والهابط»، وأمل «أن تمر الأزمة بسلام من خلال وعي القيادات التي تحب لبنان وأوضح أن «القمة العربية، حسب معلوماته، ستعقد في موعدها في دمشق بمن حضر وعلى أي مستوى».

واعتبر رئيس لجنة الادارة والعدل في البرلمان اللبناني واحد المرشحين السابقين لمنصب الرئاسة النائب روبير غانم «ان الخطر هو أن نبقى في هذه الدائرة التي ندور فيها من دون تقدم، والمطلوب واحد وهو أن يكون عند المسؤولين اللبنانيين الحد الأدنى من التوافق، لأن أي مبادرة أو أي دعم عربي وغير عربي يمكن ان يأتي للبنان لا يمكن ان ينجح الا إذا كان هناك حد أدنى من التوافق بين اللبنانيين».

وقال: «أنا لا أريد أن أكون متشائما لكن يجب أن نصل الى شيء ما في خلال هذه الاسابيع الثلاثة المقبلة، وإلا فستكون الأمور خطيرة أكثر والموضوع الأمني ليس بيد اللبنانيين، فكلنا يعرف أن الساحة اللبنانية مفتوحة وبالتالي هناك أعداء في لبنان وعلى رأسهم إسرائيل، قد تسعى في زمن ما وفي وقت ما إلى ضرب اللبنانيين في الداخل حتى تتمكن هي من الانتهاء من مشاكلها مع الفلسطينيين وسواهم وتنقل الانظار الى خارج إسرائيل».

من جهة ثانية، قال عضو كتلة «المستقبل» النائب هادي حبيش، ردا على سؤال حول قدرة لبنان على تحمل المزيد من الانتظار «ان الشعب اللبناني بشكل عام شعب صامد واعتاد على الأزمات والخلافات السياسية، ولكن هذا لا يبرر الوضع المتأزم في البلد ولا يبرر بقاء فريق في لبنان ينتظر القرار السوري لحل الازمة الداخلية في البلد، من هذا المنطلق على جميع اللبنانيين ان يترفعوا عن الخلافات الشخصية وعن الارتباطات الاقليمية لحل الأزمة الداخلية».

من ناحية اخرى، رأى عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب فريد الخازن «اننا اليوم في لبنان في وضع المراوحة وليس هناك من إمكانية لإيجاد حل سريع للأزمة، وفي الوقت نفسه ليس هناك نية عند أي طرف لإحداث اي تصعيد. «.وأضاف: «المبادرة اصبحت وكأنها في الوقت الحاضر تساعد على إدارة الأزمة في لبنان وهذا أمر مؤسف والمطلوب هو إيجاد حل والخروج من هذا المأزق الذي نعاني منه»، سائلا «أليس من المخجل انتظار ما يدور في الخارج، اين هو السقف المطلوب لتنازلات متبادلة؟».