إرجاء مفاوضات الصحراء بضعة أيام بناء على طلب أحد الطرفين

100 صحراوي غادروا مخيمات البوليساريو

TT

بلغ عدد الصحراويين المغادرين مخيمات جبهة البوليساريو في تندوف، حتى يوم أمس، حوالي مائة رجل وامرأة. وتوقعت مصادر ارتفاع العدد خلال الأيام المقبلة إلى 200 شخص. واعتبرت المصادر ذاتها أن هذه المغادرة الجماعية جاءت تلبية لتوصيات مؤتمر اكجيجمات، الذي التأم في يناير (كانون الأول) الماضي، تحت خيام نصبها شيوخ صحراويون رافضون لسياسات البوليساريو، قرب منطقة تيفاريتي العازلة، التي نظمت فيها الجبهة في نفس الفترة مؤتمرها الثاني عشر.

وذكر مصدر رسمي مسؤول أن المغادرين دخلوا الصحراء عبر النقطة الحدودية الكركرات (280 كلم جنوب الداخلة) التي تربط المغرب بموريتانيا. وأضاف أن المغادرين وصلوا ليلة الثلاثاء الأربعاء عبر سياراتهم الخاصة، وتواصل توافدهم طيلة أول من أمس، مشيراً إلى أنهم ينتمون إلى فئات عمرية واجتماعية مختلفة.

وهذه اول مرة منذ اندلاع نزاع الصحراء قبل 33 سنة، يغادر فيها صحراويون بشكل جماعي، وبهذا الحجم الكبير، مخيمات البوليساريو. وقال نناه ولد موماي ولد باهية، المسؤول العسكري السابق في البوليساريو، لـ «الشرق الأوسط»: «انهم عادوا للمغرب لاقتناعهم بمشروع الحكم الذاتي الموسع الذي طرحه العاهل المغربي الملك محمد السادس كحل عقلاني لنزاع الصحراء».

وفي سياق ذلك، قال حمادة ولد درويش، المتحدث الرسمي باسم العائدين، إن العائدين مجموعة من الصحراويين اتخذوا القرار دون أي ضغط بهدف الاندماج في الدينامية التي بدأت قبل سنتين جراء مبادرة الحكم الذاتي. وأضاف درويش، الذي كان يتحدث الليلة قبل الماضية، في مؤتمر صحافي بمنطقة امهيريز (تبعد 50 كلم عن الحدود الموريتانية)، إن هناك ضمن المجموعة شخصيات معروفة تتكون من شيوخ قبائل صحراوية، وكوادر، ووجهاء، ومقاتلين معروفين، ونساء مارسن مهام سياسية، مشيراً إلى أن عدد المغادرين سيتزايد خلال الأيام المقبلة.

وأوضح درويش أن سبب مغادرة المخيمات يكمن في الاقتناع بعد 33 سنة من الصراع، الذي أدى إلى تفكك الكثير من الأسر الصحراوية، مما خلق لديهم نوعاً من مراجعة الذات، وطرح تساؤلات حول الحل العقلاني للقضية. وأضاف: «لقد خلصنا إلى أن الحل يجب أن يكون سياسيا بصيغة توافقية، وهو ما وجدناه في مقترح الحكم الذاتي».

وكشف درويش عن مفاوضات سرية جمعته خلال الأشهر الماضية بخليهن ولد الرشيد، رئيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، بالعاصمة المغربية الرباط، بهدف وضع الترتيبات الكفيلة بتسهيل عملية انتقال الصحراويين عبر موريتانيا، في أحسن الظروف.

وحضي العائدون باستقبال في منطقة امهيريز التي يستقرون بها في انتظار توزيعهم على مختلف المحافظات الصحراوية بناء على رغبتهم. وغادر العائدون أمس قرية امهيريز، باتجاه العيون (كبرى محافظات الصحراء)، المحطة الأخيرة لهذه المجموعة حيث ستكتمل إجراءات منحهم اوراقا ثبوتية تمكنهم من الاندماج في حياة نشطة مع ضمان سكن ومرتب شهري لكل عائد.

وذكرت مصادر مغربية مأذونة أن حفلاً رسمياً كبيراً سيقام في غضون الأسبوع الجاري بالعيون لاستقبال هؤلاء، يتوقع ان يحضره مسؤولون كبار بينهم اعضاء في المجلس الاستشاري الملكي للشؤون الصحراوية، الذي يتولى الاشراف على هذا الملف. يشار إلى أن مغادرة هؤلاء مخيمات البوليساريو تأتي أياما قليلة قبل انعقاد الجولة الرابعة من المفاوضات المباشرة التي ستجمع المغرب وجبهة البوليساريو في منتجع منهاست (ضواحي نيويورك).

إلى ذلك، أكدت ميشيل مونتاس، المتحدثة باسم الامم المتحدة اول من امس ان الجولة الرابعة من المفاوضات المباشرة التي ستجمع المغرب والبوليساريو، في ضواحي نيويورك، تأجل موعدها، اذ سيلتقي الجانبان من 16 الى 18 مارس (آذار) المقبل، بدلا من 11 الى 13، الموعد الاصلي، الذي اتفق عليه الطرفان، بعد انتهاء الجولة الثالثة.

ولم توضح المسؤولة الدولية أسباب هذا التأجيل، كما لم تحدد الجهة التي طلبته، مكتفية بالإشارة إلى أن أحد الطرفين تقدم بطلب الإرجاء، وأن المفاوضات ستجري في نفس المكان، الذي شهد الفصول الثلاثة الماضية.

وقالت كونتاس ان المبعوث الخاص للامين العام الى الصحراء بيتر فان فالسوم، سيبذل قصارى جهده، لإخراج المفاوضات من حالة «الجمود»، موضحة ان حل نزاع الصحراء يعود في النهاية الى الطرفين المعنيين، وليس الى الامانة العام للامم المتحدة.

من ناحيته، امتنع ابراهيم غالي، الممثل الجديد لجبهة البوليساريو في الجزائر، عن إعطاء الاسباب التي كانت وراء تغيير اجندة المفاوضات، لكنه اضاف انه مهما تكن الاحوال، فان “البوليساريو” ستذهب الى ما وصفه «مفاوضات جدية» من اجل تطبيق صارم لقرارات الامم المتحدة، الهادفة من وجهة نظره الى تحرير الصحراء الغربية من الاستعمار. وتتم الجولة الرابعة من المفاوضات، عقب الجولة التي قام بها فالسوم لدى الاطراف في المنطقة، بحثا عن عناصر جديدة من شأنها تحريك جمود المفاوضات، لكن الدبلوماسي الاممي عاد من جولته التي شملت المغرب والجزائر وموريتانيا ومخيمات تندوف (جنوب غربي الجزائر)، بقناعة وجود تباين كبير في المواقف بين الاطراف. وصرح عقب ذلك بأنه ليس بحوزته مخطط جديد لتكسير جمود المفاوضات، موضحا انه سيكون من قبيل الاوهام، القول إن جولة التفاوض الرابعة ستنهي النزاع حول الصحراء.