محمد البرعي انتظره والداه 5 سنوات وغيبته إسرائيل بعد 6 أشهر من ميلاده

TT

لم يصدق ناصر البرعي، 27 عاماً، عينيه قبل ستة اشهر عندما كان ولده الرضيع محمد ينام بجوار أمه في مستشفى «دار الشفاء» في مدينة غزة. فميلاد محمد كان إيذاناً بنهاية رحلة عذاب استمرت خمس سنوات لكل من ناصر وزوجته، توجها خلالها إلى عدد كبير من الأطباء بعد أن تأخر حمل الزوجة. وخلال هذه الفترة، ظل الزوجان يحلمان بطفل يضفي على منزلهما جواً من العاطفة والدفء. وليلة أول من أمس تحول حلم ناصر وزوجته الجميل، والذي تحقق بعد كل هذا العناء، إلى كابوس، عندما قتل محمد جراء انهيار سقف غرفة النوم التي كان ينام فيها بعد أن تعرض مبنى وزارة الداخلية في الحكومة المقالة القريب من مخيم الشاطئ للقصف. وكان ناصر خارج البيت عند القصف، بينما كانت زوجته تغط في نوم عميق برفقة رضيعها، لكن قبل القصف بعشر دقائق أخذ محمد يصرخ، فقامت أمه لإعداد حليب لإسكاته، وبينما كانت في المطبخ تقوم بإعداد الحليب، دوى صوت الانفجار، فهرولت الأم مسرعة إلى غرفة النوم، مع أن زجاج المطبخ الذي تطاير قد انغرس في جسدها، لكنها لم تشعر بآلام، واتجهت لرضيعها، لتجد أن سقف الغرفة المكون من ألواح الزنك، قد سقط عليه، فيما امتلأت الغرفة غباراً، ليلفظ محمد أنفاسه الأخيرة، قبل عودة والده الذي وثقت كاميرات التلفزة لحظة لقائه المرير بمحمد، وهو جثة هامدة.

والذين حضروا صباح أمس أمام منزل العائلة لمسوا سريعاً حالة الذهول التي يحياها ناصر الذي كان يتحدث ببطء ومن دون تركيز. وقالت مصادر أمنية فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إن الطائرة الحربية الإسرائيلية ألقت قنبلة تزن طناً، على مقر الوزارة، مشيرة إلى أن القنبلة أحدثت قدرا هائلا من التدمير عبر ضغط الهواء على المنازل والمباني المجاورة.

وأشارت المصادر إلى أن هناك شكوكا في أن إسرائيل استخدمت نفس القنبلة في تصفية أحد قيادات «سرايا القدس» ـ الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في مخيم البريج قبل أسبوعين، فقتلت زوجته وثلاثة من أطفاله.