سليمان يلغي زيارة مخططة لإسرائيل عقب رفض أولمرت مبادرة مصرية للتهدئة

نائب باراك يهدد قطاع غزة بمحرقة إذا ما تواصلت الصواريخ

ركام المنازل التي دمرتها الطائرات الاسرائيلية في غزة امس (أ.ب)
TT

ألغى وزير شؤون المخابرات المصرية، عمر سليمان، زيارة لاسرائيل كان مخططا لها ان تتم يوم الثلاثاء المقبل، على أثر التدهور الحاصل في قطاع غزة، الذي اعتبرته القاهرة ردا سلبيا من تل أبيب على مبادرة مصرية للتهدئة. وذكرت مصادر سياسية مطلعة في القدس المحتلة، أمس، ان سليمان كان ينوي حمل خطة مصرية تقضي بوقف اطلاق النار بين اسرائيل وحركة حماس، وغيرها من التنظيمات الفلسطينية المسلحة في القطاع، يتم بموجبها الاتفاق على اعادة فتح معبر رفح ووضع قوات أميركية وأوروبية لإدارته، بتنسيق مع مصر وحماس، واستئناف المفاوضات حول صفقة تبادل أسرى بين حماس واسرائيل، يتم بموجبها اطلاق سراح الجندي الاسرائيلي الأسير، جلعاد شليط، مقابل اطلاق سراح حوالي ألف أسير فلسطيني وعربي. وحسب تلك المصادر أطلعت مصر الاسرائيليين على الخطوط العريضة لهذه الخطة، خلال زيارة قام بها الجنرال عاموس جلعاد، المستشار السياسي لوزير الدفاع الاسرائيلي، الى القاهرة.

ولم يبد على اسرائيل انها متحمسة للفكرة. وقالت ان فتح المعابر بهذه الطريقة لا يمنع تهريب الأسلحة والمسلحين من سيناء الى القطاع. وان اسرائيل ليست مستعدة للتهدئة مع حماس باتفاق مكتوب، طالما انها لا تعترف باسرائيل ولا تصادق على الاتفاقات الموقعة بين اسرائيل وبين منظمة التحرير الفلسطينية. وأدرك المصريون ان اسرائيل ليست معنية ولن تتفاعل مع خطة كهذه، ورأوا دليلا على هذا الموقف في التصعيد الاسرائيلي الحربي ضد قطاع غزة والرد على الصواريخ الفلسطينية بشكل مبالغ فيه، حيث انه بعد مقتل الطالب الجامعي الاسرائيلي ردت اسرائيل بقتل 34 فلسطينيا، 10 منهم أطفال. وأبلغت مصر موقفها هذا الى الادارة الأميركية، فقررت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، زيارة القاهرة يوم الثلاثاء المقبل للتباحث مع سليمان ومع الرئيس حسني مبارك حول تدهور الأوضاع في القطاع وكيفية التعاطي معه.

من جهة ثانية، قرر رئيس الحكومة الاسرائيلية، ايهود أولمرت، الذي عاد الى اسرائيل أمس من زيارة رسمية الى اليابان، ووزير دفاعه، ايهود باراك، أمس، مواصلة التصعيد الحربي ضد قطاع غزة من دون تنفيذ اجتياحات أرضية، والاكتفاء بالقصف الجوي والمدفعي. وفي الوقت نفسه قررا حشد المزيد من القوات العسكرية حول قطاع غزة، استعدادا لأي طارئ، بما في ذلك تنفيذ اجتياح واسع أو جزئي. واعترفت مصادر اسرائيلية بعجزها عن اغتيال أي من قادة حماس السياسيين أو العسكريين، بسبب اختفائهم عن الساحة تماما وعدم قدرتها على اكتشاف أي منهم. وقالت ان اغتيال شخصية حماسية كبيرة سوف يخفف من الضغط الداخلي الذي تتعرض له حكومة أولمرت، ولكن إذا استمر هذا الوضع الذي تقصف فيه حماس البلدات الاسرائيلية وتحرز اصابات بين المدنيين والذي تنفذ اسرائيل فيه غاراتها على المناطق السكنية في غزة وتسقط الضحايا بالعشرات، فإن الجيش سيضطر الى اقتحام غزة في عدة اجتياحات. ولكن اجتياحا كهذا لن يتم قبيل زيارة رايس الى المنطقة، الأسبوع المقبل، ولا قبل اجتماع المجلس الوزاري المصغر للحكومة الاسرائيلية، وهو الإطار صاحب الصلاحية لإقرار التصعيد الحربي الى هذا المستوى. وحتى يتم ذلك، يواصل وزير الدفاع، باراك، ونائبه متان فلنائي، تهديداتهما لقيادة حماس. فقال باراك، خلال زيارته الى مدينة عسقلان، التي تعرضت للقصف يومي أمس وأمس الأول، ان هؤلاء القادة يتحملون كامل المسؤولية عما يجري للشعب الفلسطيني في قطاع غزة والتدهور الحاصل في المنطقة. وقال فلنائي إن استمرار اطلاق الصواريخ الفلسطينية سيجلب كارثة كبيرة على الشعب الفلسطيني لأن اسرائيل ستستغل كل طاقاتها العسكرية في المعركة. ولفت النظر الى ان فلنائي استخدم كلمة «شوآه» بالعبرية، وهي الكلمة نفسها التي تطلق على المحرقة اليهودية في معسكرات الاعتقال النازية في ألمانيا وبولونيا وغيرهما من الدول الأوروبية. الأمر الذي دفع الناطق بلسان حماس، سامي ابو زهري، الى القول «ان اسرائيل بممارساتها الحربية ضد قطاع غزة تمثل النازية الجديدة في عصرنا».

وكشفت وزارة الدفاع الاسرائيلية، أمس، ان باراك يضع لنفسه أربعة أهداف يريد أن يستغل صواريخ حماس، حتى يحققها في حربه على غزة، وهذه الأهداف هي: وقف إطلاق الصواريخ، والقضاء على القدرات العسكرية لحركة حماس، وإضعاف حكمها في غزة وإن أمكن اسقاطه، وتحقيق الانفصال التام عن غزة على جميع الصعد والمستويات. ومع ان المراقبين أجمعوا على ان هذه أهداف كبيرة ومبالغ فيها، إلا ان باراك ذكرها في أكثر من مقام، وطلب من قيادة جيشه الاستعداد لعمليات عسكرية متعددة الاتجاهات والأحجام.